بعيداً من ملف التأليف الحكومي العالق بين مطالب ظاهرها حقائب وزارية وباطنها صراع على مضمون "السلة" الذي كان بالجملة فصار بالمفرق، وخصوصاً من باب قانون الانتخاب العتيد والاستحقاق المقبل بتأجيل تقني للانتخابات النيابية قد لا يتجاوز الاشهر الثلاثة، يبرز أمام لبنان الاستحقاق النفطي المتأخر على وقع المماحكات والصراعات والتي تكاد تضيع على لبنان فرصته التاريخية بالتحول بلدا نفطياً.
تحاول اسرائيل ازالة العراقيل التي تعيق وصول غازها الى تركيا ومنها الى أوروبا باستخدام مسارين محتملين: خط أنابيب من اسرائيل إلى تركيا وصولاً الى أوروبا عبر المياه الاقليمية اللبنانية والسورية وهذا أمر مستحيل، وبناء انبوب غاز يخرج مباشرة من اسرائيل الى قبرص ومنها الى تركيا وصولاً الى أوروبا. ومع مد الانبوب الاسرائيلي الى تركيا سيصير مستحيلاً على لبنان المشاركة فيه لايصال غازه الى أوروبا لأن الأمر سيُعتبر "تطبيعاً" مع تل ابيب، ولا يمكن قبول عبور الغاز اللبناني في الانبوب ذاته الذي يمر فيه الغاز الاسرائيلي، وقت تؤكد الدراسات والخرائط ان انبوباً واحداً فقط يمكن ان يمر من شرق المتوسط الى تركيا وأوروبا، اذ لا تحتمل هذه البقعة الجغرافية انشاء اكثر من انبوب، مما يعني إخراج لبنان من لعبة الغاز.
الحكومة
على مسار التأليف الحكومي، هدأت جبهة عين التينة - بعبدا، ليحول الرئيس نبيه بري سهامه في اتجاه "بيت الوسط" متحدياً الرئيس سعد الحريري "ان يمضي في التأليف" إذا استطاعوا تأليفها من دوننا فليقدموا على هذا الامر، ونتجه عندها الى المعارضة التي يراودني مناخها". وهو يتهم الحريري بنقل كلام غير صحيح قائلاً: "ارفض من لا يتعامل معي بصدق". وينفي بري معلومات يقدمها الحريري مفادها أن وزارة الاشغال من حصة "القوات"، وانه جرى الاتفاق على هذا الامر مع بري الذي قبل بالصحة بعد تنازل سمير جعجع عن الحقيبة السيادية، ويوضح لـ"النهار" إن "هذا الكلام لا اساس له من الصحة. قلت للحريري ان الحركة تطالب بحقيبتي المال والاشغال، ولا أمانع في القبول بالحقيبة الثالثة، أي وزير دولة من باب التسهيل. حقيقة، ندمت على موقفي الاخير. وأكرر أن لا خلاف ولا مشكلة بيني وبين سمير جعجع أو اي فريق، ولتحصل القوات على الحقيبة من الجهة التي قدمت لها هذا الوعد".
مؤتمر "المستقبل"
على صعيد آخر، اختتم "تيار المستقبل" مؤتمره العام الثاني، الذي عقده يومي السبت والأحد في مجمع "البيال"، بانتخاب الرئيس سعد الحريري رئيساً للتيار بالتزكية، وأحمد الحريري أميناً عاماً للتيار. وانتخب المؤتمر الذي شارك فيه 2400 ناخب، و400 عضو مراقب، 20 عضواً للمكتب السياسي بعد رفع عددهم بناء على توصية الرئيس الحريري، وعين الاخير وفقاً للنظام الداخلي للتيار، 12 عضواً. واللافت في الانتخابات كما في التعيينات انها حملت وجوها سياسية جديدة غالبها من الشباب، وادخلت العنصر النسائي بشكل واضح، كما وعد الرئيس الحريري سابقاً بان يبلغ الاعضاء من الشباب والنساء نحو 40 في المئة.
وقال الحريري في جلسة الافتتاح: "ينعقد المؤتمر في مرحلة من أدق المراحل في تاريخ لبنان والمنطقة العربية وأصعبها. وقد شئنا أن يواكب المبادرة السياسية، التي أطلقناها وأنهت الفراغ في رئاسة الجمهورية، بانتخاب فخامة الرئيس ميشال عون، ونقلت لبنان من المراوحة في دوائر الخطر واليأس والتعطيل، الى دائرة إنقاذ الشرعية من الانهيار. ولقد نجحنا بحمد الله في تجنيب لبنان الانزلاق نحو المخاطر المحيطة، وقرّرنا أن نقوم بتسوية سياسية، لم يكن لها من هدف سوى العبور بلبنان من حقول الألغام الإقليمية والمحلية الى منطقة آمنة تحت مظلّة الوفاق الوطني. هذا النجاح هو اليوم في الرصيد الوطني لتيار المستقبل. إنّه في رصيد المؤتمر الثاني للتيار، الذي يشكل علامةً فارقة في مسيرتنا التنظيمية والسياسية والديموقراطية...".