الرئيس نبيه بري الآتي من الجنوب ابن الوحدة الوطنية الشيعية المسيحية خرّيج مدرسة الحكمة لدى الرهبانية المارونية والمحامي المتدرج في مكتب المحامي الراحل عبدالله لحود الماروني، قرر ان يحارب العهد وسمير جعجع وفي ذات الوقت ان يحشر الرئيس سعد الحريري عبر لعبة هامة وذكية يلعبها الرئيس نبيه بري في ذكاء ودهاء كبيرين، وهو تغذية الخلاف المسيحي، الذي هو فعليا غير موجود لان انتخابات الرئاسة انتهت، وفاز العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وحل الوزير سليمان فرنجية في المرتبة الثانية.
وبالتالي، انتقلت الاحداث الى تشكيل الحكومة، لكن الرئيس نبيه بري في عمق تفكيره يتساءل من سيحكم في المرحلة القادمة، بعبدا ام عين التينة، خاصة وانه متخوف من محاصرة قصر عين التينة بحلف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، مع جذب الرئيس سعد الحريري الى هذا المحور واختيار الوزير وليد جنبلاط الحياد، وعندها تصبح اللعبة محصورة عند الشيعة.
لدى جمهور حزب الله راحة تامة، ولدى قيادة حزب الله راحة تامة وان هم كلفوا الرئيس بري بالتفاوض السياسي، فحزب الله يحقق الانتصار تلو الانتصار في سوريا، ورهانه بالدخول الى ساحات الصراع في سوريا نجح، واثبت حزب الله إقليميا وعربيا ودوليا انه قوة قادرة على تغيير موازين القوى، من اليمن مع الحوثيين، الى العراق وخاصة في سوريا في وجه جيش التكفيريين، الذين كانوا يريدون تقطيع سوريا وقطع الطريق على حزب الله من جهة سوريا ومحاصرته في جنوب لبنان، ولا تهمهم التفاصيل اذا كان هذا الوزير في تلك الحقيبة او آخر. وجمهور من غير جمهور حزب الله، لكنه قريب الى حد ما وعدده قليل، لا يزيد على أصابع اليد، بدأوا يتساءلون كيف يوافق العماد ميشال عون على ان يذهب الوزير جبران باسيل الى مطار بيروت لاستقبال وزير خارجية السعودية، فيما يرسل موظفة في وزارة الخارجية لاستقبال وزير خارجية قطر، رغم ان العلاقات مقطوعة مع قطر، او غير ذلك، لكن تعامل الوزير جبران باسيل مع السعودية شيء، وتعامله مع قطر شيء آخر.
ويسجل هذا الخطأ في خانة الوزير جبران باسيل ووزارة الخارجية اذ من المعيب استقبال وزيرا خارجية عرب واحد عبر وزير والثاني عبر موظفة.
لكن حزب الله مرتاح الى الوضع، كان على كاهله وعلى اكتافه عبء كل لبنان، فتوزعت المسؤوليات الان واصبح هنالك رئيس جمهورية يتحمل مسؤوليته، وسيكون للبنان حكومة جديدة تتحمل المسؤولية، وربما قائد جيش جديد في المرحلة القادمة، وستجري تغييرات كثيرة، بشكل تريح حزب الله من ان يحمل وحده عبء الوضع الأمني في لبنان وعبء المشاكل الاقتصادية والمالية التي كان يتحملها في غياب وجود حكومي ووجود رئيس جمهورية وجمود المجلس النيابي.
اما حركة أمل، فرئيسها الرئيس نبيه بري يقوم بتغذية الخلاف بين المسيحيين وهو يستعمل إعطاء حقيبة وازنة للوزير سليمان فرنجية كي يحارب الرئيس العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وهدفه في الدرجة الأولى محاربة عون واضعافه وشل طاقته، كي تصبح رئاسة مجلس النواب اقوى من رئاسة الجمهورية. وهذا أمر اعتاده بعض رؤساء المجالس السابقين القليلين، ربما منهم المرحوم كامل الاسعد، والذي يسمع نشرة الاخبار على محطة الـ ن.ب.ن. الناطقة باسم حركة امل يرى بوضوح ان بري يخوض المعركة ضد عون وجعجع بالتحديد، ويمد خيوطاً تحت الطاولة مع الرئيس امين الجميل ويعلن دعمه المطلق والمعلن للوزير سليمان فرنجية، واعطاءه وزارة وازنة.
لماذا بري قرر لعبة اضعاف المسيحيين وشقهم وتغذية خلافهم، مع ان المسيحيين غير منقسمين وقد ارتاحوا بعد انتخاب رئيس جمهورية ماروني قوي مثل العماد ميشال عون، وعلى أي أساس اتخذ الرئيس نبيه بري قراره بمعارضة انتخاب العماد ميشال عون، وهو مرشح مثله مثل فرنجية، وقريب من 8 اذار وقريب من حليفه حزب الله لا بل متحالف مع حزب الله، وليس من خصومة سابقة بين بري والعماد ميشال عون، ثم ان الحرب على سمير جعجع يفهمها بري وجعجع، فهما حليفان واعداء في ذات الوقت، والذي يفعله جعجع يخدم بري والذي يفعله بري يخدم جعجع، لان جعجع قام بتحييد نفسه عن المعركة، والرئيس بري قام بتحييد حركة امل وحزب الله عن المعركة، ووضع المعركة بين القوات وفرنجية، لاحراج العماد ميشال عون تجاه حلفه مع الدكتور سمير جعجع، وفي ذات الوقت تغذية الخلاف المسيحي - المسيحي.
طبعا مقابل خطة بري غير المقبولة مسيحيا، والتي تجعل الرأي العام المسيحي في لبنان يبتعد عن الرئيس نبيه بري، ويقول ان هذا المسؤول الكبير يريد تحطيم معنوياتنا كمسيحيين، هنالك أخطاء ارتكبها العماد ميشال عون عندما سلم جبران باسيل تشكيل الحكومة وإدارة قطاع الاتصالات وقطاع النفط وإدارة كل ما يتعلق بالتيار الوطني الحر ذهابا وإيابا، كذلك ارتكب الرئيس سعد الحريري خطأ كبيرا عندما سلم مدير مكتبه نادر الحريري، التفاوض مع الوزير جبران باسيل وتشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب.
ورأى الرئيس نبيه بري نفسه يلعب مع أولاد، مع جبران باسيل ونادر الحريري، فقرر عدم اللعب مع الأولاد والذهاب الى الرأس، الى العماد ميشال عون مباشرة، والى الرئيس سعد الحريري مباشرة، والى الدكتور سمير جعجع الذي لم يستطع الهجوم عليه، لان الدكتور سمير جعجع وضع نفسه في وضع الحياد السلبي.
ونشأت علاقة بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، فبدلا من إعطاء وزارة الاتصالات للوزير سليمان فرنجية، جاء الوزير جبران باسيل برجل اعمال مالي غني اسمه سيزار أبو خليل كان معه في وزارة الطاقة، واقترحه وزيرا للطاقة. كأنما هكذا تشكل الحكومات، او هكذا تجري إدارة البلاد. 
البطل المغوار العميد شامل روكز الذي أمضى حياته في سبيل وحدة لبنان ودفع دماً وكاد يستشهد الف مرة، يذهب الى منزله ويتقاعد، رغم ان له شعبية تريده نائبا، اما الوزير جبران باسيل، الذي لم يناضل في أي مكان، فقد اصبح رئيسا للجمهورية، وعلى الرئيس نبيه بري ان يفاوضه في شأن قطاعات النفط، وتوزيعها كذلك بات على الرئيس نبيه بري ان يبحث الميثاقية مع جبران باسيل كأنما نضال العماد ميشال عون 50 - 60 سنة ذهب هدرا وتم تجييره للوزير جبران باسيل.
أكمل يا دولة الرئيس بري الجرح لدى المسيحيين، وقل لهم انك لا تريدهم موحدين، ولا تريدهم أقوياء، ولا تريد للمسيحيين دوراً في لبنان، بل فقط تريد لهم دوراً بالمظاهر.
شكرا لك يا دولة الرئيس، نحن الذين نحبك، ولا نفكر شيعياً او مسيحياً او مارونياً، او سنياً، جعلتنا نرى وجها شيعياً على رأس حركة أمل يريد تحجيم المسيحيين وتغذية الخلاف بينهم، واضعاف ادوارهم ولعب لعبة التوزير والحقيبة، والذي يساعدك على ذلك، غباء الجهة الأخرى التي سلمت نادر الحريري وجبران باسيل السلطة في لبنان. 
وانا أقول للعماد ميشال عون، فخامة الرئيس، انتبه من لعبة جبران باسيل - نادر الحريري، ذلك ان جبران باسيل يأخذ البلد الى السعودية، والخلاف سيرتدّ عليك، من قبل حزب الله، بعدما يرى ان جبران باسيل ونادر الحريري نسجا علاقة من خلال وزارة الخارجية ومصالح مع السعودية خارج اطار الدولة وتحت رعاية سعد الحريري، وعند اللزوم أعطوا بعض الحصص لبعض الفئات كي يسكتوا عن الموضوع.
لعبة جبران باسيل السعودية مع نادر الحريري خطيرة للغاية، ويبدو ان الشاب جبران باسيل لم يعد يحمله رأسه، حتى اصبح يريد ان يطيح بالرئيس نبيه بري الذي لبّى الدعوة، بدل ان يتجاهلها، لخبرته السياسية الكبيرة، واما نادر الحريري فينفذ سياسة السعودية مباشرة، مأمورا من سعد الحريري ومن الأجهزة السعودية مباشرة.
وهنا نفهم كيف جاء منذ 3 سنوات، اول زيارة قام بها جبران باسيل للسفارة السعودية من دون سبب، ثم حصل غداء بين جبران باسيل والعماد ميشال عون والسفير السعودي في الرابية، ثم يتم انشاء الشركة المختلطة بين جبران باسيل ونادر الحريري. ولذلك نقول ان العماد عون ينتظره تعب كبير وكبير من حزب الله. واذا كان يعتقد ان ذلك لا يحصل فليتذكر تجربة الرئيس الراحل الياس سركيس مع سوريا، التي جاءت به رئيسا للجمهورية بالقوة، واوصلته الى بعبدا. وذاق المرحوم الراحل الرئيس الياس سركيس المرارة كلها على يد المعنيين بالملف السوري، حتى ذاب وأصيبت اعصابه بالتلف، ومات مشلولا لا سمح الله بالنسبة الى العماد ميشال عون.
لكن نقول للعماد عون ستتعب جدا اذا «ركبت» شركة البورصة بين نادر الحريري وجبران باسيل.

ـ عملية الجيش في عرسال ـ

عملية نوعية ونظيفة للجيش اللبناني في جرود عرسال ادت الى اعتقال امير داعش في عرسال احمد يوسف امون، و11 ارهابيا ومقتل ارهابي فيما ذكرت معلومات اخرى عن مقتل 3 ارهابيين.
كيف حصلت العملية؟ القوة المنفذة كانت جاهزة في مديرية المخابرات في وزارة الدفاع وانطلقت من الوزارة عند  الساعة الثانية عشرة ليلا وهي من قوات النخبة في مديرية المخابرات ولدى وصولها الى عرسال انضمت اليها وحدات من الجيش اللبناني للمؤازرة لا سيما المنتشرة في منطقة عرسال ولحظة وصولها انطلقت قوة النخبة الى هدفها المحدد الذي رصد بدقة كاملة بسرية مطلقة ادت الى نجاح العملية عبر عنصر المفاجأة.
قطعت القوة مسافات واسعة عبر مناطق وعرة وجبلية وتضاريس معقدة زادت عن 3 كيلومترات حتى وصلت الى وادي الارانب حيث يتواجد امون ومجموعته في احد المنازل المهجورة وبعد تطويق المنزل واقتحامه ادى عنصر المباغتة الى محاولة عناصر المجموعة الهرب عبر اطلاق نار كثيف لتغطية الانسحاب وحصل اشتباك مع قوة الجيش استمر لربع ساعة حيث حرصت عناصر النخبة على اسر العناصر فيما اصيب امير داعش احمد أمون بجروح مختلفة في انحاء جسده وقتل معه 3 من مرافقيه الارهابيين فيما اشارت معلومات اخرى عن مقتل احد مرافقيه فقط وقد تم نقل امون الى موقع للجيش في عرسال وبعدها نقلته طوافة الى احد مستشفيات بيروت للمعالجة فيما نقل الاسرى الارهابيون الى وزارة الدفاع وتبين ان امون اصيب برصاصات عدة في انحاء جسده لكن حاله مستقرة وقد تسمح ببدء التحقيق معه صباح اليوم وكذلك مع العناصر الارهابية الاخرى وعلم ان عناصر الجيش استخدمت سيارات مدنية في تنقلاتها في عرسال لابعاد اي شبهة.
العملية تمت بعد رصد ومتابعة دقيقة لاكثر من 3 اشهر بالاضافة الى تقاطع معلومات نتيجة تحقيقات سابقة عن احمد امون الذي ورد اسمه في كل التفجيرات التي حصلت في الضاحية والبقاع وانه من المخططين لها كما انه مسؤول عن قتل المدنيين في عرسال بتهمة التعامل مع الجيش، فضلا عن مسؤوليته اللوجستية عن الانتحاريين الثمانية الذين فجروا بالقاع.
وامون الملقب بالشيخ قاتل الى جانب النصرة في معركة 2014 وكان احد المسؤولين عن اقتحام مخفر البلدة واسر عناصر الامن الداخلي لكنه ما لبث ان عاد والتحق بداعش وقاتل الى جانب التنظيم وتولى قيادة مجموعاته.
وقد ساد جو من الفوضى في صفوف مسلحي داعش في عرسال بعد العملية وقاموا بالانتقال من مخيمات النازحين الى الجرود، لان امون يشكل كنزا من المعلومات العسكرية والامنية نظرا الى موقعه القيادي بالتنظيم فهل يؤدي توقيفه الى انهاء المجموعات العسكرية والامنية التابعة للتنظيم في الجرود؟ خصوصا في ظل عمليات التصفيات المتبادلة التي تتم بين داعش والنصرة في المنطقة كما ان هذه العملية تعتبر استكمالا للعمليات الاستباقية التي ينفذها الجيش اللبناني طوال الفترة الماضية والتي جاءت امس تنفيذاً لما ورد في خطاب القسم لرئىس الجمهورية العماد ميشال عون حول هذه النقطة وحسب مصادر عسكرية فإن قائد الجيش العماد جان قهوجي اطلع رئىس الجمهورية العماد عون على كل التفاصيل المتعلقة بالعملية التي حازت ايضا على تهنئة الملحقين العسكريين العرب والاجانب لجهة مهنية ودقة التنفيذ مما يشجع الدول المانحة على الاستمرار في تقديم المساعدات خصوصا ان رئىس اركان الجيش الفرنسي بيار دوفيلليه سيصل الى بيروت في اواخر شهر كانون الاول كما سيزور وزير الدفاع الفرنسي بيروت في 2 كانون الثاني 2017 لبحث موضوع الهبة السعودية مع قيادة الجيش اللبناني .
وعلم ان الرصد الامني الدقيق وتعاون الاهالي وعمل المخابرات ادى الى هذا الانجاز حيث كان امون يتنقل بين مخيمات النازحين والجرود ويستخدم دائما هذا المنزل في وادي الارانب وعلى اساس المتابعة الدقيقة تم تنفيذ العملية في مناخ صعب وظروف قاسية.