لم تكن العملية النوعية التي نفذها الجيش فجر أمس في منطقة عرسال سوى اثبات اضافي لتنامي قدراته العملانية والاحترافية في المواجهة المفتوحة التي يخوضها مع الارهاب على الحدود الشرقية مع سوريا كما في الداخل من خلال تعقب الخلايا الارهابية. وقد جاءت هذه العملية التي تعد الاولى للجيش في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المشارف بعد أيام شهره الاول لتشكل انجازاً عسكرياً واستخبارياً بارزاً من شأنه تشجيع الجهود الداخلية والغربية والخليجية الجارية لاعادة تحريك ملف دعم الجيش ومده بالمساعدات التسليحية الثقيلة على غرار ما تردد منذ تحريك العلاقات اللبنانية السعودية في ظل الدعوة السعودية الموجهة الى الرئيس عون في شأن تعويم الهبة السعودية للجيش. كما ان هذه العملية التي تمكن الجيش من خلالها من توقيف 11 عنصراً في تنظيم "داعش" على رأسهم "أمير" التنظيم في عرسال أحمد يوسف أمون تفتح الباب المحتمل على تقصي مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى "داعش" والذين غابت أي معلومات عن مكان احتجازهم وظروفه منذ مدة طويلة، علماً ان هذا الملف أثير بقوة قبل أيام في مناسبة عيد الاستقلال حيث أكد قائد الجيش، العماد جان قهوجي استمرار الجهود بلا انقطاع من أجل جلاء مصير العسكريين المخطوفين والعمل على تحريرهم.
وكانت مخابرات الجيش تدعمها وحدات عسكرية أخرى نجحت فجر أمس في الاطباق على احدى الخيم في مخيم للنازحين السوريين في وادي الأرانب بعرسال بناء على معلومات عمليات مراقبة ورصد طويلة للمجموعة الارهابية التي كان يقودها احمد يوسف أمون. واثناء عملية الدهم حصل اشتباك بين القوة المهاجمة وعناصر "داعش" استمر نحو 40 دقيقة وانتهى باصابة أمون اصابات بالغة في رجليه وتوقيفه مع 10 ارهابيين آخرين باشرت مخابرات الجيش استجوابهم فور نقلهم الى مركز توقيفهم. وأوضحت قيادة الجيش في بيانها عن العملية ان الموقوف أمون متورط في أوقات سابقة في تجهيز سيارات مفخخة وتفجيرها في مناطق لبنانية عدة منها الضاحية الجنوبية بالاضافة الى اشتراكه في كل الاعتداءات على مراكز الجيش خلال احداث عرسال وقتل مواطنين وعسكريين من الجيش وقوى الامن الداخلي والتخطيط في الآونة الاخيرة لارسال سيارات مفخخة الى الداخل اللبناني.
ونوّه رئيس الجمهورية العماد عون بالعملية الاستباقية للجيش بعدما اطلع على تفاصيلها صباحا، قائلاً ان مثل هذه العمليات النوعية تعزز الاستقرار وتضع حداً للمخططات الارهابية وتكشف القائمين بها. كما اتصل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بالعماد قهوجي واطلع منه على تفاصيل العملية وهنأه بنجاحها. وتحدثت معلومات عن عملية مراقبة سابقة دقيقة تولتها مخابرات الجيش لمجموعات من "داعش" في محيط عرسال أمكن من خلالها رصد تحركات مشبوهة حول تنقلات كانت هذه المجموعات تهيئ لها عبر وادي الأرانب واحدى الطرق بين منطقة الزبداني السورية وجرود عرسال. وحين حصل تجمع العناصر الارهابية في احدى الخيم بوادي الارانب لم تفصل سوى فترة قصيرة بين تجمعها وبدء عملية التطويق والدهم التي قام بها الجيش وأدى عامل المباغتة الى نجاح العملية في توقيف افراد المجموعة كلها ولم يصب أي جندي في القوة المهاجمة.

 

التأليف جامد
في غضون ذلك، لم يطرأ جديد على عملية تأليف الحكومة التي لا تزال العقد الاخيرة التي تعترضها على جمودها. واكدت مصادر في "تيار المستقبل" أمس لـ"النهار" ان عملية تاليف الحكومة جامدة لكن محركات التأليف لم تتوقف عن العمل، ولو انها تعمل بوتيرة منخفضة. ونفت ان تكون هناك علاقة لهذا الجمود بسفر كل من وزير الخارجية جبران باسيل او مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري الى الخارج. فالاتصالات مستمرة ولكن بزخم أقل، فيما ينتظر رئيس الوزراء المكلف أجوبة عن محاولات يقوم بها لحلحلة العقد المتبقية امام ولادة الحكومة. وقالت إن الحريري لا يزال يحاول اقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقبول بوزارة الصحة وهي من أهم الوزارات الخدماتية، في مقابل وزارة الاشغال التي يطلبها حزب "القوات اللبنانية"، والاخير يعتبرها ترضية له بعد تعذر حصوله على وزارة سيادية. ولفتت المصادر الى انه سبق لبري ان قبل بحقيبة الصحة لكنه عاد وغير رأيه لاحقا. اما على صعيد عقدة "تيار المردة " فقد اكدت المصادر ان الاجتماع الاخير الذي عقد قبل يومين بين الحريري ووفد من "المردة" فكان ودياً جداً، وان الحريري يحاول اقناع النائب سليمان فرنجية بالقبول بحقيبة اساسية قد تكون التربية غير الحقائب الثلاث التي حصر مطلبه بإحداها، نظراً الى تعقيدات في توزيع الحصص المسيحية لا علاقة لرئيس الوزراء المكلف بها.

 

ملف بشير الجميل!
وسط هذه الأجواء، شكل انعقاد المجلس العدلي للشروع في النظر في ملف اغتيال الرئيس الراحل الشهيد بشير الجميل حدثاً قضائياً مثيراً للاستغراب والارتياح في آن واحد. اذ ان فتح هذا الملف يأتي بعد مرور 32 سنة على اغتيال الجميل وعقدين من صدور القرار الاتهامي في ملفه الذي لم يتبدل فيه سوى مرور الزمن. فالمتهم بارتكاب الجريمة حبيب الشرتوني لا يزال طليقا والمحرض على الجريمة المسؤول في الحزب السوري القومي الاجتماعي نبيل العلم تناقلت وسائل الاعلام وفاته عام 2014. وقرر المجلس العدلي أمس تسطير كتاب الى الجهات المختصة لبيان ما اذا كان قيد العلم شطب بالوفاة كما قرر اصدار قرار مهل في حق الشرتوني الفار من العدالة لتسليم نفسه خلال 24 ساعة وقبل موعد الجلسة المقبلة في 3 آذار 2017.