في الاسبوع الأول من شهر تشرين الثاني الجاري، تناقلت أوساط في المحورين المتصارعين في سوريا الأنباء عن توجه قوات مصرية للقتال مع الجيش السوري.
ظلّ الخبر ضمن نطاق ضيق لاعتبارات عديدة.
من وجهة النظام السوري وحلفائه، من شأن هكذا خبر من إثارة حساسيات بالنسبة لمصر. وعلى الرغم من دفء العلاقات بين البلدين في هذه المرحلة، فإن القاهرة هي المعنية اولا بتأكيد الخبر او نفيه. الصفحة الجديدة من العلاقات السورية المصرية تقتضي مراعاة هذه الحساسية.
بالنسبة لدمشق، مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع التلفزيون البرتغالي أكثر من كافية. أعلن السيسي في المقابلة المذكورة قبل أيام أن مصر "تدعم الجيوش الوطنية العربية، بما في ذلك الجيش السوري"، ملمحاً في الوقت نفسه الى وجود حساسيات لارسال قوات مصرية إلى سوريا.
في القاهرة، يتعدى الاعتراف بوجود قوات مصرية في بلاد الشام حدود الخلاف مع السعودية. تبحث مصر عن استعادة دورها الإقليمي. الحرب السورية احدى هذه الأبواب. لن تكرر القاهرة خطأ التجربة في اليمن، حين ارسلت قوات لدعم التحالف الخليجي في حرب لن تُحسم عسكريا.
عدم إعلان مصر عن ارسال قوات الى سوريا يصب في خانة تعزيز الدور المصري القائم على دعم الحل الدبلوماسي سبيلا لوقف الحرب، مع الإشارة الى أن هذا الموقف لا يتعارض أبدا مع القناعة المصرية بأن "مكافحة الإرهاب" تتطلب توحيد الجهود العربية، خاصة وأن مصر هي إحدى ساحات عمل الجماعات الارهابية.
وبالفعل كان هذا العنوان احد أبرز بنود المحادثات التي أجراها مدير المخابرات السورية علي مملوك في القاهرة قبل فترة بناءً لدعوة مصرية. ومن المتوقع أن تُستكمل هذه الخطوة بتوقيع اتفاقية في مجال مكافحة الإرهاب، على أن تليها خطوات دبلوماسية تعزز التفاهم السياسي بين البلدين.
في المقلب الاخر، لا يبدو في الأفق أن العلاقة السعودية- المصرية ستشهد انفراجات قريبة، بعد ان تحولت من خلاف حول تقدير المصالح المتبادلة الى توتر يتخذ أشكالا خارجة عن الأعراف الدبلوماسية.
هناك من يضغط في السعودية ودول الخليج باتجاه احتواء مصر. ليس من المصلحة معاداة مصر. كما أن حجم المشاركة المصرية العسكرية في سوريا لم يتجاوز حتى الساعة حدود تقديم المشورة للجيش السوري والاطلاع عن كثب على الأوضاع على مختلف الجبهات السورية.
في المحصلة، فإن من شأن جولة الاستطلاع التي يقوم بها العسكريون المصريون في بلاد الشام تكوين صورة وافية عن حقيقة ما تقوم به فصائل المعارضة المسلحة والتمهيد لبناء الموقف الحازم في الأيام القليلة المقبلة، علمًا ان اوساط المحور الحليف للنظام السوري ممن واكبت خبر وصول العسكريين المصريين الى سوريا قبل شهر كانت تدرك تماما بأن حجم هذه القوات لن يكون رمزيا في الفترة المقبلة.
لبنان 24