بالرغم من البرق والرعد السياسي، وضخّ موجات التفاؤل بقرب ولادة الحكومة العتيدة، فإن عملية التأليف ما تزال تترنّح تحت وطأة مطالب القوى السياسية التي على ما يبدو أخذت قرارها في الابتعاد عن لعبة التنازلات أو المقايضة وهو ما يجعل طريق المشاورات شائكة ومعقّدة، ناهيك عن غياب العامل الخارجي الذي اعتدنا عليه التدخّل في مثل هذا الاستحقاق ولو من باب المونة.
وإذا كان رئيس الجمهورية يرغب بأن تُنجز التوليفة الحكومية قريباً وبالتالي تُبصر النور قبل نهاية الشهر أي خلال أقل من أسبوع من الآن بحسب ما نُقل عنه، فإن المعطيات السياسية لا توحي بأن العقبات التي ما تزال تعترض التأليف من الممكن أن تذلّل في غضون أيام قليلة، لا بل إن مصادر وزارية ترى أن ليس بإمكان أحد تحديد أي موعد لتشكيل الحكومة خصوصاً وأن موضوع بعض الحقائب ما زال موضع أخذ وردّ، أضف إلى ذلك سفر الوزير جبران باسيل إلى الخارج والذي سيستمر لأسبوع، وهذا بحدّ ذاته دليل واضح بعدم إمكانية التأليف، لأنه من غير الممكن أخذ الصورة التذكارية من دونه وهو الإبن المدلّل لرئيس الجمهورية. كما أن الرئيس المكلّف سعد الحريري سينشغل مع نهاية هذا الأسبوع في المؤتمر العام لتيار المستقبل الذي سينعقد يومي السبت والأحد بمشاركة الرئيس الحريري، وهو ما يعني أن عجلة مشاورات التأليف ستتوقف لبعض الوقت بما سيؤدي إلى تأخير الإعلان عن التأليف، هذا من دون إسقاط إمكانية وجود محاولة من البعض لتمرير بعض الوقت للحؤول دون تمكن الحكومة الجديدة من إقرار قانون جديد للإنتخابات، وبالتالي إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة على أساس قانون الستين، بعد أن يتم الإتفاق على التمديد التقني لبضعة أشهر للمجلس الحالي.
وفي هذا السياق جدد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زواره ليل أمس أن المشاورات التي حصلت بينه وبين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على هامش احتفال عيد الاستقلال كانت إيجابية، وأن هناك بعض التفاصيل لا تزال قيد البحث.
وأكد الرئيس برّي على تمثيل النائب سليمان فرنجية بوزارة أساسية، وأنه وعده بذلك وقطع عهداً ولن يتراجع عن هذا العهد، ويجب أن تكون شراكة فرنجية في الحكومة حتمية، لأن شراكته تعني شراكتي. وفي ما يتعلق بحقيبة الأشغال قال الرئيس برّي أنه فهم من الرئيس الحريري بأن الحكومة الجديدة ستكون منقحة عن الحكومة السابقة، ونحن لم نعد أحداً بوزارة وكما أن هناك وزارات بيد غيرنا ثابتة (الطاقة، الخارجية، الداخلية) فإن الأشغال تبقى معنا.
وأضاف الرئيس برّي أنه كان أبلغ الرئيسين عون والحريري خلال حفل عيد الاستقلال أنه يريد الحكومة أمس قبل اليوم.
وعلى الرغم من أن يوم أمس لم يسجّل أي اتصالات يمكن وضعها في خانة المهمة بالنسبة للتأليف، فإن الأمور بالنسبة لتوزيع الحقائب بقيت على حالها إن بالنسبة للنائب فرنجية أو «القوات اللبنانية»، وفي المقابل حصل إقرار واضح بأن وزارتي المال والأشغال من حصة الرئيس برّي إضافة إلى تسميته وزيراً ثالثاً، إضافة إلى وزارتي الصناعة والشباب والرياضة لحزب الله.
في موازاة ذلك تؤكد المصادر أنه بالرغم من المطبات التي تعترض ولادة الحكومة بفعل الخلاف حول توزيع الحقائب، فإن مروحة الخيارات واسعة وهذا من شأنه أن يضيّق مساحة الخلاف، لأنه في نهاية المطاف الحكومة ستتشكل ومن غير الممكن التمسك بالمطالب فالسياسة فن الممكن، وبالتالي فإن أي حوار أو مشاورات تطلق لحل مشكلة ما يريد أصحابها النجاح فإن القاعدة لذلك تكون تبادل التنازلات وإلا الحوار يكون من دون جدوى ولا مبرّر له.
من هذا المنطلق فإن هذه المصادر تؤكد أنه ما لم تكن هناك قطبة مخفية على صلة بقانون الانتخاب أو بالانتخابات النيابية المقبلة فإننا سنكون قريباً أمام مشهد أخذ الصورة التذكارية للوزراء الجدد، سيّما وأن هناك شبه إجماع لدى جميع المعنيين بأنه لم يعد هناك من تعقيدات جوهرية تحول دون إعلان التشكيلة الحكومية.
وتلفت المصادر النظر إلى أن عجلة الاتصالات ستزخم مع مطلع الأسبوع المقبل بعد عودة النائب سليمان فرنجية من الخارج، وأن مسألة توزيع الحقائب ربما تُحسم في بحر الأسبوع المقبل في حال نجح الرئيس نبيه برّي في إقناع رئيس تيّار المردة في أن تكون حقيبة التربية من حصته بعد أن حسم أمر الأشغال إلى رئيس المجلس الذي عرضت عليه حقيبة الصحة كبديل لتكون الأشغال من حصة «القوات» التي يُقال بأن الرئيس المكلف كان وعد سمير جعجع بأن تكون هذه الحقيبة من حصته، وهو ما لقي رفضاً قاطعاً من رئيس المجلس نبيه برّي.
وتُعرب المصادر عن اعتقادها بأن خلط أوراق الحقائب مجدداً يبقى أمراً غير مستبعد في حال راوحت الاتصالات مكانها وبقيت تدور المقترحات في الحلقة المفرغة. 

 

اللواء