بعد انقضاء ثلاثة أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى، لم يعُد معروفاً أين هو مكمن العقدة الحقيقية في ظل تبادل التهم بشأن العرقلة، ومع التعارض بين ما يحكى في العلن ويُقال في السرّ. المؤكّد أن التشكيل لا يزال عالقاً عند نقطة محدّدة مرتبطة بحصّة تيار المردة. غير أن الروايات التي تضخّها الأطراف المختلفة، تعزّز أن العقدة أيضاً تكمن في اللاءات المتبادلة: المردة «لا» يريد التربية، والتيار الوطني الحر «لا» يريد إسناد حقيبة أساسية للمردة، والرئيس نبيه بري «لا» يقبل بانتزاع حقيبة الأشغال من حصته و«لا» يدخل في حكومة لا تعطي المردة حقيبة أساسية، والقوات «لا» تريد التخلّي عن حصتها الوازنة. كل ذلك يقود الى نتيجة واحدة، وهي أن «لا» حكومة في المدى المنظور، وأن عقبات التأليف تتكدس أمام الرئيس سعد الحريري الذي يبدو أنه الحلقة الأضعف، فلا هو قادر على فتح مشكل مع برّي، ولا على إثارة غضب التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون. وهذا ما يدفعه إلى تغيير كلامه والتزاماته بسرعة قياسية، فيما يبدو أن الاتفاق العوني – القواتي يكبّله ويمنعه من الالتزام أمام رئيس المجلس بأي «عرض» يمكنه تذليل العقبة المتعلقة بحصّة الوزير سليمان فرنجية.
ومع الجمود الذي طرأ على الملف مع سفر كل من وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، علمت «الأخبار» أن رئيس الحكومة المكلف أبلغ بري مساء أمس، في اتصال هاتفي مع أحد المقربين من رئيس المجلس، أن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذه الحال من المراوحة، وأنه متمسك بالنسخة الثانية التي رفعها الى عون، وتحديداً إعطاء حقيبة الاشغال الى القوات، وأنه متفق مع القوات والتيار الوطني على هذه النقطة.
وكان الحريري قد وضع وفد تيار المردة الذي زاره أمس في هذه الأجواء، وأبلغه أن لا صحة لما يقال عن سحب حقيبة الأشغال من القوات.
أجواء عين التينة تؤكد أن الأمور «عادت إلى المربع الأول»، فيما تقول مصادر تيار «المستقبل» لـ»الأخبار» إن الحريري «قدّم كل ما في وسعه، والمشكل عند الرئيس بري». لكنها شدّدت على أن رئيس الحكومة المكلّف «لا يمكن أن يخاطر بفرض تشكيلة حكومية بالاتفاق مع رئيس الجمهورية فقط، لأنه ليس في وارد الاشتباك مع الرئيس بري وحزب الله».
وعلى النقيض ممّا تروّجه القوات اللبنانية عن أن «الحكومة ستبصر النور خلال أسبوع»، وتأكيدات التيار الوطني الحر أن «شكل الحكومة حُسم»، أكدت المصادر أن «هذه النقطة لم تحسم بعد، ولو أن الرئيسين عون والحريري يصرّان على حكومة الـ24 وزيراً»، كذلك فإن «حصة الكتائب لم تحسم»، وكذلك «حصة القوات التي تبدو أكبر من حجمها الطبيعي».
وفي ما يتعلق بالمعلومات التي تحدثت عن محاولة حزب الله إقناع عون بإسناد المقعد السنّي في حصته إلى الوزير السابق عبد الرحيم مراد، علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية لم يأت خلال استقباله مراد أمس على ذكر توزيره لا من قريب ولا من بعيد، ما أثار انزعاج الوزير السابق.