سرقة مبلغ 180 الف دولار كان تسلمهما مدعيان من محلَّي صيرفيَّين في منطقة البربير كشفا النقاب عن عصابة سرقة دولية كان افرادها يهمّون بالسفر مع المبلغ عبر المطار، الا ان الدورية الامنية قبضت عليهما، وضبطت المبلغ في حوزتهما إضافة إلى جوازات سفر ورخص سوق مزورة بأسماء مغايرة، وعدد من الاجهزة الخليوية التي تحتوي ارقاما تشغيلية محددة.
وبالتوسع في التحقيق من خلال تتبع احد ضباط شعبة المعلومات، الذي تولى الاشراف على هذا التحقيق، لعمليات سرقة مماثلة منذ عام 2010 حتى عام 2015 تبين ان افراد العصابة يأتون من دول اميركا اللاتينية الى لبنان ويعملون على شراء خطوط خليوية للتواصل في ما بينهم، فيشكلون حلقة ضيقة ومقفلة فيما عدد افراد العصابة في كل مرة يراوح بين ثلاثة واربعة اشخاص. وبعد تنفيذهم لأي عملية يتوجهون بتاريخ السرقة او في اليوم التالي الى مطار بيروت ويغادرون. وتطاول هذه السرقات اموالًا منقولة من محال صيرفة وإليها، وذهبًا منقولا من محال صاغة وإليها .
ثلاثة موقوفين من الجنسية الكولومبية يتحدثون الاسبانية . تم الاستعانة بمترجم لأقوالهم اثناء التحقيق معهم. ولدى ضبط افادة الموقوف سيرو داريو (تبين ان اسمه الحقيقي ليوناردو كونتيرز) ادلى في سياق التحقيق بهويته المغايرة . وافاد انه حضر الى لبنان في 5/10/2015 برفقة مواطنه الموقوف ادواردو (الذي تبين انه هنري الكسندربنياقيدس) واستقبلهما مواطنهما الموقوف هيوغو الذي تبين ان اسمه (عمر جيوفاني رودريغز) فأقلّهما الى فندق في العاصمة، ثم عمدوا الى شراء ثلاثة اجهزة خليوية وستة خطوط، لكل منهما خطان واحد للاتصالات والآخر لخدمة الواتساب للتواصل مع عائلاتهم في كولومبيا لحين حصول حادث السرقة، حيث توجه ادواردو وهنري الكسندر بحثا عن ضحية ليقوما بسرقته على ان يتم اختيار هذه الضحية من امام محل للصيرفة عندما يحمل كيس الاموال . فوقع اختيارهما على محل صيرفة في البربير حيث شاهدا شخصا يخرج من المحل وفي يده كيسا ثم صعد في سيارته فلحقا به وراقباه حتى نزل منها ودخل الى محل شريكه. في هذه الاثناء قاما بكسر زجاج السيارة وسرقة كيس الاموال من داخلها وغادرا في السيارة المستأجرة منهم متوجهين الى الفندق. وفي الطريق ركنا السيارة المستأجرة واستقلا سيارة اجرة وصولا الى الفندق حيث جهزا اغراضهما، وأوصلهما رفيقهما عمر الى المطار في سيارته، ومعهما المبلغ المسروق الذي أعطياه منه عشرة آلاف دولار ضبطت معه عند توقيفه. وبدخولهما حرم المطار اوقفا وضبط المبلغ المسروق بحوزتهما وهو حوالى 150 الف دولار . وكان جرى تعقبهما بعد تعميم صورهما المأخوذة من كاميرات المراقبة الموضوعة امام محال المدعيين.
وتبين من اقوال الموقوف ليوناردو ان المتهمين عند استخدامهم اي اسم في عملية سرقة لا يستعملونه في عملية اخرى، مضيفا انه عندما حضر الى لبنان في الشهر السادس من عام 2015 كان يستخدم اسم كارلوس . وقدم معه حينذاك المدعو جون ولقبه "شوكو" ومعهما المتهم عمر جيوفاني . وكان الاخير يستخدم اسم كريستيان. واقدموا في ذلك التاريخ بالاشتراك على سرقة كمية من الذهب المشغول زنتها نحو تسعة كيلوغرامات موضبة في حقيبة تبين انها تعود الى الصائغين روجيه ه. وخاتشيك ي. اللذين تعرفا خلال التحقيق على المتهمين ليوناردو وعمر جيوفاني . وذكر ليوناردو انه عند سرقتهم صرافا او زبونا لدى اماكن الصرافة يستعينون بشخص في البرازيل اذا كان المبلغ كبيرا، وهو العراقي البرازيلي ليث الصايغ الذي حوكم غيابيا. وذلك من طريق الاتصال به ليقوم ليث بايفاد شخص في لبنان او من اي بلد آخر من طرفه لاستلام المال المسروق منهم، ويقوم ليث بتسليمهم اياه في كولومبيا بعد ان يقتطع حصته من المبلغ، اي تُقسم حصيلة السرقة بين اربعة اشخاص هم المتّهمون هنري وليوناردو وعمر وليث. وبهذه الطريقة يغادرون البلد الذي اقترفت فيه السرقة. وفي العملية الاخيرة شعرا بالخوف بوصولهما الى مطار بيروت وانهما مراقبان وملاحقان فاتصل بالمتهم ليث واخبره بالامر وطلب منه المساعدة. وهو من اوعز اليهم بالسفر الى لبنان من طريق المدعو "شوكو" بعدما اعلمهم الاخير ان مجال سرقة المال والذهب واسع في لبنان. ونقل عن المتهم ليث ان "شوكو" هو من اخبرهم ان رجلا يحمل حقيبة وينقل كمية من الذهب معه دائما في سيارته وزودهم بالمعلومات اللازمة وبرقم لوحة السيارة لتأمين تنفيذ هذه العملية الحاصلة مع المدعيين، وتقاسموا هذه الكمية مع المدعو "شوكو" واحتفظوا بحصة المتهم ليث بأن ارسل كل منهم جزءا من حصته في البريد السريع حيث ضبط عناصر الجمارك اللبنانية والجمارك في دبي جزءا منه.
وادلى ليوناردو ايضا ان ليث يدير شبكة عالمية مؤلفة من عصابات تمتد من اميركا اللاتينية الى اوروبا ومعظم الدول العربية وتركيا، بحيث يعمل على رصد شركات ومحال المجوهرات والصيرفة والتحويلات المالية تمهيدا للقيام بسرقتها، وعندما تقوم احدى العصابات بسرقة اي هدف أكان ماليا ام مصاغا، يقوم بتأمين اشخاص في الدولة حيث نفذت العملية لاستلام المسروق او تأمين تصريفه وفي كل عملية منفذة تكون له حصة متساوية مع المنفذين، وان الغلط ممنوع معه، وهو مطلوب دوليا واشتهر عالميا في قضية سرقة 20 كيلوغراما من الذهب من تركيا وملقب بالرجل الحديدي.
وبالتحقيق مع المتهم جيوفاني اعترف بعملية السرقة وانه لا يعرف المتهم ليث انما تهاتف معه اربع مرات . كما اعترف باقدامه مع آخرين قبل عام في اسطنبول على القيام بسرقة في مجمع تجاري مع آخرين. وبالتحقيق مع المتهم هنري الكسندر بيناقيدس اشار الى انهم للاستدلال على محال الصيرفة كانوا يستخدمون برنامج ماب الالكتروني، الى ان وقع اختيارهم على محل في البربير حيث حصلت سرقة الاموال المضبوطة معه في مطار بيروت والعائدة الى المدعيين شيط ويحيى. ونفى الموقوف داني واكد تورطه بالدخول في اي عصابة دولية يترأسها ليث او سواه كما نفى اشتراكه او مساهمته بتنفيذ اي عملية سرقة نافيا ايضا معرفته بجميع افراد العصابة باستثناء معرفته بليث من خلال صديقته الكولومبية وتعاملها معه في مجال تجارة الالماس والذهب في فنزويلا ودول اميركا اللاتينية. ومن خلال هذا التعامل المشروع كان ليث يطلب منه عندما يكون في لبنان ان يستلم من اشخاص يجهلهم اموالا بالعملة الاميركية فيقوم بتحويلها الى ليث في فنزويلا بعملة الدولة الاخيرة.
وقضت محكمة الجنايات في بيروت غيابيا بالاكثرية، برئاسة القاضي محمد مظلوم بحبس ليث الصايغ 10 سنوات، ووجاهيا بحبس كلٍّ من الموقوفين الكولومبيين ليوناردو كونتيرز وعمر جيوفاني رودريغز وهنري بنياقيدس ثلاث سنوات، وحبس الموقوف داني واكد سنة .