"كأن الموت كان يناديه، أصرّ على العودة الى لبنان، ودّعني وطلبَ مني الاعتناء بنفسي، أسبوعان فقط أمضاهما بين أهله هناك، قبل أن تغتاله رصاصة على شرفة منزل عمته، وقع أرضاً، غرقَ بدمه، ليصلني خبر وفاته. ابني محمد عطوي الذي التقيته بعد 25 عاماً من الفراق غادر الحياة". كلمات قالتها بحرقة ابتسام صولي، قبل ان تضيف " قطعت البحار قبل عام كي أصل الى المانيا وأعاود احتضان ابنائي الثلاثة الذين سُلخوا قسراً عني، لم أتوقع ان الموت الذي صارعته على القارب وأنا في طريقي لرؤيته سيصرعه في لبنان".
قصة درامية اعتدْنا متابعتها في المسلسلات عاشها محمد عطوي الذي ولد في ألمانيا قبل 27 عاماً، قبل ان ينفصل والداه وتعود والدته به وبشقيقتيه الى لبنان، لكن كما قالت ابتسام "حضر الوالد وانتزعهم مني، عاد بهم الى المانيا، وكونه غير مؤهل لحضانتهم اذ كان يعاني مرضاً، أخذتهم الدولة منه، وتربى كل ولد لدى عائلة المانية. بدأ محمد رحلة البحث عني وعن شقيقتيه، رأيته للمرة الأولى وهو في عمر الثالثة عشر، قبل ان يزور لبنان ومعه جثة والده، من بعدها تكررت زيارته الى وطنه الذي أحبّه، حتى قرر العودة نهائيا اليه والعمل فيه، كان سيستلم وظيفة في السفارة الالمانية كمترجم، فهو يتكلم خمس لغات لكن الموت كان في انتظاره قبل يوم".
جثة على الشرفة
ليل الأحد الماضي، استفاقَ محمد من نومه على أزيز الرصاص، سارع الى الشرفة لمعرفة ما يدور، فأصابته واحدة في رأسه، وبحسب ما قاله ابن عمته محمد الزنجي لـ"النهار": " والدتي كانت نائمة، استفاقت على صوت ارتطامه بالأرض، سارعت لتجده غارقاً بدمائه، تم نقل جثته الى مستشفى الرسول الاعظم، قبل ان يوارى الثرى في بلدته حولا".
وعلى الرغم من ان" عائلته الالمانية وشقيقتيه نادية وخديجة حاولوا المستحيل كي يدفن في المانيا، فهم يحبونه كثيرا، وقد صدموا بخبر وفاته ومعهم انا لاسيما وانه اوصاني الاهتمام بنفسي لحين يتمكن من بناء مستقبله كي نسكن سوية"، بحسب ابتسام التي اضافت "لا أعلم سبب إصراره على ترك المانيا، لكنه أطلعني ان لديه طفلاً من حبيبته التي تركها قبل عامين، يبلغ من العمر سنتين ونصف السنة".
عشائر خارج السيطرة
رصاصة واحدة حرمت ابتسام من ابنها التي فرقت الظروف لسنوات بينهما، رصاصة سببها اشكال وقع بين آل المقداد وآل مراد، وبحسب ما شرح حسن عطوي عم محمد لـ"النهار":
" وقع خلاف بين شاب سوري يستأجر محلاً للاراكيل من آل المقداد وعلي مراد بسبب تحرشه اللفظي بفتاة من عائلة الأخير، حضر مراد وبدأ بتكسير المحل، ووقف ابن المقداد يصوّر ما يحصل، قام بضربه، عندها تدخل افراد من العشيرتين، تطوّر الأمر الى اشتباكات مسلحة دفع محمد ثمنها فقط لأنه قرر الخروج الى الشرفة ورؤية ما يدور أسفل المبنى".
ليست المرة الاولى التي يقع فيها اشكال في منطقة حي السلم التي يتمتع "حزب الله" و"حركة أمل" بسيطرة ظاهرة فيها، لكن كما قال مصدر مطلع في المنطقة " العشائر من آل جعفر، المقداد، حمية وعلاو، لا يتبعون أحدا، (فاتحين دكانه على حسابهم)، الحزب والحركة سحبا ايديهم من هذه العشائر، لا بل وصل الأمر الى اعتداء افراد من آل المقداد على عناصر تابعين للحزب في برج البراجنة، لم يدخل حينها الحزب في اشكال معهم بل فضّل ترك المهمة للجيش اللبناني".
فصيلة المريجة تتابع التحقيق،الذي بحسب مصدر امني "لا يزال مستمراً لتوقيف جميع المتورطين". ورفع حسن عطوي دعوى ضد كل من أطلق النار، وقال: "تم توقيف ثلاثة أشخاص الى الآن، لكن الشاب السوري الذي "لطّش" الفتاة فرّ حتى قبل وقوع الاشكال". واضاف ان "انتشار المخدرات بين الشباب والسلاح المتفلت هنا وهناك هما السبب الرئيسي لخسارة الناس لأرواحها، فما ذنب محمد الذي كان يبحث عن حياة جديدة ان يخسر حياته على يد خارجين عن القانون، حشاشين ومتعاطي مخدرات"؟!
النهار