يتفاعل موضوع بناء الجيش اللبناني لما أسميت أبراج المراقبة العسكريّة مع جدار اسمنتي مرتفع، في مخيم عين الحلوة، وتحديداً في منطقة البساتين المحاذية لطريق الجنوب ما بين مستديرة صيدا الحكومي حتى آخر عين الحلوة جنوباً في المنطقة المعروفة باسم «السكة» و«الجورة الحمرا».
وتردّد أن الاتصالات المتواصلة بين الجيش والقوى الفلسطينيّة أفضت إلى تجميد العمل بالجدار إلى اليوم موعد عقد اجتماع هام بين الطرفين.
وإذا كان الجيش يشير إلى أنّ الهدف هو الحدّ من مخاطر تسلّل مجموعات سلفية متشدّدة أو خلايا إرهابية من تلك المنطقة الى الجوار اللبناني، فإنّ هذه القضيّة تحوّلت إلى قضيّة رأي عام في المخيم وخارجه.
ولذلك، يتعرّض الجيش لحملة تُشن ضدّه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يصف مستخدموها الجدار بـ«العازل» و«العار»، و«العنصري» و«الذلّ».. أو حتّى عبر الدّعوات المباشرة لتحركات شعبيّة واعتصامات ولقاءات، إلى حد وصول هذه الدّعوات إلى خارج لبنان.
وأكثر من ذلك، كاد الوضع الأمني في المخيم خلال الساعات الماضية ينفجر بين الجيش وبعض المجموعات المسلحة على نطاق واسع، ليدخل الجميع في متاهات لا أحد يعرف نتائجها.
وإذا كانت بداية المواقف الاعتراضية جاءت من القوى السلفيّة والإسلامية ومجموعات شبابية ولجان الأحياء واللجان الشعبية، إلا أنّ اللافت للانتباه هو مشاركة مختلف الاتجاهات السياسية الفلسطينية بهذه الحملة ضدّ الجيش، وصولاً إلى إصدار بيانات من مسؤولين فلسطينيين ضد هذه الإجراءات.
وطالب المسؤولون بإجراء حوار سياسي بين الفلسطينيين والسلطة اللبنانية بدلاً من بناء جدار عازل، وذلك من أجل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية وحق العمل والتملّك، واعتبر هؤلاء أن «بناء جدار عازل للمخيمات يسيء إلى العلاقات اللبنانية الفلسطينية».
الجيش: لا جدار من دون الموافقة
في المقابل، عقدت قيادة الجيش اللبناني في صيدا أكثر من اجتماع ولقاء مع وفد من القيادة السياسية الفلسطينية الناطقة باسم المخيمات في مكتب مسؤول فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد خضر حمود، وأطلعته على الخرائط التنفيذية للمشروع وتمّت مناقشة كل التفاصيل.
وأبلغ حمود الوفد، بحسب مصادر مطلعة، بأن «الجيش لن يبدأ بأي إجراء إلا بعد موافقة الجميع على نقاط المراقبة والخط البياني للسور الاسمنتي»، مشدداً على أنّ «هذه الإجراءات أمنية بحتة وهي من أجل حماية المخيمات الفلسطينية وخصوصاً عين الحلوة والجوار اللبناني، وأنها لن تمسّ بأي شكل من الأشكال من قريب أو بعيد حركة الدخول والخروج من المخيم وإليه من كل مداخله».
وأعقبت تلك الاجتماعات جولة ميدانية مشتركة على الأرض بين وفد من ضباط الجيش برئاسة مسؤول مكتب مخابرات الجيش في منطقة صيدا العميد ممدوح صعب ومسؤولين من القيادة السياسية الفلسطينية ومن قيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني والقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة. وجال الجميع في منطقة السكة والجورة الحمراء الموازية للمخيم، حيث اعترض الوفد الفلسطيني في حينه على وجود بعض أبراج المراقبة في أماكنها المقترحة وطالب بإبعادها عن المنازل وجرى تعديل ذلك وعلى هذا الأساس انطلق بناء السور».
لبنانياً
وأوحت الاتصالات التي انطلقت، أمس، بأجواء وصفت بالتفاؤلية بدّدت الغيوم السوداء التي ظهرت على صعيد العلاقات بين الجيش والمخيم، وذلك بعد جولة واسعة من الاتصالات الهاتفية والاجتماعات بين القيادة السياسية الفلسطينية وبين المرجعيات الأمنية اللبنانية والعميد خضر حمود وبمشاركة القوى والهيئات السياسية في صيدا. وشملت مختلف الأطراف اللبنانية كـ«حزب الله» و«حركة أمل».
وأفضت هذه الاتصالات إلى التوافق على عقد اجتماع اليوم في مكتب العميد حمود في ثكنة الجيش، بمشاركة ضباط من الجيش ووفد من القيادة السياسية والأمنية الفلسطينية للاطلاع على مكامن الاعتراض الفلسطينية المستجدة وأسبابها والتفاهم على التفاصيل المتبقية كلها.
وتردّد أن تمنيات عدّة دعت الجيش إلى تجميد العمل مؤقتاً ببناء الجدار لحين انتهاء اجتماع اليوم، إلا أن حمّود وعد بنقل هذا الطلب الى قيادة الجيش في اليرزة للردّ عليه.

 

 - السفير -