من زيارة موفد خادم الحرمين الشريفين أمير مكة الأمير خالد الفيصل وما جسدته من ثقل وازن في ميزان الاحتضان العربي للعهد اللبناني الجديد، إلى زيارة موفد أمير قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وما كرسته من حرص خليجي متفاعل على إعادة الزخم للعلاقات العربية – اللبنانية، وصولاً إلى ما سيليهما من زيارات مماثلة في الأهداف الداعمة لاستنهاض الدولة في لبنان، مروراً بانعقاد مؤتمر اتحاد المصارف العربية اليوم في بيروت وما سيعقبه من انعكاسات ومؤشرات مالية واقتصادية إيجابية بدأت طلائعها تلوح في الأفق الوطني استثمارياً وتجارياً وسياحياً.. مسار واحد بخلاصة بديهية واحدة تؤكد انقشاع «غيمة الصيف» التي مرّت في فضاء العلاقات الرسمية بين لبنان ومحيطه العربي، ليعود معها إلى كنف العرب، مستعيداً بعد انقشاع مرحلة «الضياع» الرئاسي تموضعه الطبيعي المتماهي مع تاريخه العروبي والمتباهي بهويته العربية.

وأمس، أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن «حرص لبنان على متانة العلاقات اللبنانية – العربية وتعزيزها في المجالات كافة»، 

مشدداً أمام ضيفه القطري على أنّ «عودة الاستقرار السياسي والأمني إلى البلد تشكل حافزاً لعودة رعايا الدول الخليجية لزيارة لبنان«. في حين سلّم وزير خارجية قطر عون، خلال لقائه في القصر الجمهوري على رأس وفد، رسالة خطية من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يهنئه فيها بانتخابه ويدعوه لزيارة الدوحة، وأوضح موفد أمير قطر بعد اللقاء أنّ زيارته بيروت أتت لتهنئة اللبنانيين بتجاوز أزمة الفراغ الرئاسي «وبالقرارات الشجاعة» التي أدت إلى إنهائه، مبدياً أمل بلاده بأن يشكل انتخاب الرئيس عون «نقطة انطلاق لإعادة الاستقرار وإعادة إحياء المؤسسات وأن تُكلل هذه الجهود بتشكيل الحكومة اللبنانية لكي تعود الأمور إلى مجاريها».

وزير الخارجية القطري الذي زار رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام في المصيطبة، ونظيره الوزير جبران باسيل في قصر بسترس، كما استقبل في مقر إقامته في فندق فينيسيا كلاً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيسي حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وحزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والأمنية، زار مساءً الرئيس المكلف سعد الحريري في بيت الوسط واستعرض معه التطورات المحلية والإقليمية ثم أقام الحريري مأدبة عشاء تكريمية على شرفه والوفد المرافق استكملت خلالها مواضيع البحث.

وبعد اللقاء، أوضح الوزير القطري أنه نقل للرئيس المكلف تحيات الأمير تميم بن حمد مؤكداً على موقف الدوحة «الداعم للشعب اللبناني وخيارته» ومباركاً «القرار الشجاع الذي أنهى الفراغ» الرئاسي، مع الأمل بأن يوفّق الرئيس الحريري بجهوده لتشكيل حكومة «قوية داعمة للشعب اللبناني وللشعوب العربية كافة».

من ناحيته، لفت الحريري رداً على أسئلة الصحافيين إلى أنّ الحراك الخليجي باتجاه لبنان «يدل على أنّ الخليج منفتح باتجاه العودة إلى لبنان وهو في الأساس لم يتركه»، مشيراً إلى أنّ الفراغ الرئاسي «أوصلنا إلى الضياع واليوم بعد انتخاب رئيس الجمهورية عاد أمل اللبنانيين ببلدهم كما عاد الأمل إلى دول الخليج بأنّ لبنان يتعافى وقادر على أن يقف على رجليه». وإذ أكد العمل على طي صفحة سوء العلاقات اللبنانية – الخليجية باعتبارها «غيمة ومرّت»، شدد الحريري على أنّ «فخامة الرئيس ميشال عون حريص على العلاقات مع كل الدول العربية وبخاصة مع دول الخليج»، مضيفاً: «إن شاء الله ستكون له زيارات لهذه الدول ونحن كذلك».

وكان الحريري قد تلقى أمس الأول اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هنأه خلاله على تكليفه تشكيل الحكومة مؤكداً وقوف تركيا إلى جانب لبنان.

تفاؤل حكومي

توازياً، تواصل المشاورات الحكومية التي يقودها الرئيس المكلف مسارها نحو مرحلة التأليف المرتقب وسط أجواء تفاؤلية بقرب التوصل إلى تشكيلة ائتلافية تتيح انطلاقة إيجابية عملانية للعهد الجديد. وبرز في هذا الإطار أمس تقاطع تفاؤلي على خط عين التينة – الرابية، بحيث وصف رئيس المجلس النيابي خلال «لقاء الأربعاء» الأجواء المحيطة بعملية التأليف بـ«الإيجابية» آملاً «تفكيك العقد الصغيرة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن»، بينما أكد رئيس «التيار الوطني الحر» إثر ترؤس اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» أنّ عملية التأليف أضحت في «مكان متقدم جداً» موضحاً أنه «تم الاتفاق على الأجزاء الأساسية والكبيرة ولم يعد هناك سبب فعلي للتأخير في إعلان الحكومة ما عدا بعض التفاصيل»، مع توجيه باسيل رسائل إيجابية لافتة باتجاه بري دعا فيها إلى «الشراكة معه ومع الجميع» مشيراً في ما خصّ المهمة الأساس الملقاة على عاتق الحكومة العتيدة والمتمثلة بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية إلى «الاتفاق مع رئيس المجلس على قانون الانتخاب بشكل كامل».