رحب مسؤولون عرب وأتراك واسرائيليون بدرجات متفاوتة من الحماسة ولأسباب متعددة بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وليس سراً ان علاقات الرئيس اوباما مع دول مثل مصر والسعودية واسرائيل وتركيا قد تدهورت في السنوات الاخيرة، إذ تشكو هذه الدول وغيرها في المنطقة من تردد أو حتى ما تعتبره ضعفاً من واشنطن في ردع ايران وخصوصاً تدخلها في الشؤون الداخلية لسوريا والعراق واليمن. بعض اللاعبين الاقليميين كانوا يرددون بهمس ان أي شيء أفضل من أوباما، لكن هؤلاء قد يعيشون طويلاً مع ترامب لكي يترحموا في النهاية على حقبتي الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما.

قطعاً المتسلطون في المنطقة، يرون في انتصار ترامب تأكيدا غير مباشر لسياساتهم وانتهاكاتهم لحقوق مواطنيهم. وخلال حملته الانتخابية الطويلة تجاهل ترامب ذكر احدى المقولات التقليدية للولايات المتحدة في المنطقة، أي حض الأنظمة الحاكمة على احترام حقوق مواطنيها. وكان ترامب قد امتدح الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي كـ"رجل رائع" بعد لقائه إيّاه في نيويورك قبل الانتخابات، ومن هنا كان اسراع السيسي الى تهنئة ترامب بانتخابه.
النظام السوري رحب بانتخاب ترامب الذي وصفه الاسد بـ"الحليف الطبيعي" لنظامه في مكافحة ما يسميه الارهاب. كذلك سيوقف ترامب تمويل المعارضة السورية وتدربها، وكان قد دعا الصيف الماضي الى انهاء ما وصفه بسياسة بناء الدول و"تغيير الانظمة". مصر تأمل في موقف متعاطف أكثر من الرئيس الاميركي الجديد في حربها ضد الاسلاميين المتطرفين في سيناء، وغض النظر عن انتهاكات حقوق المعارضين في الداخل.
اسرائيل قد تكون من الرابحين الكبار لفوز ترامب. ومن المتوقع ان يكثف بنيامين نتنياهو الأعمال الاستيطانية، خصوصاً انه ليس لترامب مواقف قوية اعتراضية على بناء المستوطنات.
المتفائلون العرب بأن مواقف ترامب القاسية ضد النظام الايراني خلال الحملة الانتخابية سوف تترجم الى سياسة عملية، سوف يجدون ان تفاؤلهم ليس في محله. سوف يكون من الصعب على ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لأن ذلك سيؤثر سلباً على علاقات واشنطن مع حلفائها في بريطانيا والمانيا وفرنسا، ناهيك باغضاب صديقه الجديد فلاديمير بوتين. فضلاً عن أن الانسحاب من الاتفاق أو "تمزيقه" كما كان يؤكد ترامب، سيفتح المجال للمتشددين الايرانيين للتقدم بمطالبهم المتصلبة.
فوز ترامب بالرئاسة يؤكد ان ظاهرة الزعيم الفردي القوي والاوتوقراطي، ليست منحصرة فقط في الدول النامية، بل يمكن ان تبرز الى العلن في الدول المتطورة سياسياً واجتماعياً وخصوصاً خلال الازمات الدولية. بعد انتخاب ترامب، هناك ائتلاف غير مرئي بين الحكام غير الديموقراطيين والرجال الاقوياء، وهذا الواقع سيفرض نفسه في المستقبل المنظور.