مفرحةٌ، وبشرى خير أن تحل ذكرى الاستقلال لهذا العام بعد انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد طول فراغ؛ ومؤسفُ، ونذيرُ خطرٍ أن يُعيد التعطيل انتاج نفسه تارة بالعجز عن تشكيل حكومة، وأخرى بممارسة الفيتوات وسياسات المحاصصة واحتكار المغانم؛ هكذا تُعيد التراجيديا اللبنانية أسوأ حلقاتها؛ لا للفرح- ولو مؤقتاً- وممنوع على اللبنانيين أن يفترضوا للحظة أنهم يعيشون في دولة عادية ومؤسسات مكتملة، وأنهم كبقية خلق الله؛ مواطنون لهم حقوق، وعليهم واجبات، وعندهم آمال!!
لا يستقيم في بلد يدّعي امتلاك دستور ومؤسسات، وتلفّه الأزمات الحارقة من كل صوب؛ أن يعود الى الوراء، إلى الماضي في ادّعاء المضي نحو المستقبل. انتخب رئيسٌ للجمهورية وأجرى استشارات نيابية ملزمة، وكلّف رئيس حكومة بالتشكيل... والنتيجة تكرار لذات المشاهد والتصريحات والاشتراطات والكيديات التي لطالما أغرقت لبنان في وحول الفراغ والفشل والتهميش.
مؤسف أن ينطلق العهد الجديد باستعادة بائسة من بعض أطراف السلطة لكل أدوات الماضي وعبثيته، ومؤسف أكثر تكرار الوقوع في الأخطاء التي تصيب الوطن بمقتل من دون الالتفات إلى التحديات التي تحيط بالمنطقة كلها، فيما الملفات الداخلية العاجلة أكثر من أن تحصى.
ماذا يعني التنازع الحاد القائم بين الأطراف على الحقائب، وخصوصا الخدماتية، وماذا يعني التمسك بحقائب وزارية بعينها واعلان عدم التنازل عنها حتى ولو أدّى ذلك للتعطيل؟ وماذا يعني أن تجري عروض عسكرية بالجملة عشيّة عرض الجيش اللبناني، صاحب الحق والشرعية في حمل السلاح والدفاع عن الوطن وحماية شعبه، في ذكرى الاستقلال؟
مؤسف- لكنه ضروري- القول إن النظام اللبناني بات عصيا على الاصلاح، وأن التدجين الذي مارسته القوى السياسية لمؤسسات الدولة بات يحتاج لما هو أكثر من شعارات الاصلاح المستندة الى العصبيات الطائفية لا غير.
يبقى التذكير بأن رئيس الجمهورية هو، بقوة الدستور والميثاق والأعراف، حَكم ورأس لكل الوزارات والمؤسسات والادارات، ولا ينبغي أن يقال إنه يفاوض على حصة من هنا أو هناك، خصوصاً عندما يتحول الأطراف السياسيون الى أدعياء حق لما لا يملكونه أصلاً!! فعندما يُدار الحاضر بعقليّة وذهنّية وأدوات الماضي؛ فهذا يعني أن البلد ليس بخير، وأن الدولة ليست بخير وأن الاستقلال ليس بخير... وكل ذلك يحتاج الى تجديد واصلاح وحلول منجزة وليس انصاف حلول.
في الذكرى؛ كل عام ولبنان واستقلاله ومؤسساسته بألف خير.
لبنان 24