وصلت مفاوضات تأليف حكومة من 24 وزيراً إلى حائط مسدود، فكان لا بد من مبادرة أخرى. جرى التداول أمس باقتراح يدعمه حزب الله، يقضي بتأليف حكومة من 30 وزيراً، توسّع مروحة التمثيل، وتسمح بإزالة عقدٌ كثيرة من أمام مفاوضات التأليف
بردت في اليومين الماضيين مساعي تأليف الحكومة، وكادت محركات المفاوضين تنطفئ في نهاية الأسبوع. وإذا لم تثمر جهود الساعات الفاصلة عن صباح يوم غد ولم تبصر الحكومة النور، فإن البحث الجدي بشأنها قد يؤجل إلى ما بعد بداية الأسبوع المقبل. من المؤشرات على ذلك، أن وزير الخارجية جبران باسيل سيغادر لبنان بعد احتفال عيد الاستقلال، في جولة في أميركا اللاتينية قد تمتد إلى أسبوع كامل. كذلك قيل إن الرئيس سعد الحريري سيسافر خارج البلاد، لكن مقربين منه نفوا ذلك. مفاوضات تأليف الحكومة كانت قد اصطدمت بأكثر من جدار: رفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منح تيار المردة واحدة من حقائب الطاقة والاتصالات والأشغال.
الأولى يتمسّك بها التيار الوطني الحر، والثانية يريدها الرئيس سعد الحريري للنائب جمال الجراح، فيما أراد العونيون والقوات أن تكون للأخيرة، كجزء من جائزة الترضية بعد عدم منحها حقيبة سيادية. حاول الرئيس الحريري إقناع النائب سليمان فرنجية بالحصول على حقيبة التربية بدلاً من الأشغال، لكن زعيم المردة أصرّ على موقفه.
أضيفت عقدة ثانية: الرئيس نبيه بري يرفض «منح» الرئيس ميشال عون مقعداً شيعياً «بلا مقابل». أما العقدة الثالثة، فتمثلت في رفض الرئيس سعد الحريري «التخلي» عن مقعد سني لرئيس الجمهورية، كونه يريد التحضير للانتخابات النيابية المقبلة بفريق وزاري سنّي «غير منقوص». ثم أتى موقف النائب وليد جنبلاط الرافض للحصول على حقيبة الشؤون الاجتماعية ليزيد الأمور سوءاً. عقَد «جانبية» أخرى ظهرت في مسار التأليف، كتوزيع الحقائب المسيحية. فبعد «نفخ» الحصة القواتية وجعلها مساوية لحصة التيار الوطني الحر، مع نية إعادة توزير الوزير ميشال فرعون ومنح حقيبة للمردة وأخرى للكتائب وثالثة للطاشناق، ورابعة للحريري، لم يعد لرئيس الجمهورية سوى وزير مسيحي واحد يشغل حقيبة الأقليات.
وأمام انسداد مسار المفاوضات، تحركت مساعٍ خلفية يبدو أن حزب الله يدعمها بقوة، وتهدف الى إقناع الرئيسين عون والحريري بتوسيع الحكومة لتضم ثلاثين وزيراً. ويهدف هذا الاقتراح إلى معالجة مجموعة من العراقيل، منها:
يستطيع العماد عون أن يحافظ مع التيار على حصتهما الوازنة بزيادة وزيرين مسيحيين إليها، ويمكن عندها أن «يتنازلا» بسهولة عن مقعد للحريري مقابل المقعد السني السادس لعون، فيكون من نصيب الوزير السابق عبد الرحيم مراد. كما يمكن عون أن يحصل على المقعد الشيعي السادس، على أن يحصل الحزب السوري القومي الاجتماعي على مقعد مسيحي للنائب أسعد حردان. وفي هذه الحالة، يكون توزير حردان ووزير من المردة بمثابة توازن في وجه الحصة المقررة للقوات، علماً بأن مصادر بعبدا تقول إن القوات ستأخذ حصة توازي حصة الكتائب في حكومة تمام سلام، أي «وزيرين ونصف وزير»، هم وزيران حزبيان وثالث تشبه علاقته بالقوات علاقة وزير الإعلام الحالي رمزي جريج بالكتائب.
كذلك، فإن الصيغة الثلاثينية تضمن توزير النائب طلال أرسلان أو من ينوب عنه، بعد إضافة مقعد درزي ثالث، علماً بأن جنبلاط لا يزال يتحدث عن توزير مروان حمادة وأيمن شقير.
في المقابل، يرفض الحريري توسيع الحكومة من 24 وزيراً إلى 30. وحجته أنه يحظى الآن بربع مقاعد الحكومة، أي ستة من 24، هم 5 سنّة وماروني. وفِي حال إضافة ستة وزراء، لن يُضاف إلى حصته أي منهم (لأن المقعد السني السادس سيكون لرئيس الجمهورية)، بينما ستزيد حصص الآخرين.
وتجدر الإشارة إلى تردد معطيات عن نية النائب فرنجية تسمية النائب السابق فريد هيكل الخازن كممثل عن تيار المردة في الحكومة، الأمر الذي سيخلق مشكلة جديدة مع عون والتيار الوطني الحر، وخاصة لأن الخازن من كسروان، وستمنحه وزارة الأشغال ذخيرة مهمة للتحضير للانتخابات النيابية. لكن مصادر المردة نفت ذلك، فيما نُقِل عن الخازن قوله إن هذا الأمر لا يزال في إطار الفكرة. كذلك عادت إلى التداول فكرة ترك منصب نائب رئيس الحكومة الى نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس الذي يرفض تولي وزارة الدفاع من دون منصب نائب الرئيس.