تمهيد:
أمّا وقد أعلن السيد وئام وهّاب عن قيام سرايا التوحيد كتنظيم مشابه لتنظيمات سرايا المقاومة المرتبطة بحزب الله، فقد أدخل الطائفة الدرزية في متاهة العصبيات المذهبية والطائفية المنفلتة من عقالها هذه الأيام مع بداية عهدٍ جديد لم تتوضّح حتى الآن معالم خياراته الداخلية والإقليمية. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: ما جدوى هذا الاستثمار المكلف الذي يقوم به حزب الله داخل طائفة لا يمكن أن تجد لها ملاذاً آمناً سوى قيام الدولة الشرعية الموحّدة، والطائفة الدرزية تبدو هذه الأيام موحّدة ومتضامنة مع زعامتيها التقليديّتين الجنبلاطية والارسلانية.
أولاً: دور وهاب الإعلامي الطبيعي
لطالما شكّل السيد وهاب منبراً إعلامياً ناجحاً ومميزاً لقوى الثامن من آذار قبل انفراط عقدها، وفي كلّ المحطات ظلّ أميناً لعقيدة حزب الله وخياراته السياسية الداخلية والإقليمية تحت عنوان دعم جبهة المقاومة والممانعة في لبنان وسوريا، وفي هذا الاطار وضمن هذه المهام الإعلامية المحدودة ظلّ دور وهاب معقولاً ومبرراً، وحتى مقبولاً في أوساط لبنانية عديدة كانت تنتظر إطلالاته التلفزيونية الشيّقة في بعض الأحيان، فكان لا يتورع عن إظهار "الفحش اللفظي" بحقّ بعض خصومه السياسيين، وما زالت عالقة في أذهان الكثيرين تشبيهه المحكمة الدولية ب"صرمايته". ويبدو أنّه كان راضياً عن هذا الدور إلى أن ظهر على المسرح السياسي طامحاً لإنشاء حزب سياسي تابع له، مترافقاً مع إنشاء بعض المؤسسات التي تتطلب موازنات ضخمة (مستشفى) تتعدى بما لا يقاس كل ما يُصرف ويُبذل لسائر الإعلاميين المرتبطين بمحور المقاومة والممانعة، وهذا فتح مجالاً للقول بأنّ وهاب يتلقّى دعماً مالياً مباشراً من الجمهورية الإسلامية في إيران.
ثانياً: الإستثمار الشيعي البائس
سارع زعيم الطائفة الدرزية الوزير وليد جنبلاط، ملك "الحرتقات" السياسية اللبنانية للسخرية من عروض وهاب في بلدته "الجاهلية" بالقول إنّها "جلسة تأمُّل تصاعدي" وأنّها "سهام ورقية طائشة"، فظهور القمصان السود في عرين الزعامة الجنبلاطية ما هي إلاّ سهام ورقية طائشة، أي أنّها لا يمكن أن تُقارن أو تُشبه بتلك القمصان السود التي ظهرت في قلب بيروت "السّنية" قبل إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام ٢٠١١ . وهذا يعيد طرح السؤال بحدّة وجدّية هذه المرّة: كيف يمكن لحزب الله أن يُغامر بهذا الدعم المادي والسياسي والمذهبي للسيد وهاب في بداية عهدٍ يعتبره كثيرون "عهد حزب الله"، وهل تساعد مثل هذه العراضات البهلوانية على إنطلاقة مريحة للعهد؟ فضلاً عمّا يُتداول هذه الأيام عن أزمة مالية عند الحزب سببتها وتسبّبها نفقات الحرب السورية المتعاظمة، وأكثر ما يخشاه بعض الغيارى على الحزب والطائفة أن يتمخّض إعلان السرايا عن "خبطة" إعلامية من خبطات الإعلامي "المهرّج" وئام وهّاب، وأنّ ما أطلقه في سماء "الجاهلية" ما هي إلاّ أوراق طائشة لم تُدرك "الاسلام" بعد، وأنّ "بؤس" الإستثمار السياسي للوهابية سيذهب قريباً ب"نعيم" الاستثمار الإعلامي.