كانت صورة الأمس واضحة جداً بين القصرين وثمة صعوبة في ايجاد هدنة طويلة الأمد طالما أن المواقف بين الرئيسين على ما هي عليه ولا إمكانية لفكّ الإشتباك بين اتجاهين مختلفين في السياسة اللبنانية ولطالما حذر الكثيرون من هبوب العواصف وكثرة الرياح العاتية والعاتبة على عهد غير مكتمل بفعل التباين الواضح في السياسة والإدارة .
كما كان متوقعاً بدأ خلاف ما بعد الرئاسة وتأخرت التشكيلة الحكومية لأسباب معلومة وأخرى مجهولة رغم أن التوزيع الوزاري جاء كما قلنا سابقاً إستنساخاً لمسودات قديمة وضعها روّاد الدولة وفق منطق القوّة الطائفية ولا إمكانية للتعديل ما دامت توازنت الطوائف على ما هي عليه .
في العودة الى التوتر بين بعبدا وعين التينة يبدو أن مساحة الإختلاف ستتسع لعهد كامل خاصة وأن الأسباب الموجبة لذلك موجودة وثمّة صعوبة للتخلص منها وهي جاهزة للتكاثر على ظهر التجربة الحكومية والملفات الخلافية المتراكمة بين تيارين لم يلتقيان أبداً في أي فرصة سياسية متاحة .
من هنا سيكون السيد حسن نصرالله شبه متفرغ لأزمة الخلاف بين حليفيه خاصة وأنه معني في الإختيار و الإختبار رغم معرفته المسبقة بعُسر نتائج ما التزم وألزم نفسه به بعد جملة نصائح بادرها بتفاؤل صعب لإستقرار سياسي داخلي مطلوب ولا إمكانية له دون التوصل الى هذه التسوية بحسب رأيه .
لقد وضع السيّد نفسه في مصير سياسي مربك سيدفع به باستمرار الى معالجة تعقيدات التعاون بين الرؤساء في ظل نوّة إصلاح  وتغيير في البنية السياسية والتي قامت على معايير ورموز بات من المستحيل الدخول اليها لهدم أركانها . لذا سيجد السيد نصرالله ضرورة الإبتعاد عن دور الوسيط المحكوم بشروط المختلفين ولا إمكانية منه لرفع الشروط الموضوعة بإحكام وفرض ضرورة التعاطي الإيجابي في مرحلة استحقاق إقليمي على ضوء الإدارة الأمريكية الجديدة .
يظن البعض أن ساعة ندم قد توافي السيد بعد أن يُدرك عمق الشق الخلافي الذي سيتضاعف وسيأخذ أبعاد جديدة من أزمة الاجتماع الطائفي الذي تآكل لعدم قدرته على التماهي مع الهوية الوطنية بسمات الدولة لابسمات الطائفة وهذا ما كرّس عصبية  تتغذى على النزعة المذهبية و لهذا نشهد دعوات لإيقاظ غريزة الشارع لتحسين شروط الزعامة السياسية .