تكثر الفيروسات التي تصيب الأطفال في فصل الشتاء، خصوصاً خلال الفترة الممتدة من أيلول حتى كانون الثاني، بسبب الطقس المتقلّب والرطوبة المرتفعة والحرارة المنخفضة التي تجذب مثل هذه الفيروسات. فما هي أبرز أنواعها المنتشرة شتاءً، وكيف تؤثر في الاطفال، وكيف يمكن أن نحدّ من تطوّر المضاعفات؟في الإجمال هناك نوعان من الفيروسات التي تصيب الأطفال، ويفصّلها طبيب الأطفال وحديثي الولادة، في مستشفى سرحال الدكتور أنطوان يزبك، قائلاً: "نشهد في هذه الفترة، فيروس الإنفلونزا والرشح العادي (common cold) إضافة الى الفيروسات المعوية".
الإنفلونزا
تنتشر فيروسات الرشح أكثر من المعوية، وبدورها تقسم الى نوعين، يشرحهما يزبك كالآتي "النوع الأول هو فيروسات الانفلونزا: A،B، h1n1 ، إضافةً للبارا انفلونزا".
ويلعب التلقيح دوراً أساساً ضدّ هذه الفيروسات، و"على الأهل أن يعلموا أنّ التلقيح ضدّ هذا النوع من الانفلونزا لا يحمي الطفل من الفيروسات. وعادةً تكون الانفلونزا مزعجة لصحّة الطفل لأنها تخفّف مناعته، فيصبح عرضةً للبكتيريا التي تسبّب له مشكلات صحية مختلفة كالالتهابات"، كما يوضح يزبك.
الانفلونزا بحدّ ذاتها لا تقتل، بل المضاعفات والتفاعلات الجانبية هي التي تكون خطيرة، وهنا يفصّلها: "إذا لم تخفّ مناعة الطفل فإنه حتماً سيشفى خلال 3 الى 5 أيام.
وتجدر الإشارة إلى أنّ البكتيريا يمكن أن تكون بسيطة وتتمركز على الأنف والأذن والحنجرة، فنصف عندها المضادات الحيوية (Antiobiotique)، أو تكون خطيرة فتسبّب له التهاب السحايا (méningite) أو الالتهاب الرئوي (pneumonie) ما يحتّم دخوله الى العناية الفائقة في المستشفى». ويشدّد يزبك على أنّ «المضادات الحيوية لا تعالج الانفلونزا بل تقتصر على علاج البكتيريا فقط".
الرشح العادي
أمّا النوع الثاني فهو الرشح العادي (common cold)، المختلف عن الانفلونزا، وبحسب الدكتور يزبك "يضمّ هذا النوع مجموعة من الفيروسات مثل «ادينو فيروس" أو "رينو فيروس" أو "أر.اس.في" وهي تصيب الرئتين، وتزيد من قصور التنفّس وتشكّل خطراً على الأطفال ما يسبّب دخولهم المستشفى، خصوصاً الذين وُلدوا قبل أوانهم.
ولكن بالنسبة لباقي الفيروسات من الرشح العادي، لا تكون عادةً خطيرة كالانفلونزا، ويتخلّص الجسم منها بعد يومين أو ثلاثة من الإصابة بالمرض. ولكن على الأهل الانتباه إلى أنّ الرشح العادي يمكن أن يسبّب للطفل الصغير مشكلات جدّية. ولا نصف لهذا الرشح أيّ دواء سوى السوائل والفيتامين سي، وقطرة الأنف".
العوارض
تشبه عوارض الانفلونزا عوارض الرشح العادي، ولكنّ الطبيب يمكن أن يفصل بينهما لأنّ عوارض الانفلونزا تكون أكثر جدّية، ويعدّدها يزبك قائلاً: "السعال، إرتفاع في درجات الحرارة، وجع في الرأس، تعطيس وحكّة في الأنف، وجع في الحنجرة وفي العضلات وأحياناً صعوبة في التنفس. حتّى إنّها يمكن أن تسبّب وجعاً في الامعاء أو تقيّوءاً أو إسهالاً، وهنا يكون الفيروس قد أصاب الامعاء".
وبالنسبة لتطوّر المرض، يلفت إلى أنّ "هناك فترة سماح للفيروس، أي بين الفترة التي يُلتقط فيها الفيروس والفترة التي تظهر فيها العوارض. فالعوارض تظهر بعد أيام من الإصابة وليس على الفور. ويبقى الفيروس في جسم الإنسان من 3 الى 5 أيام، إلّا أنّ السعال يستمرّ بعد شفائه ويمكن أن يرافقه لمدة شهر، وهنا وجوب تمييزه عن السعال الديكي الذي يظهر أيضاً في هذه الفترة وهو خطير إذ إنه سريع الانتقال بالعدوى للأطفال الصغار غير الملقّحين، ويستمرّ من 3 الى 6 أشهر".
الفيروسات المعوية
الى جانب فيروسات الرشح، تصيب الأطفال في هذه الفترة الفيروسات المعوية وعوارضها عادةً الإسهال والتقيّؤ والحرارة المرتفعة، ويشرح الكتور أنطوان يزبك أنّ هناك "ضرورة لتعويض ما خسره الطفل في هذه الحال من الماء والملح، إمّا عن طريق المصل الذي يتوافر في الصيدلية ويُؤخد بواسطة الفم، أو عبر حقن المصل في المستشفى. إضافةً الى بعض الادوية لتوقيف الإسهال، وإعطائه البكتيريا الصديقة المفيدة للجسم".
الى ذلك، بدأت عيادات الأطباء تشهد بعض حالات الانفلونزا وH1N1، وبعض حالات الفيروسات المعوية، وفي السياق ينصح يزبك الأهل بـ"الانتباه الى أولادهم، وعدم إرسالهم الى المدارس والحضانات في حال أصيبوا بأيٍّ من الفيروسات كي لا يتسبّبوا بالعدوى للآخرين، كما يجب التشديد على نظافة الطفل أثناء الأكل والشرب وضرورة غسل اليدين وعدم استعمال أغراض الغير. والى جانب هذه الخطوات، اللقاحات مهمّة جدّاً للجميع فهي تحمي الأطفال من الالتهابات التي تُدخلهم الى المستشفى".
أخيراً، انتبهوا الى صحة أولادكم، واعلموا أنّ كلّ ما لا تعرفونه تجهلونه، عليكم أن تدركوا الاختلاف بين أنواع الفيروسات خصوصاً بين الانفلونزا والرشح العادي، وأن لا تستخفّوا بالعوارض، وإذا استمرّ ارتفاع الحرارة لمدة 48 ساعة من الضروري التوجّه الى الطبيب، حتى إنّ هناك إشارات تظهر على الطفل وتستدعي التوجّه بعد 24 ساعة خصوصاً بالأطفال تحت السنتين، لإعطائهم العلاجات السريعة وحمايتهم من الالتهابات الخطيرة، فالتأخّر يسبّب الكوارث لصحة أطفالكم.
ويشدّد يزبك على «عدم استشارة الطبيب عبر خلال الواتس آب أو تصوير حنجرة الطفل مثلاً أو تسجيل صوت سعاله، لأنه هنا قد نخطئ في التشخيص خصوصاً من دون الكشف على الطفل، ما يسبّب أخطاءً طبّية، يلوم الأهل الطبيب عليها في طبيعة الحال.
كذلك، يُمنع إعطاء المضادات الحيوية (antibiotique) للطفل من دون وصفة طبية بعد الكشف الدقيق، فلا تعملوا بوصفة الجيران أو الصيدلي أو المسؤولين في المدرسة، إذا اردتم سلامة طفلكم".
(الجمهورية)