تستعر حرب الإبادة التي تقوم بها قوات الأسد - روسيا ضد مناطق المعارضة ولا سيما في حلب شمال سوريا وكذلك في دوما شرق العاصمة دمشق، حيث تقوم المقاتلات بقصف صاروخي عنيف ضد المدنيين. وكذلك عاد القصف بغازات الكلور إلى حلب موقعاً ضحايا مدنيين من بينهم أطفال، من دون استثناء المستشفيات التي خرج ثلاثة منها من الخدمة بسبب القصف الصاروخي العنيف، فيما رأت الأمم المتحدة أن السكان المحاصرين في شرق حلب يواجهون «لحظة قاتمة جداً».

ففي حلب ارتفع عدد قتلى الغارات إلى أكثر من ثمانين قتيلاً من جراء القصف، مع استمرار المعارك في محاولة من قوات الأسد لاختراق بعض المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

ونقل مراسل «الجزيرة» عن الدفاع المدني في حلب أن ثمانين شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب 150 في غارات وقصف كثيف للنظام السوري على حلب وريفها. وقال المراسل إن من بين القتلى سبعة من عائلة واحدة قضوا في غارة استهدفت منزلهم بقرية كفر جوم غربي حلب، ما يرفع عدد القتلى خلال ثلاثة أيام إلى أكثر من 170 قتيلاً.

وتركزت غارات الطيران المروحي على المستشفيات في الأحياء التي تشهد مجازر يومية، ما أدى لتدمير ثلاثة مستشفيات في الأحياء المحاصرة، بحسب مراسل «كلنا شركاء»، الذي قال إن معظم القتلى من الأطفال والمدنيين قضوا بالبراميل المتفجرة والصواريخ التي تنهال 

بالعشرات على مدينة حلب، كما أصيب أكثر من 80 مدنياً من جراء قصف قوات النظام.

ومعظم الضحايا سقطوا في حيّ السكري، الذي يتعرض لقصفٍ هو الأعنف دمر المساكن على رؤوس ساكنيها، وانتشلت فرق الدفاع المدني أكثر من 21 قتيلاً من تحت الأنقاض، وسط استمرار عمليات البحث لإخراج عشرات المفقودين تحت الأنقاض.

وأكد الدفاع المدني لمدينة حلب إصابة 12 مدنياً بحالات اختناق نتيجة استهداف حي مساكن هنانو وأرض الحمرا ببراميل متفجرة من قبل مروحيات النظام التي تحوي غاز الكلور السام بمدينة حلب المحاصرة، في حين أصيب أحد متطوعي الدفاع المدني جراء القصف على حي بستان الباشا.

وبالتزامن مع حملة النظام الجوية على مدينة حلب، كان الطيران الروسي يغير على ريفها الغربي والشمالي الغربي، حيث طال القصف كلاً من مدن حيان وعندان والأتارب، وبلدات قبتان الجبل، وأورم الكبرى، وكفر ناصح وغيرها، موقعاً قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وفي بلدة «كفرجوم« بريف حلب الغربي، قضى سبعة مدنيين، معظمهم أطفالٌ من عائلةٍ واحدةٍ جراء غارة روسية على منزلهم في البلدة.

وأفاد مراسل الجزيرة أن مستشفيين ميدانيين دمرا في حلب من جراء القصف الجوي، وأن الغارات استهدفت أحياء حلب الشرقية بمختلف أنواع القنابل الفراغية والصواريخ المظلية والبراميل المتفجرة، فضلاً عن الغازات السامة التي تسببت في 12 حالة اختناق بين المدنيين ومن بينهم أطفال.

وناشد مصدر طبي في مدينة حلب كافة المنظمات الإنسانية الدولية للتدخل لإيقاف ما وصفها بـ»محرقة حلب» وإنقاذ من تبقى من المدنيين في الأحياء الشرقية من مدينة حلب على قيد الحياة، وإخلاء الجرحى.

وأشار المصدر إلى وجود أكثر من 100 حالة تحتاج إلى نقل عاجل إلى خارج المدينة لإجراء عمليات جراحية معقدة، معبراً عن عجز الكوادر الطبية في المدينة لتغطية الكم الكبير من الإصابات التي ترد إلى المشافي على مدار الساعة.

وأكد المصدر أن أكثر من 60 مدنياً قضوا إثر قصف أمس، إضافة إلى عشرات الجرحى، متوقعاً ارتفاع الأعداد نظراً لاستمرار حملة القصف الجوي والمدفعي على كافة الأحياء الشرقية.

كما استهدف الطيران المروحي حيي «هنانو» و»الأرض الحمرا» في حلب ببراميل تحتوي على مادة الكلور السامة، ما أدى لحدوث حالات اختناق في صفوف المدنيين. وطال قصف مماثل بلدات وقرى ريفي حلب الغربي والجنوبي.

وفي ذات السياق، أحصت منظمة الدفاع المدني السوري في حلب أكثر من 180 غارة بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة وأكثر من 200 قذيفة مدفعية وصاروخية سقطت على أحياء حلب الشرقية يوم أول من أمس الخميس، متسببة بمقتل 49 شخصاً وأكثر من 160 جريحاً بينهم حالات حرجة.

وتسبب قصف مدفعي لقوات الأسد مساء على حي المعادي في شرق حلب بخروج مستشفى عن الخدمة بعد تضرره جزئياً، وفق ما أورد المرصد السوري.

وأفاد المرصد بأن «قصفاً مدفعياً استهدف حي المعادي وادى الى تضرر مستشفى عمر بن عبد العزيز وخروجه عن الخدمة بعد سقوط قذائف، إحداها في جناح المرضى»، في وقت تتعرض الأحياء الشرقية لحلب التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة لغارات وقصف مدفعي كثيف.

وقال مراسل لفرانس برس في شرق حلب نقلاً عن مصدر طبي في المستشفى إن القصف أدى «الى تدمير جزئي للمستشفى المتخصص في الأمراض العامة»، موضحاً «أن مريضين قتلا بعد إصابتهما بالقصف عدا عن إصابة مرضى في المستشفى وأفراد من الطاقم الطبي بجروح».

وأوضح أنه تم إجلاء غالبية المرضى والجرحى والطاقم الطبي من المستشفى بعد خروجه عن الخدمة.

ويأتي استهداف المستشفى بعد ساعات من استهداف مركز رئيسي للدفاع المدني في حي باب النيرب، وخروجه عن الخدمة وفق مراسل فرانس برس.

وقال مدير المركز بيبرس مشعل «تم استهداف المركز بشكل مباشر بأربعة براميل متفجرة وصاروخين وعدد من القذائف ما أدى الى تدميره بالكامل». وأضاف «خرج المركز نهائياً عن الخدمة ولم تعد أي من آلياته صالحة للعمل».

وقال مستشار للأمم المتحدة إن السكان المحاصرين في شرق حلب يواجهون «لحظة قاتمة جدا» في ظل عدم وجود غذاء أو إمدادات طبية ومع دخول الشتاء.

قال يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن إمدادات الاغاثة نفدت لنحو 250 ألف مدني في الشطر الشرقي المحاصر من مدينة حلب السورية وإن الحكومة السورية وحلفاءها لم يوافقوا على توفير ممر آمن لقافلة إغاثة.

وأبلغ إيغلاند «على قدر علمي فإن جميع المستودعات تقريبا خاوية الآن وعشرات الآلاف من الأسر نفد ما لديها من الغذاء وجميع الامدادات الاخرى.. لذلك، فإن هذه لحظة قاتمة جدا ونحن نتحدث عن تسونامي هنا.. نتحدث عن كارثة من صنع الانسان من الألف إلى الياء.»

وكثفت قوات الأسد من قصفها على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، بالتزامن مع اندلاع اشتباكات بين جيش الإسلام وقوات الأسد على جبهة الميدعاني شرقي دوما.

وقال مراسل أورينت.نت إن الطائرات الحربية استهدفت الأحياء السكنية في دوما بعدة غارات جوية، كما قصف النظام المدينة بعشرات صواريخ أرض – أرض، ما أدى إلى استشهاد 7 مدنيين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة.

واستهدفت قوات الأسد مدينة دوما بأكثر من30 غارة جوية، و22 صاروخاً من نوع أرض – أرض، وأكثر من 150 قذيفة هاون، بالإضافة إلى عشرات راجمات الصواريخ التي انهالت على المدينة بمعدل 3 صواريخ بالدقيقة الواحدة وعلى مدار ساعة كاملة.

وأشار مراسلنا، إلى أن قوات الأسد ارتكبت مجزرة في مدينة جسرين راح ضحيتها 6 شهداء من عائلة واحدة بينهم 5 أطفال، بالتزامن مع استهداف مدن حرستا، عربين، حزة، سقبا، وحمورية بالمدفعية والصواريخ ما أوقع عشرات الجرحى، وسط استنفار الدفاع المدني الذي سارع لانتشال المدنيين من تحت الأنقاض.

وبلغت حصيلة الشهداء في الغوطة الشرقية خلال 24 ساعة من القصف المتواصل من قوات الأسد إلى 21 مدنياً.

وشن طيران النظام غارات استهدفت حي جوبر بدمشق ترافقت مع قصف مدفعي عنيف، كما تعرض حي القابون لقصف مدفعي أدى لسقوط قتيل وعدة جرحى، بينما سقطت قذائف هاون على أحياء باب توما والمزرعة والمزة والمهاجرين وأدت أيضاً لسقوط قتيل وجرحى.

أما ريف دمشق فشهد غارات يعتقد أن الطيران الروسي شارك فيها، وذلك في مناطق عدة بالغوطة الشرقية، مما أدى لمقتل ستة أشخاص معظمهم أطفال في بلدة جسرين، في حين تقدمت فصائل المعارضة في بلدة ميدعاني وتصدت لهجوم في بلدة المحمدية وقتلت عدة جنود للنظام.

وقالت شبكة شام إن الغارات شملت عدة بلدات في ريفي حماة وإدلب وجبل الأكراد باللاذقية، مضيفة أن القصف المدفعي شمل أيضاً مناطق متعددة بما فيها حي الوعر بحمص وبلدات في ريف درعا، مما أدى لسقوط جرحى.

وفي سياق آخر، أعلن المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في مقابلة حصرية مع «فرانس برس» أن المنظمة المكلفة تدمير الأسلحة الكيميائية في أنحاء العالم تنظر حالياً في «أكثر من 20» اتهاماً باستخدام أسلحة مماثلة في سوريا منذ شهر آب الماضي.

وقال أحمد أوزومجو إن التحليلات التي أجرتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ترجح أيضاً أن يكون تنظيم «داعش» «قد صنع بنفسه» غاز الخردل الذي استخدم في هجمات ضد المدنيين في العراق وسوريا.

وأضاف أن هذا تطور يثير «قلقاً شديداً«، وأتت تصريحات أوزومجو بعد ساعات من إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً يمدد لعام مهمة فريق المحققين الذي شكلته الأمم المتحدة في آب 2015 والمكلف تحديد المسؤوليات عن الهجمات الكيميائية في سوريا.

وبعد أكثر من عام من التقصي، قال محققو لجنة التحقيق إن تنظيم «داعش» استخدم غاز الخردل في هجوم في آب 2015 فيما استخدم جيش الأسد غاز الكلور في شمال سوريا في 2014 و2015. وكانت هذه أول مرة يتم اتهام دمشق بشكل مباشر وتتم الإشارة بالاسم إلى وحدات من الجيش السوري بأنها مسؤولة عن هجمات بغاز الكلور.