يُعَد غاريد كوشنر، رجل الأعمال والناشر وعملاق العقارات، والذي يبلغ من العمر 35 عاماً، أحد الأفراد الأساسيين بفريق الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانتقالي.
غاريد هو زوج إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي المنتخب، ويمكن القول إنَّه في طريقه إلى أن يصبح أقوى صهرٍ تطأ قدماه البيت الأبيض.
خلال المراحل الأخيرة لحملة ترامب الانتخابية، كان كوشنر هو المدير الفعلي للحملة؛ فقد كان يقدّم النصائح لترامب بخصوص الاستراتيجية التي ينبغي له اتباعها، وكان يقوم بصياغة خطابات ترامب، وكذلك قام بإدارة الحملة الإعلامية الخاصة بترامب على وسائل الإعلام الرقمية، وفق تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية، الخميس 17 تشرين الثاني 2016.
وبعد 8 أيام من فوز ترامب المفاجئ، يعمل الآن كوشنر في قلب عملية انتقال ترامب الفوضوية للسلطة، والتي وصفتها وسائل الإعلام بأوصافٍ مختلفة للإشارة إلى الاقتتال الداخلي بالحملة، كتشبيهها بعمليات التطهير على طريقة ستالين، أو بمعارك الأسلحة البيضاء؛ إذ إنه تمت إقالة كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، من منصب مدير الفريق الانتقالي يوم الجمعة، وعُيِّنَ بدلاً منه نائب الرئيس المنتخب، مايك بينس.
يُزعَم أن إقالة كريستي من منصبه كانت بسبب العداء القائم بينه وبين كوشنر؛ إذ قام كريستي أثناء عمله مدعياً فيدرالياً برفع بعض الدعاوى القضائية ضد تشارلز كوشنر، والد غاريد، والذي أُدِينَ بسبب تهمٍ عديدة؛ منها التهرب الضريبي والتلاعب بالشهود وإقامة حملات تبرعات غير قانونية. حصل تشارلز على حكمٍ بالسجن لمدة عامين، قضى منها عاماً واحداً ثم تم إطلاق سراحه. وبينما كان تشارلز بالسجن، تولى غاريد مهمة إدارة أعمال والده.
ومبكراً هذا الأسبوع، تمت إقالة عضوين آخرين من فريق ترامب الانتقالي، وهما مايك روجرز الذي كان مسؤولاً عن تولي شؤون الأمن القومي، وماثيو فريدمان أحد أفراد جماعات الضغط السياسي، والذي تربطه علاقات وثيقة برجال الأعمال والحكومات الأجنبية. وكلاهما كان حليفاً لكريستي.
دراسته
درس غاريد كوشنر، الشاب الوسيم والطويل الذي يشبه النبلاء، بجامعات هارفارد ونيويورك (طبقاً للكاتب دانيال غولدن، مؤلف كتاب "The Price of Admissions: How America’s Ruling Class Buys Its Way into Elite Colleges"، فإن غاريد تم قبوله في جامعة هارفارد بعد تبرع والده للجامعة بمبلغٍ ضخم، وصل إلى 2.5 مليون دولار). وفي سن 26، كان غاريد قد بدأ في القيام بصفقاته الضخمة الخاصة. وعام 2007، اشترى غاريد بناءً ضخماً للمكاتب بجادة فيفث أفينو بنيويورك بقيمة 1.8 مليار دولار. شكلت القروض النسبة الأكبر من هذا المبلغ الضخم.
لدى كوشنر صفةً تميزه عن حاشية ترامب اليمينية: فهو يهودي (تحولت إيفانكا ترامب إلى اليهودية عند زواجها به عام 2009، ولديهما الآن 3 أطفال يدينون باليهودية الأرثوذكسية). دافع غاريد دائماً عن الاتهامات المستمرة لترامب بمعاداته للسامية، وكتب مقالاً للدفاع عنه نشرته صحيفة "نيويورك أوبزرفر" التي يمتلكها.
يصف ترامب صهره غاريد بالرجل العظيم. كما قام ترامب أيضاً بفعلٍ غير مسبوق؛ إذ يُقال إنَّه قد طلب تصريحاً أمنياً لحضور غاريد لجلسات الاستماع الرئاسية شديدة السرية، والتي كانت الأولى منها يوم الثلاثاء الماضي. ومن غير الواضح ما إن كان هذا الطلب سيتم الموافقة عليه أم لا، ولكنه يُعَد اختلافاً مذهلاً عن الرؤساء السابقين، وربما يؤدي إلى اتهام ترامب بالمحسوبية.
طبقاً لتصريح ريتشارد باينتر، المحامي السابق بالبيت الأبيض في أثناء تولي جورج بوش للرئاسة، لوكالة أسوشييتد برس الإخبارية، تظل خيارات غاريد وإمكانية تعيينه بالبيت الأبيض محدودة، وذلك لعلاقته العائلية بترامب؛ إذ أقر الكونغرس مشروع قانون عام 1967 يمنع الرئيس من تعيين أيٍ من أفراد عائلته، ومن ضمنهم أصهاره، بالبيت الأبيض أو إحدى الوكالات التي يشرف عليها، وذلك للقضاء على المحسوبية. وكان هذا القانون قد تم تمريره بعد تعيين الرئيس الأميركي السابق جون كيندي لأخيه روبرت بمنصب المدعي العام.
ولكن القانون لا يستطيع منع كوشنر من العمل مستشاراً بشكلٍ مجاني، ويشك القليلون في إمكانية لعب كوشنر دوراً حاسماً في تشكيل سياسة فترة ترامب الرئاسية. وفي أثناء اللقاء الخاص بين ترامب وأوباما الأسبوع الماضي، كان كوشنر يتجول بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض ويجري حديثاً طويلاً مع مدير موظفي أوباما. وعندما وصل كوشنر إلى الجناح الغربي بأصواته الصاخبة، سأل معاوني أوباما قائلاً: "كم شخص من هؤلاء سيبقى بالبيت الأبيض؟"؛ إذ لم يكن يعلم أن جميع موظفي الجناح الغربي سيرحلون برحيل أوباما في نهاية ولايته الرئاسية.
يمتلك غاريد علاقات قوية بالعديد من الشخصيات المهمة، كهنري كيسينغر، وروبرت مردوخ، كما قام من قبل باستقبال العديد من السفراء الأجانب. ومع أن غاريد لم يشغل أي منصب رسمي بالحكومة من قبل كترامب، ولكن يبدو الآن أنه يتم إعداده ليصبح أكثر أهمية من غيره من أصحاب تلك المناصب.
(Huffington Post - The Guardian)