لماذا انفجر الموقف بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي؟ ولماذا اشترك البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، في الانفجار الكلامي بين رئيسي الجمهورية والمجلس؟ وهل هناك آثار سلبية على مثل هذا الانفجار على تشكيل الحكومة؟
أوساط عين التينة، جزمت ان الاندفاعة الحكومية تفرلمت.
في «بيت الوسط» ثمة انزعاج لدى الرئيس سعد الحريري مما جرى أو قد يجري بين بعبدا وعين التينة.
اما في بعبدا، فهناك استهجان ودهشة من مسارعة الرئيس برّي للرد على تصريح الرئيس عون في بكركي، التي قصدها أمس في إطار ما درج عليه العرف في ان تكون أوّل زيارة لرئيس الجمهورية بعد انتخابه، والذي أشار فيه إلى «ان جميع مؤسساتنا اصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب، والعجز الذي وقعت فيه السلطة».
وفيما لم يصدر عن رئاسة الجمهورية أي تعليق، رأت مصادر رسمية ان ردة فعل الرئيس برّي كانت سريعة ومستغربة، خصوصاً وأن مواقف الرئيس عون ليست جديدة، وسبق له ان عبر عن رأيه في غير مناسبة، ومؤدى هذا الرأي ان التمديد للمجلس النيابي عطل الحياة الديمقراطية في البلد وانعكس سلباً على المؤسسات.
ونفت المصادر ان تكون عملية تأليف الحكومة قد تعقدت بسبب انفجار الخلاف بين الرئيسين، مشيرة إلى ان الاتصالات ما زالت مستمرة ولم تتوقف، الا انها أقرّت بأن أي جديد لم يسجل على هذا الصعيد.
وبعيداً عن تساؤل الرئيس برّي عن السبب الذي دفع الرئيس عون لإعادة تكرار هذا الموقف، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى موعد صدور مراسيم الحكومة، وتأكيده ان لا سبب كان يدعوه لما صدر عنه، ربطت مصادر واسعة الاطلاع بين مطالب الرئيس برّي في ما خص الحكومة، ورفض الرئيس عون لمثل هذه المطالب.
وفي رأي هذه المصادر ان أزمة الحقائب وراء هذا الانفجار، وما عزّز هذا الاقتناع كلام البطريرك الراعي من انه «لا يجوز في أي حال استبدال «سلة الشروط» بصيغ التشبث بالحقائب، وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر».
وأردف الراعي قائلاً: «هذا أمر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني ويدخل اعرافاً تشرع الباب امام آخرين للمبادلة بالمثل، وتعرقل مسيرة قيام دولة الحق والقانون»، معرباً عن أمله في «ازالة هذه الغيوم السوداء في بداية عهد عون».
وقرأت عين التينة كلام البطريرك الراعي من انه تغطية لرفض بعبدا إسناد حقيبة خدماتية كبيرة مثل وزارة الاشغال بعد المالية إلى حركة «أمل»، وهذا ما أدى إلى تدخل الرئيس الروحي لـ«أمل» والشيعة الشيخ قبلان للرد على البطريرك نقطة بنقطة.
وجاء في رده: «الشيعة حرصوا على تذليل العقبات وإزالة العراقيل من امام العهد الجديد، حيث طرحوا إنجاز تفاهمات جديدة ضمن «سلة» حل متكاملة، لتجنب أزمات نحن بغنى عنها، ولازالة الغيوم السوداء عن سماء هذا الوطن.
واستعرض الشيخ قبلان في بيانه محطات تاريخية وأهداف مستقبلية للشيعة «فهم الأكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وقدموا تضحيات وتنازلات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي».
واستغرب الشيخ قبلان ما صدر عن البطريرك: «فالشيعة كانوا مقهورين ومظلومين ومحرومين حتى حق الدفاع عن مناطقهم، ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم، لأننا نطالب بشيء هو المشاركة الحقيقية في السلطة، نعم انه حق من حقوقنا، وعند إلغاء الطائفية السياسية تروننا الاولين».
عين التينة
وكان الرئيس برّي استغرب امام زواره الموقف الذي أطلقه الرئيس عون من بكركي في الوقت الذي كان فيه «الشغل ماشي» على أساس ان عملية تأليف الحكومة أصبحت شبه منتهية.
وتساءل: ما هي المناسبة لأن يقول عون ما قاله امام المطارنة الموارنة، بالنسبة لمجلس النواب، فأنا كرئيس لهذا المجلس سأرد دفاعاً عن مؤسسة انتخبته منذ أيام رئيساً للجمهورية، متمنياً في الوقت ذاته ان لا يؤثر ما جرى على تأليف الحكومة.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس المكلف سعد الحريري كان قد تحدث هاتفياً مع الرئيس برّي قبل زيارته قصر بعبدا قبل يومين وأبلغه بأنه سيطلع رئيس الجمهورية على مسودة أولية لتأليف الحكومة، وأن الرئيس بري في ضوء ما سمع كان يتوقع إعلان التشكيلة في غضون ساعات، لكن الرئيس المكلف عاد واتصل بالرئيس برّي بعد خروجه من قصر بعبدا وأبلغه أن الرئيس عون لم يبدِ موقفاً من المسودة التي عرضها له، واستمهله بعض الوقت.
وعلمت «اللواء» أيضاً أن الرئيس برّي لم يتنازل عن حقيبة الأشغال لأي فريق، وأنه يطالب بها وبحقيبة المال إلى جانب وزير دولة.
أما بالنسبة لمسألة تمثيل النائب سليمان فرنجية، فإن الرئيس برّي، بحسب المعلومات، أبلغ من يعنيهم الأمر أنه في حال حلّت كل المشاكل فإنه سيحاول إقناع فرنجية القبول بوزارة التربية، وأنه ما زال بانتظار ما سيتبلور بين عون والحريري بشأن التأليف ليقوم بهذه المهمة.
بيت الوسط
من جهتها رأت مصادر مطلعة في «بيت الوسط» أن الخلاف الذي انفجر أمس بين المرجعيتين المسيحية والشيعية لم تكن تداعياته مريحة على «بيت الوسط»، وهي تعتقد أن أسبابه أعمق من مسألة التمديد للمجلس النيابي، أو حول «سلة التفاهمات» التي كان اقترحها الرئيس برّي قبل الانتخابات الرئاسية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن مساعي تأليف الحكومة كانت سائرة على نحو جيّد، لكن ما حصل كان مزعجاً، خصوصاً أنه ليس معروفاً إلى أي مدى سيصل هذا الخلاف بين المرجعيتين.
ومع ذلك، أوضحت المصادر أن الأجواء ما تزال إيجابية لغاية الآن، خصوصاً وأن عملية التأليف كانت وصلت إلى مرحلة «الرتوش» شبه النهائية على عملية توزيع الحقائب. وقالت أن أجواء «بيت الوسط» متفائلة.
ولفتت إلى أن الرئيس الحريري لا يمانع بأن تكون هناك شخصية سنّية من حصة الرئيس عون، وهو لا يرى في ذلك مشكلة، لكنه لا يستطيع أن يُقرّر عن الشيعة بالنسبة لحصة عون.
الرابية
في المقابل، أوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» أن الجو العام الذي ما يزال يرافق عملية تشكيل الحكومة إيجابي وأنه في حال حصل أي تأخير لإعلان ولادة الحكومة بعد عيد الاستقلال، فإنه لن يُشكّل أي مشكلة، مؤكدة أن المشهد النهائي سيتوضح في الساعات القليلة المقبلة.
ورأت المصادر أن ما من عقد غير قابلة للحلحلة، ولفتت إلى أن «التيار الوطني الحر» لم يرشح أحداً من الأسماء كما يتردد، وأن ذلك قد يحصل قبل ساعات قليلة من إعلان ولادة الحكومة، مع العلم أن وزارتي الخارجية والدفاع هما من حصة رئيس الجمهورية.
وأكدت أن الحقائب السيادية حطت رحالها بين الموارنة والسنّة والشيعة، وأن هناك رفضاً لأي محاولة للتفرقة بين «التيار» و«القوات اللبنانية»، كاشفة أنه سيكون لحزب «القوات» تمثيل وازن لوزارتين خدماتيتين مع وزارة أخرى من دون أن تحسم ما إذا كانت وزارات الطاقة أو العمل أو العدل.
ورأت أن موضوع توزيع الحقائب هو حالياً في مرحلة أخد وردّ، وأن مرحلة إسقاط الأسماء على الوزارات لم تبت نهائياً بعد بفعل مطالبات من هنا وهناك، ملاحظة أن التوجه يقضي بإرضاء الجميع وعدم وضع «فيتوات» معينة، واصفة ما يجري مع «المردة» بـ«الدلع».
وأكدت أن ولادة الحكومة الوطنية الجامعة منتظرة في أقرب وقت ممكن.
الكتائب
وفي معلومات «اللواء» أيضاً أن رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل كان أبلغ موفدي الرئيس الحريري نادر الحريري وغطاس خوري قبل يومين رغبته بأن يتولى شخصياً حقيبة وزارية، ممثلاً عن حزب الكتائب في حال كانت حصة الحزب وزيراً مارونياً.
وعلم أن اجتماعاً سيعقد اليوم بين الجميّل والوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب في حضور الوزير المستقيل آلان حكيم، للبحث في عملية تأليف الحكومة.
وأعلن الجميّل مساءً، في مقابلته مع تلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال L.B.C، أنه سيسهّل عملية تشكيل الحكومة، ولن نكون عقدة، وأن الكتائب لم تطالب بأي حقيبة، ولم يُقرّر من سيكون وزيره، والأمر يعود للمكتب السياسي للحزب.
وأكد أنه حتى اللحظة، لا تفاصيل واضحة لديه عن الاتفاق الحكومي بين «التيار» و«القوات»، وسنكتشف النيّة بالفعل، وأنه إذا تمّ وضع «فيتو» سيتبيّن أن هناك نيّة إقصائية.
حزب الله
في هذا الوقت، بدا واضحاً أن «حزب الله» يميل إلى الصيغة الحكومية الفضفاضة أي حكومة الـ30 وزيراً، من أجل إشراك مختلف القوى السياسية، بما في ذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي، معتبراً أن إشراك هذه القوى يعبّر عن «روح الشراكة بين اللبنانيين».
وأملت كتلة «الوفاء للمقاومة» في بيان بعد اجتماعها الدوري في مقرها في حارة حريك، برئاسة النائب محمد رعد «من القوى السياسية الوازنة في البلاد أن تترجم حرصها على الشراكة، فتأخذ في الاعتبار أهمية توسعة قاعدة التمثيل في الحكومة توخيا للصدقية وتجنبا لبعض الحساسيات والاعتراضات».
واعتبرت «أن تعزيز الاستقرار وحفظ الأمن، والاهتمام بمعالجة الوضع المعيشي والخدماتي المتردي للمواطنين، وإقرار قانون انتخاب جديد يحقق تمثيلا صحيحا وعادلا بما يعزز الاندماج الوطني بين اللبنانيين، هي أولويات عمل الحكومة المرتقبة».
وجددت موقفها الداعي الى اعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب على اساس الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة.