طغى السجال الذي دار أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي على جهود تشكيل الحكومة، مصحوباً بسجال موازٍ بين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ما أعاد تسليط الضوء على خلافات مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية وأهمّها حول التمديد لمجلس النوّاب و«شرعيته».

شريط السجالَين انطلق مع رفض البطريرك الراعي «استبدال سلّة الشروط بصيغ التشبّث بحقائب وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر»، واعتباره خلال استقباله الرئيس عون في كنيسة الصرح بحضور بطاركة ومطارنة ووزير الخارجية جبران باسيل أن ذلك «أمر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني ويُدخل أعرافاً تشرّع الباب أمام آخرين للمبادلة بالمثل»، آملاً في إزالة هذه «الغيوم السوداء عن بداية عهدكم».

هذا الموقف أعقبه ردّ من الرئيس عون قال فيه إن «جميع مؤسساتنا أُصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي لمجلس النوّاب»، وأقرّن ذلك بالتأكيد على العجز الذي وقعت فيه السلطة «وأن أكثر ما يؤلم وطننا في هذه المرحلة هو الفساد المستشري»، ما استدعى رداً سريعاً ومباشِراً من الرئيس برّي قال فيه إن التمديد «سيئ والمؤسسات أصيبت بالوهن كما قال فخامة الرئيس، لكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي».

وبدوره، ردّ الشيخ قبلان على البطريرك الراعي معتبراً أن «الشيعة ما زالوا أكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وأنهم كانوا على مرّ التاريخ مقهورين ومحرومين ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم»، أضاف: «حرصنا على الدوام على تذليل العقبات وإزالة العراقيل من أمام العهد الجديد حين طرحنا ضرورة إنجاز تفاهمات ضمن سلّة حل متكاملة لتجنب أزمات نحن بغنى عنها».

أمّا زوّار رئيس مجلس النوّاب فنقلوا عنه استياءه من كلام رئيس الجمهورية الذي أعلنه من بكركي «بعد أقل من عشرة أيام على انتخابه»، واستغرابه للكلام عن التمديد للمجلس والإيحاء بأن ثمّة فريقاً «انتصر» على فريق آخر. وأضاف برّي حسب زوّاره أنه إذا كان الرئيس عون يرغب بتوزير شيعي ضمن مناخ تسوية «فلا مانع لديّ وأطالب مقابل ذلك بتوزير مسيحي»، أمّا في حال الفرض «فأنا لا أريد ثلاثة شيعة وإنّما ثلاثة متاولة في الحكومة لا أكثر ولا أقل ونقطة على السطر».

هذا المناخ عزته مصادر تكتّل «التغيير والإصلاح» إلى انطباع مفاده أن الرئيس برّي «ليس متحمّساً» لتسهيل ولادة الحكومة، وقد تجلّى ذلك بداية من خلال تواصل الإضرابات في الشارع بتنظيم من اتحادات النقل البرّي، ومن ثم بإصراره على تمثيل قوى مسيحية وغير مسيحية في الحكومة.

من جهة مقابلة، أوضحت المصادر أن لقاء سيجمع اليوم رئيس التيّار «الوطني الحر» الوزير باسيل ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل بحضور الوزير الياس بو صعب.

استعداد البنك الدولي

في الغضون، لم يغِب الهمّ الاقتصادي عن لقاءات رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الذي استقبل أمس المدير التنفيذي للبنك الدولي فريد بلحاج، الذي أكد استعداد البنك الدولي لأن يكون شريكاً للبنان على كافة المستويات، وقال إن هناك «مشاريع جديدة مهمّة وأخرى قديمة سنستكملها، وهي تشمل مشاريع اجتماعية واقتصادية وبنى تحتية».

كما التقى الحريري وفداً من الندوة الاقتصادية برئاسة رفيق زنتوت الذي كشف عن التوافق مع الحريري على عقد لقاء حواري اقتصادي في السادس من الشهر المقبل لاطلاع مختلف الهيئات الاقتصادية ورجال الأعمال على ما ستقوم به الحكومة المقبلة ويستمع إلى مطالبهم.