وكأن قدر اللبناني أن يدفع الأثمان، وهو ليس مسؤولاً عن أسبابها أحياناً كثيرة.
ومن الأمثلة على ذلك، انحباس الأمطار وموسم الشحائح التي يمر بها اللبنانيون اليوم وما يتركه من سلبيات مضرة على موسم الزيتون.
عادة تتساقط الأمطار مع حلول الخريف فتتبلل حبات الزيتون قبل قطافها، والأكثر ملاءمة أن تتعرض للمطر في نهاية أيلول حتى منتصف تشرين الاول ليأتي نضج الغلال بشكل سليم وهذا ما اعتادت عليه مواسم الزيتون في لبنان.
إلا أن الخريف الجاري أطل وليست معه أمطاره التي استبدلت بالشحائح وبخلت السماء على اللبنانيين بخيراتها فارتدت الأضرار مباشرة على موسم الزيتون وعلت الصرخة هنا وهناك واشتكى المزارعون.
إلا أن المهندس الزراعي شفيق معلوف، الخبير في شؤون الزيتون، لا يرى أن كارثة ستحل بموسم الزيتون ومزارعيه والمتعلقين به وهو يعتبر أن ما يجري أشبه بالمطبات التي يجتازها عادة قطاع الزراعة والذي يتمكن في نهاية المطاف من تجاوزها واستيعاب تداعياتها إذ ليست هنا نهاية الدنيا.
ويؤكد معلوف لـ "لبنان 24" أنه حين تتعرض حبات الزيتون للأمطار في الأسابيع الاولى من الخريف فهي ستنضج بشكل جيد وسيكون عصرها سهلاً.
وإذا لم تتعرض حبات الزيتون للأمطار مثلما حصل هذا العام فهي لن تنضج جيداً ولن يكون عصرها سهلاً بالتالي فإن عدد حباتها التي ستضرب سيكون أكبر ولن تكون نوعية زيتها بالجودة نفسها لا بل فإن جودته ستكون أقل من المعتاد.
ويلفت معلوف إلى أن حوالى ربع حبات الزيتون تضرب عادة إلا أن معدلها ارتفع هذا العام إلى حوالى النصف أو أقل بقليل بسبب انحباس الأمطار بالتالي فإن الجودة ستكون أقل من مستواها المعتاد والكميات المعصورة من الزيت لن توازي ما كانت عليه سنوياً...الأمر الذي سيصيب المزارعين بخسائر ملحوظة وقد اعتاد اللبنانيون على واقع مماثل في السنوات الأخيرة.
وبتقديره أن جودة زيت الزيتون هذا العام ستتراجع بنسبة 30% عما كانت عليه بالتالي سيكون هناك نوعان: الأول جيد جداً وسيحافظ على سعره المعتاد والثاني أقل جودة وأقل سعراً مشيراً إلى أن النوع الثاني يرتفع فيه الأسيد والبيروكسيد وقد يصبح من غير الملائم أن يستخدم في الأكل والطبخ.
غير أنه لكل داء دواءه ويوضح معلوف في هذا الإطار أن الزيت غير الجيد بجودته يتم تكريره لدى بعض التجار من الأسيد والبيروكسيد ويخلط بكميات معينة من الزيت الجيد فيصبح بوضعية مقبولة جداً وصحية بكل المقاييس والمعايير العلمية والطبيعية.. مع أن معلوف يفضل لو يعتمد المرء زيت الزيتون ذا الجودة العالية من الأساس وألا يتحول ناحية الأصناف الاخرى اي المكررة.
ومن المعروف أن الزيتون في لبنان يستخدم للعصر أكثر منه للأكل وان الكميات المستوردة من هذا الزيت أكبر من تلك المعصورة في لبنان خصوصاً من سوريا وتركيا وتونس.
ومن المعروف أيضاً يتابع معلوف أن كميات من زيت الزيتون تستورد إلى لبنان وتصدر منه إلى اوروبا واستراليا والأميركيتين حيث يعتقد البعض بأنها منتجة في لبنان لكنه يتبين لاحقاً إنها إنتاج غير لبناني.
ويلفت معلوف في هذا الإطار إلى أن زيت الزيتون المستورد قد يكون بنوعية أفضل من ذاك المعصور محلياً والعكس بالعكس وقد تكون أسعار المستورد أقل من ذاك المعصور والعكس بالعكس.
هذا ويزرع الزيتون في المناطق القريبة من البحر إلى ارتفاع أقل من 1000 م وتعتبر المناطق التي ترتفع بين 300 و600 م والتي تطل على البحر وهي فسيحة وتتعرض لاشعة الشمس بما يكفي؛ المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة الزيتون.
الكورة هي اولى المناطق اللبنانية بهذه الزراعة تليها زغرتا ثم عكار وحاصبيا في الجنوب.
لبنان لا يحتل مرتبة أساسية في هذه الزراعة على المستوى العالمي وشجرة الزيتون على أراضيه سورية الأصل تاريخياً وهي تعطي إنتاجها الأكبر في عمر بين 20 و70 عاماً مع أنها قد تعمر لأكثر من ألف سنة.
ويلفت معلوف إلى أن إسبانيا هي اول بلد في العالم بإنتاج الزيتون، تليها اليونان ثم إيطاليا فتونس وتركيا...وهناك حوالى 400 صنف من أشجار الزيتون.
وتكون حبة الزيتون في أساسها خضراء ثم تصبح سوداء غامقة أو فاتحة أو بنفسجية عند نضوجها.
وحين تقطف وهي خضراء فعندها يكون زيتها المعصور منها يميل الى الاخضرار وحين تقطف وهي سوداء فإن زيتها المعصور منها يكون اقرب الى الاصفرار ولكل من هذين النوعين محبوهما لبنانياً وعالمياً...مع أن معلوف يؤكد ان اللبنانيين يفتقرون إجمالاً إلى الثقافة والإلمام المطلوبين بالنسبة إلى الزيتون وزيته.
إشارة إلى أن قطاف الزيتون يحصل بين منتصف تشرين الأول ونهاية كانون الثاني وفي بعض المناطق زغرتا مثلاً يمتد القطاف إلى شباط.
لبنان 24