ما إن تبدأ عجلات تأليف الحكومة بالدوران حتى تتوقف عن العمل. وما إن يظن فريق ما أنّه ذلل عقبة حتى يجد نفسه أمام جدار. هكذا لم يُحسم بعد موضوع إسناد حقيبة أساسية إلى تيار المردة بعد أن علّقت مصادر التيار الوطني الحر عبر «الأخبار» أنها مع تلبية المطالب الطبيعية لكل فريق «ولكن لن نخضع للابتزاز».

واعتبرت المصادر أنّ المردة نتيجة تشددها بمطالبها تتحمل مسؤولية «رفع النائب وليد جنبلاط لسقف تفاوضه أيضاً». وأكدت المصادر أن «حقيبة المردة» ليست عقدة، «ففي النهاية، التشكيلة ستصدر ومن لا يعجبه لا يشارك». في المقابل، تؤكد مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل أن «تخطي المردة غير ممكن، لأننا والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وحزب الله مصرون على حصوله على حقيبة يقبل بها النائب سليمان فرنجية». أما مصادر المردة، فتؤكد أن فرنجية لم يتلقَّ أي معلومات من حلفائه بأنّ التيار الوطني الحر يُسجل اعتراضاً على توليه حقيبة أساسية يعتبرها شرطاً لمشاركته في الحكومة. المفاوضات حول حقيبة المردة لم تُحسم بعد. وليل أمس، جرى التداول بمعلومات تشير إلى أن الاختيار رسا على الأشغال العامة التي تخلّى عنها بري وسيحصل مقابلها على حقيبة الصحة أو التربية. هذا «التبادل» أدّى إلى أن تُسحب وزارة العدل من حصة القوات اللبنانية وتؤول إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، ليشغلها النائب مروان حمادة. دارت العجلة الحكومية لتجد نفسها في نهاية دورتها من جديد أمام عائق اسمه حزب القوات اللبنانية.

 


كانت قيادة معراب قد منّنت نفسها بثلاث حقائب، إضافة إلى منصب نائب رئيس الحكومة، هي العدل، الإعلام والشؤون الاجتماعية. إعادة التوزيع فتحت شهيتها للمطالبة بحقيبة التربية والتعليم العالي التي من المفترض أن تكون من نصيب حزب الكتائب والوزير السابق سليم الصايغ. ثم عادت «التوزيعة» ليلاً لتضع التربية في حصة المردة، والأشغال للقوات، من دون تحديد ما سيحصل عليه الكتائب. ورشح ليلاً أن فرنجية يرفض التربية، ما يعني العودة إلى المربع الأول.
حتى الحقائب الشيعية، لم تُحسم نهائياً. الثابت أن لحركة أمل حقيبتين («المال» ثابتة، و«الصحة» مرجَّحة)، فيما لحزب الله مقعدان (يُرجّح أن أحدهما بلا حقيبة). ولم يُحسم ما إذا كان المقعد الشيعي الخامس سيكون من حصة «أمل»، أو أنه سيؤول إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، مع أرجحية الخيار الاول.
الحقائب السنية باتت شبه محسومة: جميعها لتيار المستقبل، رئيس الحكومة سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق (للداخلية)، وجمال الجراح للاتصالات. يبقى مقعدان للشمال، من المرجح أن يشغلهما النائبان محمد كبارة ومعين المرعبي. وجرى التداول بمعلومة أمس تفيد بأن الحريري سيختار سيدة لتولي إحدى الحقائب بدلاً من أحد المرشحين الأربعة. ومن المتوقع أيضاً أن يحصل الحريري على مقعد لمستشاره غطاس خوري، في مقابل تخليه عن مقعد الأقليات الذي يشغله الوزير نبيل دوفريج حالياً، لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يُتوقع أن يُسنده إلى حبيب افرام. أما الوزير الياس بو صعب، فعلى الرغم من معارضة القوات اللبنانية، إلا أنه لا يزال مرشح رئيس الجمهورية لتولي حقيبة الدفاع. أما بالنسبة إلى الوزير السابق طلال أرسلان، فقد أبلغه جنبلاط أنه إذا أراد أن يتمثل شخصياً فستُمنح له حقيبة البيئة. وإذا قرر عدم المشاركة شخصياً في الحكومة، فسيبقى المقعد الدرزي الثاني (يُرجح أن تكون حقيبة البيئة) للحزب التقدمي الاشتراكي.
وكانت النائبة ستريدا جعجع قد كررت من بكركي أمس مطالبة القوات اللبنانية بالحصول على 4 وزراء إن كانت الحكومة من 24 وزيراً، وبالحصول على وزارة سيادية وخدماتية.
وزار الرئيس المكلف قصر بعبدا مساء أمس، حيث التقى عون، قبل أن يغادر مكتفياً بالقول: «إن شاء الله خير».