رأت صحيفة "الشرق الأوسط" أنّ العرض العسكري الذي أجراه "حزب الله" في منطقة القصير السورية بدأ يلقي بثقله الأمني والسياسي على الساحة اللبنانية، خصوصا أن الصورة التي تعمّد الحزب إظهار نفسه بها، ستترك آثارها السلبية على الدولة ومؤسساتها الدستورية والعسكرية والأمنية، وتطرح أسئلة عن دور هذا التنظيم المحلّي والإقليمي في المرحلة الراهنة، وفي مرحلة ما بعد انتهاء الحرب السورية.
لكن بغضّ النظر عن تحوّل الحزب إلى قوّة إقليمية، ثمة أسئلة تطرح حول كيفية تطور قدراته العسكرية والتسليحية، التي انتقلت من حركة مقاومة لإسرائيل، إلى ما يشبه الجيوش التقليدية، بألويتها ونخبها وتسليحها الحديث. وقد ربط الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس حنّا، هذا التطوّر في قدرات الحزب القتالية، بتطوّر كل مرحلة عن تلك التي سبقتها.
وأكد في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أن "مرحلة ما قبل تحرير جنوب لبنان عام 2000 مختلفة عمّا بعدها، وما تلا حرب 2006 تختلف أيضًا عمّا قبلها، ولا شكّ أن دخول الحزب في الحرب السورية منذ عام 2013 ليست على صورة المرحلة السابقة"، لافتًا إلى أن "قوة الحزب العسكرية والقتالية بعد سنوات الحرب في سوريا ستكون شيئا آخر".
واعتبر حنّا، وهو عميد متقاعد في الجيش أن هذا التطور "نتيجة تراكمات عسكرية مهمة، وليس خافيًا على أحد أن الحزب على المسرح اللبناني مختلف عمّا عليه في المسرح السوري، والأمين العام للحزب حسن نصر الله اعترف بذلك عندما قال لقد أصبحنا قوة إقليمية".
ولم تختلف قراءة العميد حنّا عن الصورة التي رسمها الباحث السياسي ومدير مؤسسة "أمم" للدراسات، لقمان سليم، الذي رأى أن "من أنشأ حزب الله وساهم فيه، إنما أنشأ أداة تتغيّر يمكن تبدّلها وتحسينها وفق وظيفتها"، لافتًا إلى أن الحزب "يمثل في المقام الأول الذراع الإيرانية لكن عندما باتت لديه مهمات خارج لبنان، وأريد له أن يتحول إلى جزء من معادلة النووي الإيراني، وأن يتواجد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مع ترسانة من الصواريخ والأسلحة النوعية، أتيح له ذلك"، مشيرًا إلى أنه "عندما أخذ هذا التنظيم دوره في سوريا لحماية نظام بشار الأسد، أعطي سلاحًا يوازي سلاح أي جيش نظامي".
ولفت الخبير العسكري إلياس حنّا إلى أن "الجديد في مشهد العرض العسكري هو السلاح التقليدي، وهذا يشكّل رسالة قوية وأساسية إلى الداخل اللبناني وإلى الخارج معًا". ودعا إلى "التوقف عند توقيت العرض الذي يتزامن مع انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، ومع مشاورات تشكيل الحكومة، وتكليفه حزب الله لرئيس مجلس النواب نبيه بري بأن يتفاوض نيابة عنه في الموضوع الحكومي".
وبدا العميد حنّا غير متفائل بنضج أي تسوية في سوريا في المستقبل المنظور، وسأل: "على أي سوريا ستنتهي الحرب؟، هل تنتهي على صورة سوريا القديمة؟ هذا مستحيل. هل تنتهي على سوريا المفيدة + لبنان القديم، الذي يبدأ من الناقورة (الحدود اللبنانية الإسرائيلية) إلى درعا ودمشق وحمص، وصولاً إلى اللاذقية وطرطوس؟". واعتبر أن "رسائل المشروع باتت جاهزة، وهي تأخذ بعين الاعتبار الوجود الروسي والإيراني و(حزب الله)".
وأضاف الخبير العسكري والاستراتيجي: "عندما يستعرض حزب الله هذه القوة، لا يعني أنه سيعيدها يوما ما إلى لبنان، إنما ستبقى في سوريا الجديدة"، معتبرًا أن سوريا "باتت أمام خريطة جديدة قيد التركيب". ورأى العميد حنّا أن "وصول التركي إلى مدينة الباب تحت أنظار الروسي له دلالاته، في مقابل الإحجام التركي عمّا يجري خارج الشمال السوري".
(الشرق الأوسط)