قبل 48 ساعة من الموعد المفترض لولادة مراسيم الحكومة العتيدة، كادت مصادر المعلومات تجمع على ان التقدم في ما خص تشكيلة الـ24 وزيراً بات ثابتاً.
ويربط مصدر مقرّب من المطبخ الرئاسي المعني بتأليف الحكومة بين حقيقة هذا التقدم وإصدار المراسيم في مدى زمني يسبق عيد الاستقلال فإذا لم يكن يوم الجمعة ففي اليوم التالي (السبت) على الارجح.
ويشير هذا المصدر إلى ان عودة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من بروكسل المتوقعة خلال ساعات ترتبط بصدور المراسيم والمشاركة في الصورة التذكارية، فضلاً عن عقد مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي وصل ليل أمس إلى بيروت، في إطار مهمة تتعلق بمرحلة ما بعد انتخاب رئيس وتأليف حكومة جديدة، وهو سيلتقي في زيارة تستمر يومين، الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وتمام سلام وسعد الحريري، إلى جانب عدد من القيادات السياسية ورؤساء أحزاب، حاملاً معه رسالتين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكل من رئيس الجمهورية والحكومة المكلف الذي سيستقبل الوزير شكري عند الثانية من بعد ظهر اليوم ويقيم له مأدبة غداء.
وكشف دبلوماسي مصري ان زيارة شكري «تستهدف تأكيد دعم مصر للدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين»، وفقاً لما نقله مراسل «اللواء» في القاهرة ربيع شاهين في رسالة تتعلق بالزيارة وأهدافها.
وفي سياق دبلوماسي متصل، يتوقع ان يصل إلى بيروت موفد سعودي، بعد صدور مراسيم الحكومة، ناقلاً رسالة تهنئة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس عون.
ولم يستبعد مصدر المعلومة ان ينقل الموفد دعوة لعون لزيارة الرياض.
ويتوقع أيضاً وصول وفد عسكري صيني لتهنئة رئيسي الجمهورية والحكومة.
ونقل زوّار بعبدا عن الرئيس عون انه تلقى دعوات عدّة لزيارة دول عربية وأجنبية، وفي برنامجه لما بعد نيل الحكومة الثقة، وانطلاق العمل الحكومي لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تلبية هذه الدعوات وفقاً لاولويات تراعي مصالح والتزامات لبنان، وطبيعة العلاقات المميزة لا سيما مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وفرنسا، نظراً لاهمية القضايا الاقتصادية والسياسية الملحة، سواء مع المملكة ودول الخليج أو مع فرنسا التي تعهد رئيسها فرنسوا هولاند في وقت سابق بتنظيم مؤتمر باريس 4 لإعطاء جرعة قوية للاقتصاد اللبناني وتمكين هذا البلد من مواجهة أعباء النزوح السوري.
الجميل وسلامة في بعبدا
وكان الرئيس عون قد استمع إلى شرح مسهب حول مالية الدولة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ان لجهة الملاءمة في المصارف أو احتياطات البنك المركزي من العملات الصعبة أو وضع الليرة اللبنانية تجاه الدولار، وكيف انها بدأت تستعيد عافيتها مع انتخاب رئيس الجمهورية.
وسبق وصول سلامة إلى قصر بعبدا، زيارة للرئيس أمين الجميل، هي الأولى له منذ فترة طويلة، كان الوضع الحكومي أحد مداولاته الرئيسية مع الرئيس عون لكن من دون الدخول في تفاصيل التشكيلة، لأنه «يترك هذا الأمر لقيادة حزب الكتائب»، حسب ما قال الرئيس الجميل الذي رأى أيضاً ان المصلحة الوطنية ومصلحة العهد ان تكون الكتائب فاعلة وفعالة في الحكومة، باعتبار ان الكتائب هي ضمانة توازن مهم.
تشكيلة الحكومة
وتبعاً لآخر الصيغ المتداولة، فإن حل عقدة «القوات اللبنانية» رست كما يلي:
1- يكون لحزب «القوات» ثلاثة وزراء: نائب رئيس الحكومة ووزارة العدل التي ستسند إلى وزير العدل السابق ابراهيم نجار، وفي ضوء تجربته في الوزارة التي وصفها مصدر مطلع على الترتيبات الحكومية بأنها كانت ناجحة، وأن الثنائي الشيعي لا يرى أي مانع من اسنادها إلى الوزير نجار.
والحقيبة الثانية من حصة القوات ستكون للزميل ملحم رياشي الذي ستسند إليه حقيبة الإعلام كما بات معروفاً.
2- إسناد إما حقيبة الصناعة أو الاقتصاد لحزب الكتائب، فإذا أسندت الصناعة إلى الحزب يتمثل رئيسه سامي الجميّل في الحكومة، وذلك لمتابعة ما أرساه شقيقه الوزير الشهيد بيار الجميّل في هذه الوزارة التي رفعت شعار «بتحب لبنان حبّ صناعتو».
3- وفي ما خصّ تمثيل «المردة»، فهذا التيار يطالب إما بوزارة الاتصالات أو الأشغال أو الطاقة، أي بحقيبة خدماتية رئيسية.
4- وفي ما خصّ «التيار الوطني الحر» وحصة الرئيس عون، فهي ليست موضع أخذ وردّ، ورست على المرتكزات التي كان معمولاً بها في حكومة تصريف الأعمال، بحيث تبقى مع التيار وزارتا الخارجية والتربية، فالأولى للوزير باسيل، على أن يتم تسمية شخص آخر لوزارة التربية غير الوزير الياس بو صعب..
وبالنسبة لوزارة الدفاع، فهي من حصة الرئيس الذي سيقترح من يراه مناسباً لها من الطائفة الأرثوذكسية، على أن يقبل به حزب «القوات».
وفي ما خصّ حقائب المسلمين، فالحصة السنّية باتت معروفة، بالإضافة إلى وزير ماروني هو الدكتور غطاس خوري، وآخر أرمني هو النائب جان أوغاسبيان وهما من حصة رئيس الحكومة وتيار «المستقبل».
وشيعياً توزعت الحقائب الخمسة بين ثلاث لحركة أمل والرئيس برّي هم: علي حسن خليل (المالية)، ياسين جابر (الأشغال) ووزير من البقاع يرجح أن يكون وزير السياحة السابق علي حسن عبد الله أو شخص آخر يختاره الرئيس برّي.
على أن تسند حقيبتا العمل و التنمية الإدارية لحزب الله الذي يتجه إلى تجديد تمثيله عبر وزيرين جديدين جنوبي حيث يتردد إسم النائب علي فياض، وبقاعي لم يكشف عنه بعد.
وإذا ما طلب رئيس الجمهورية بأن يكون هناك وزير شيعي من حصته، فإن الثنائي الشيعي يطالب بأن يكون هناك وزير مسيحي من حصته أيضاً.
درزياً، تأكيد أن النائب مروان حمادة سيمثل اللقاء الديموقراطي في الحكومة، وفي وزارة الصحة، أما الدرزي الثاني فسوف يكون من حصة الأمير طلال أرسلان الذي يرجح أن يتمثل شخصياً في الحكومة، بعد أن تنازل النائب وليد جنبلاط عن حصته بأن يكون لديه وزيران في حكومة من 24 وزيراً.
وفي السياق، لفتت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى أنه عندما تتحدث عن تقدّم في عملية تأليف الحكومة، فهذا يعني أن المراسم يُفترض أن تصدر قبل عيد الاستقلال، مشيرة إلى أنه بعد تجاوز عقدة الحقيبة السيادية التي كانت «القوات» تطالب بها، باتجاه قبول الدكتور سمير جعجع بحقائب أساسية، مقترحاً لهذه لغاية مجموعة خيارات لموفدي الرئيس الحريري إلى معراب ليل أمس الأوّل، يفترض أن تكون عملية توزيع هذه الحقائب قد بدأت، تمهيداً لإسقاط الأسماء عليها، وهذه العملية يفترض أن لا تستغرق أكثر من يومين أو ثلاثة.
عرض «حزب الله»
وعلى صعيد سياسي آخر، تفاعل العرض العسكري الذي أقامه «حزب الله» في مدينة القصير السورية يوم الجمعة الماضي، ولا سيما على صعيد الصور المتداولة عن الآليات التي استعرضتها «كتيبة الرضوان» ويقول الحزب أنه غنمها خلال المواجهات مع العدو الإسرائيلي قبل التحرير عام 2000 وقام بإصلاحها وطوّرها، لا سيما دبابات GM-575, ZSU-57-25, وBMPS ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع.
وفيما وصفت إسرائيل هذا العرض بأنه عرض للعضلات بإظهار حزب الله نفسه بأنه تنظيم عابر للأوطان، رأى تشارلز ليستر الرئيس السابق لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز جين لمكافحة الإرهاب والتمرد أن حزب الله ظهر «كجيش كلاسيكي»، متوقفاً عند ناقلة الجند المدرّعة الأميركية الصنع (M113) (وهي سلمها الجيش الأميركي للجيش اللبناني ضمن الهبات العسكرية لتعزيز إمكانياته، كما قال ليستر).
إلا أن الجيش اللبناني سارع في بيان صدر عن مديرية التوجيه إلى التأكيد أن قيادة الجيش تُشير إلى أن الآليات المذكورة ليست من مخزون الجيش اللبناني وغير عائدة له.
سياسياً، وفيما امتنع الحزب عن إصدار بيان حول هذا الحدث، على غير عادته، رأت كتلة «المستقبل» النيابية في بيان بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أن حزب الله أراد إرسال رسائل في مختلف الاتجاهات وهو يمعن في تقديم مصلحة إيران على المصلحة اللبنانية، ويوجه رسائل تهديد دولية وإقليمية وأخرى داخلية للدولة اللبنانية.
ووصفت الكتلة خطوة «حزب الله» بأنها «تدل على عدم اكتراثه بمصلحة لبنان واللبنانيين ولا بانطلاقة العهد الجديد»