شيء واحد تجمع عليه أوساط المعنيين بتأليف الحكومة العتيدة، هو الإيجابية، اما العقد والتوقيت وسبل المعالجة والأسماء فهي داخل «سور حديدي من الكتمان»، أو محفوظة في صدور العارفين، من دون الإفصاح، أو التلميح والاكتفاء بإشاعة العموميات، وإن التأليف «على الخط الصحيح» مع ان «بورصة الصيغة» وأن استقرت على 24 وزيراً، الا انها عادت تتطلع إلى الـ30، إذا ما تبين ان هناك حاجة لإنجاز تشكيلة «ترضي الكل»، وفقاً لمصدر يتابع قضية توليد الحكومة.
وإذا كانت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بعبدا، حيث ناقش على مدى نصف ساعة كيفية تجاوز عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» في الحكومة مع الرئيس ميشال عون بعدما عاد هذا الحزب إلى اشتراط الحصول على الحقيبة السيادية للاشتراك في الحكومة، فإن ما خرج به لقاء بعبدا هو الاتفاق على اجراء اتصال رفيع مع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لمناقشة البدائل المتاحة، إذا ما تعذر إسناد وزارة الدفاع إلى «القوات» والتي ترشح لها العميد المتقاعد في الجيش وهبة قاطيشا.
وبالفعل فقد أوفد الرئيس الحريري مدير مكتبه السيّد نادر الحريري ومستشاره السياسي والمرشح للوزارة عن أحد المقاعد المارونية الدكتور غطاس خوري إلى معراب ناقلين للدكتور جعجع جملة اقتراحات – اغراءات كبديل عن حقيبة سيادية، كاسناد ثلاث حقائب له بينها الطاقة والعدل ووزارة ثالثة قد تكون الاقتصاد او الثقافة.
لقاء معراب
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان «لقاء معراب» هو مفصلي في هذه اللحظة السياسية ويمكن ان يؤشر للمرحلة الآتية في مسار تأليف الحكومة، واصفة هذه العملية «بالاوعية المتصلة» أو «الاواني المستطرقة» والتي إذا ما فتحت نافذة يمكن ان تفتح نوافذ أخرى، أو يمكن ان تقفل، فتقفل معها مسارات أخرى متصلة بها.
ولفتت المصادر إلى ان الرئيس الحريري ما زال متفائلاً بإمكانية الوصول إلى حل مع حزب «القوات» بالنسبة لمطلبه بالحصول على حقيبة سيادية، وذلك من خلال اعطائه حقيبة أساسية من ضمن الحقائب الست المعروفة، والتي يفترض ان توزع على الطوائف الأساسية الست، بالإضافة إلى حقائب وزارية أخرى، ولكن ليس معروفاً بعد عملية توزيع هذه الحقائب، حيث يضع كل طرف عينه على واحدة منها.
ونفت المصادر ان يكون الرئيس الحريري دخل مع الرئيس عون في أسماء أو حسم له الصيغة الحكومية التي يرتاح إليها في عملية التأليف، مشيرة إلى ان اللقاء بين الرئيسين اقتصر على التشاور واستعراض الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف، ومطالب كل الفرقاء، وأن كان ركز اساساً على عقدة الحقيبة السيادية للقوات، و«الفيتو» الموضوع من قبل الرئيس برّي و«حزب الله» عليها.
لقاء بعبدا
وجاءت زيارة الحريري إلى بعبدا، مع بدء العد التنازلي لفترة الأسبوع الفاصلة عن عيد الاستقلال، بتأكيد المثابرة على تذليل العقد، والتهيئة لإصدار مراسيم التأليف، ضمن أحد موعدين، اما غداً الأربعاء أو الجمعة والا فلا حكومة قبل عيد الاستقلال.
وحذر مصدر مطلع من التفريط بهذين الموعدين لأن الانتقال إلى ما بعد 22 تشرين الثاني يعني إدخال الحكومة في «حقل ألغام البازارات المفتوحة» والمكابرات التي تُبدّد المناخ الإيجابي المهيمن فوق لبنان بعد انتخاب الرئيس عون.
وادرجت مصادر سياسية مطلعة «لقاء بعبدا» في إطار التشاور وجوجلة حصيلة الاتصالات بشأن ملف تشكيل الحكومة.
ولفتت المصادر لـ«اللواء» إلى ان الرئيس عون يقدم كل التسهيلات الممكنة للرئيس الحريري، وأن التعاون بينهما قائم بشكل كبير وأن تفاصيل التركيبة الحكومية تبحث بينهما، وليس من خلال اخبار يتم تداولها في الصحف.
وأوضحت المصادر ان الرئيس الحريري لم يقدم أمس في قصر بعبدا أي مسودة أو تصوراً أولياً للحكومة، متحدثة عن مسار متقدّم وإيجابي في عملية التأليف.
وأكدت ان إرادة التأليف قائمة، لكن دون مواعيد محددة لإنجاز ذلك، وأن ما من داعٍ لقلق، إذ لم يمض سوى 10 أيام على التكليف.
ورأت ان ما من مطالب تعجيزية وأن المسار الدستوري لتأليف الحكومة يسير كما يجب وأن الرئيسين عون والحريري لا يضعان فيتوات، كما ان اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة المكلف اثمرت دعم الأطراف السياسية لتأليف سريع، مشيرة إلى ان رئيس الجمهورية يريد حكومة قادرة على الإنتاج والعمل لأن امامها مسؤوليات كبيرة ولا سيما قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية، مع العلم أنه بعد تأليف الحكومة ونيلها الثقة، ينتظر أن يتركز البحث حول قانون الانتخابات.
ورأت أن الرئيس الحريري قادر على التوفيق بين جميع المطالب، وأن العقد قابلة للحل في جو إيجابي، نافية أن يكون هناك أي طرح للثلث المعطِّل.
ولفتت إلى أن الكلام عن حصة لرئيس الجمهورية في التشكيلة الحكومية ليس مطروحاً، فهناك تشاور مستمر بين الرئيسين، نافية أن يكون قد حسم عدد أعضائها أي إما 24 أو 30 وزيراً.
وأوضحت أن رئيس الجمهورية يعتبر أن الحكومة التي يتم تشكيلها منبثقة من توزيع الكتل النيابية في المجلس، في حيّن أن الانتخابات النيابية هي من تعكس التمثيل الشعبي وتجسد الإرادة الحقيقية للبنانيين.
مقاربة جديدة
ووفقاً لمعلومات «اللواء»، فإن مقاربة جديدة لتأليف الحكومة انطلقت في عشاء السبت الماضي في عين التينة، والذي أمتد لأكثر من ثلاث ساعات، واستكمل في لقاء بعبدا أمس بين الرئيسن عون والحريري.
وهذه المقاربة تنطلق من الحذو لحكومة الرئيس تمام سلام، إن لجهة العدد، أو التوزيعة السياسية والمناطقية والطائفية والمذهبية، في ما خصّ تقاسم الوزراء: 12 من المسلمين و12 من المسيحيين بينهم 5 موارنة و5 سنّة و5 شيعة، على أن تكون حصة رئيس الجمهورية ثلاثة وزراء وحصة الأحزاب المسيحية غير «التيار الوطني الحر» (أي الكتائب والقوات) ثلاثة وزراء و«المردة» واحد، وإثنان دروز، وأرمني واحد، وإثنان لـ«التيار الوطني الحر»، وإثنان مستقلان من مسيحيي 14 آذار، وإثنان لرئيس الحكومة وثلاثة للمستقبل وشيعي من حصة رئيس الجمهورية.
وضمن هذه المعادلة تستقر الصيغة على النحو التالي:
1- رئيس الجمهورية: ثلاثة وزراء (أرثوذكسي للدفاع وسنّي للشباب والرياضة أو التربية ومسيحي آخر ماروني أو كاثوليكي).
2- التيار الوطني الحر: ثلاثة وزراء (جبران باسيل للخارجية ووزير آخر أرثوذكسي مكان الوزير الياس بو صعب وأرمني من حصة الطاشناق).
3- سنّة: الرئيس الحريري، نهاد المشنوق (الداخلية)، محمّد عبد اللطيف كبارة (شؤون إجتماعية)، معين المرعبي (بيئة وإلا فالمحامي محمد مراد للعدل)، يضاف إلى ذلك الوزير الأرمني جان أوغاسبيان والدكتور غطاس خوري مكان السنّي من حصة رئيس الجمهورية.
4- وبهذه الصيغة تكون حصة رئيس الحكومة ستة وزراء، وحصة رئيس الجمهورية مع تكتل الإصلاح والتغيير ستة وزراء، و«القوات اللبنانية» 3 وزراء ويمكن أن تصل حصتها مع الوزير ميشال فرعون إلى أربعة، ويتمثّل حزب الكتائب بواحد و«المردة» بواحد مع إثنين من الدروز.
وهذه المقاربة تتوقف على جواب «القوات» في ما خصّ التنازل عن الحقيبة السيادية وسلوك طريق البدائل، كما هو مقترح.
وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو، فإن عودة الرئيس الحريري إلى بعبدا غداً إحتمال وارد، وإن بدا أن النائب وليد جنبلاط لا يشاطر الآخرين ترجيح كفة الإيجابيات، فهو غرّد قائلاً «يبدو أن الأمور تحتاج إلى مزيد من التشاور».
في المقابل، وعلى الرغم من «اللغط الالكتروني» في ما خصّ اقتراح مدير عام وزارة الاقتصاد عليا عباس بتولي حقيبة المالية، فإن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل نفى مثل هذا الاقتراح – الفرضية، معتبراً أنه «أخبار مغرضة»، ومضى يبشّر بأيام قليلة وتولد الحكومة.
المصدر: اللواء