تؤكّد مصادر تكتل التغيير والإصلاح أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، «يرغب في أن تكون حكومة الرئيس سعد الحريري منتجة وفاعلة وتوحي بالثقة، لأنها ستكون واجهة العهد وانطلاقته، ولا يجوز أن تكون وفقاً لذلك حكومة باهتة».
وفي الظاهر، تشير المعلومات إلى أن عون يفضّل حكومة من 24 وزيراً، لأن حكومة قليلة العدد أخف طموحاً للمستوزرين والقوى السياسية، وأقل تسبباً بالعراقيل. لكن بحسب ما بدأ يتسرب من معلومات، فإن الحكومة المصغرة بدأت تحمل من الإشكالات الكثير، ولا سيما في ما يتعلق بالحصص المسيحية. لأن حصة المسيحيين ستكون 12 وزيراً: 5 موارنة 3 أرثوذكس، كاثوليكيان، وأرمنيان أو أرمني واحد ووزير من الأقليات. لرئيس الجمهورية وزيران منهم، وبما أن الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري مصران على توزير الكتائب والمردة (مثلاً، ألان حكيم ـــــ كاثوليكي وبسام يمّين ــــ ماروني)، ويصرّ الحريري على الحصول على وزيرين مسيحيين (ماروني وأرمني أو أقليات)، يبقى ستة وزراء سيتوزعون بين التيار والقوات، مع حصص لا تشكل بالنسبة إليهما ما كانا يرميان إليه في حكومة العهد الأولى. وتكمن الإشكالية في توزع الطرفين المقاعد المسيحية بينهما، علماً أن وزيرين أصبحا من الثوابت فيها، هما ميشال فرعون (كاثوليكي) المحسوب على حصة القوات، وجبران باسيل (ماروني)، فيما يتردد اسم غسان حاصباني عن القوات أيضاً.
وفقاً لذلك، تؤكد معلومات المواكبين لملف تشكيل الحكومة أن «المفاوضات لا تزال متعثرة، وأن الطبخة السياسية لم تنضج بعد، رغم أن رئيس الجمهورية يبدي الكثير من المرونة والانفتاح بما يسهل التأليف». لكن العقدة المسيحية لا تنسحب على حصص طوائف أخرى، إذ أكدت مصادر متابعة للمفاوضات أن النائب وليد جنبلاط لن يمانع منح الحقيبة الدرزية الثانية (في حكومة من 24 وزيراً) للنائب طلال أرسلان، فيما تذهب الحقيبة الأولى إلى النائب مروان حمادة. علماً بأن جنبلاط أعلن أمس أن نضج الطبخة الحكومية لا يزال بحاجة إلى المزيد من التشاور.
وفي هذا الإطار ذكرت المعلومات أن الرئيس سعد الحريري الذي زار بعبدا أمس، لم يعرض أي تشكيلة على رئيس الجمهورية، بل عرض جواً عاماً وما وصلت إليه الاتصالات، ولا سيما في أعقاب لقائه الرئيس نبيه بري. ولم تعرض أي أسماء في لقاء بعبدا، في انتظار بلورة الجو كاملاً ليجري إسقاط الأسماء على الحقائب لاحقاً.
وحسب مصادر في تكتل التغيير والإصلاح، فإن المشكلة حالياً لم تعد تتعلق بوزارة المال «إذ إن الاقتناع تامّ بأنها ستؤول إلى الطائفة الشيعية والرئيس بري. لكن إذا كان هذا الاقتناع أصبح مثبتاً، فإن التمسك بحق بري في الحصول عليها لا يعني التمسك باسم الوزير الذي يجب أن يتولاها، ولم يُفهم من الحريري أن الرئيس بري أبدى تمسكاً بالوزير علي حسن خليل». لكن مصادر من فريق 8 آذار، وأخرى من تيار المستقبل، تجزم بأن بري أوضح للحريري تمسكه بخليل في المالية.
وفي وقت ترددت فيه معلومات عن توجه نحو حكومة تكنوقراط، نفت مصادر التكتل هذا التوجه، لأن حكومة التكنوقراط بالكامل دونها عقبات، ولا سيما أن رئيس الحكومة سياسي، والوزيرين باسيل ونهاد المشنوق هما حتى الآن أكثر الوزراء ثباتاً في الحكومة العتيدة، وهما سياسيان ومرشحان للنيابة، ما ينفي صفة التكنوقراط عن الحكومة.
وفيما لا تزال عقدة تمثيل القوات اللبنانية بوزارة سيادية عالقة، عقد لقاء في معراب، بين رئيس حزب القوات سمير جعجع ومستشارَي الحريري نادر الحريري وغطاس خوري، وترددت معلومات عن طرح الحريري اسم السفير السابق في واشنطن أنطوان شديد (أرثوذكسي) كحل وسط، لتولي وزارة سيادية على أساس أنه «مقرب من القوات والتيار معاً»! بدورها، قالت مصادر مشاركة في مفاوضات تأليف الحكومة إن «القوات أعقل من أن تُعرقل مشاركتها في حكومة العهد الأولى بسبب حقيبة الدفاع، فيما يمكنها في المفاوضات الحصول على حقائب أدسم، وأكثر إفادة لها من ناحية الخدمات».