مع تصاعد نبرة تدوير الزوايا وتلطيفها حيال عقد تأليف الحكومة، أبرزت التحركات المكوكية التي حصلت مطلع الاسبوع اتجاهات جادة لاستعجال الولادة الحكومية في الايام القريبة وتحديدا قبل عطلة نهاية الاسبوع وان تكن الحلقات اللصيقة بالقصر الجمهوري "وبيت الوسط" آثرت المضي في التحفظ عن التزام مهلة محددة لانجاز عملية التأليف. لكن زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري لبعبدا واجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس قرابة نصف ساعة ومن ثم ايفاده مستشاريه النائب السابق غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري الى معراب للقاء رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع عكسا اتجاهاً الى ابتداع ضمانات سياسية حيال عقدة توزيع الحقائب السيادية علها تزيل الحاجز الذي يعترض تجاوز عملية التأليف هذه المرحلة الى استكمال توزيع الحقائب الأخرى واسقاط اسماء الوزراء عليها.
المداورة بعد الانتخابات؟
ولعل الجديد في هذا السياق ان مصادر مواكبة لتأليف الحكومة أفادت "النهار" ان تقدماً أحرز في الساعات الاخيرة يتمثل في قبول مختلف الاطراف بمبدأ المداورة في الحقائب الوزارية بعد الانتخابات النيابية المقبلة فلا تكون هناك وزارة معينة مرتبطة بطائفة واحدة حصراً سواء أكانت هذه الطائفة كبيرة أم صغيرة. وقالت هذه المصادر انه سيقبل ببعض الاستثناءات في تأليف الحكومة العتيدة خصوصا سيقبل ستكون قصيرة العمر ومهمتها محصورة بإعداد قانون الانتخاب ومشروع الموازنة ومعالجة الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وأكدت أن محاولة تحميل "القوات اللبنانية" المسؤولية عن تأخير تشكيل الحكومة تبين أنها ليست في محلها لا بل أن موقف "القوات" ساهم في وضع أسس التعامل مع موضوع المداورة.
هل يعني ذلك ان طريق ولادة الحكومة باتت معبدة بما يسمح بتوقع ولادتها سريعا وقبل احياء عيد الاستقلال الثلثاء المقبل؟
المعلومات عن لقاء الرئيس عون والرئيس المكلف بعد ظهر امس في قصر بعبدا، أوضحت ان رئيس الجمهورية اطلع من الرئيس الحريري على حصيلة الاتصالات التي أجراها خلال الايام الاخيرة مع الاطراف السياسيين تمهيدا لرفع صيغة التشكيلة الحكومية الجديدة وعرضها على رئيس الجمهورية. وأشار الحريري الى انه سيواصل اتصالاته بالمعنيين، وخصوصاً أن أجواء ايجابية توافرت نتيجة هذه الاتصالات. وقالت أوساط معنية باجتماع بعبدا لـ"النهار" ان الرئيس الحريري لم يقدم الى رئيس الجمهورية مسودة تشكيلة حكومية أمس بل حمل اليه أفكاراً هي حصيلة المشاورات التي اجراها مع القوى السياسية وكان آخرها في لقاؤه ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة مساء السبت. وأضافت الاوساط ان لائحة المطالب والحقائب التي يعتقد ان بري قدمها الى الحريري كانت الخطوة الاولى نحو الجوجلة النهائية لاستكمال مسودة التشكيلة الحكومية علما ان هذه اللائحة لا تزال موضع أخذ ورد في حين تجري معالجة عقدة الحقيبة السيادية التي تطالب بها "القوات اللبنانية " بدعم من "التيار الوطني الحر". وفي ضوء ذلك رأت الاوساط ان الاحتمالات بين الولادة الحكومية هذا الاسبوع او تأخرها الى ما بعد 22 تشرين الثاني لا تزال مرجحة لاستئخار الولادة بدليل ان التحضيرات اللوجستية لاقامة العرض العسكري في جادة الرئيس شفيق الوزان اخذت في الاعتبار التحسب لهذا الاحتمال فلحظ وضع كرسيين لكل من رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام عن شمال كرسي رئيس الجمهورية وللرئيس المكلف سعد الحريري عن يمين كرسي رئيس المجلس.
عقدة "الفيتوات"
وقالت الاوساط ان الساعات المقبلة ستكشف ما اذا كانت عقدة تجاوز الفيتوات قد عولجت، علماً ان المراجع المعنية تصر على نفي وجود فيتوات وتتحدث عن تعاون جميع الاطراف لتسهيل عملية التأليف وهو الامر الذي سيكون اختباره الحقيقي في التوافق مع "القوات" و"التيار الوطني الحر" من جهة وبين هذين الفريقين من جهة اخرى على توزيع الحقائب السيادية أولاً والحقائب الاساسية الاخرى. اذ ان بعض المعطيات كان لا يزال يشير الى صعوبة انجاز التشكيلة الحكومية وسط فرض "حزب الله " دفتر شروط يتمثل في وضع ممنوعات على حقائب لـ"القوات" ولا سيما منها الدفاع والخارجية والاتصالات والعدل كما تردد على نطاق واسع. وتفيد هذه المعطيات ان من شأن التمسك بهذه الممنوعات ان تحرج رئيس الجمهورية وليس الرئيس المكلف وحده خصوصاً ان ثمة تفاهماً محكماً بين "التيار" و"القوات " لا يمكن تجاهله كما لا يمكن تجاهل التفاهمات الثنائية الاخرى التي تؤخذ في الاعتبار وكان من نتائجها المعروفة تثبيت حقيبة المال لحركة "امل" ووزيرها الحالي علي حسن خليل.
ويشار في هذا السياق الى ان بعض صيغة الـ 24 وزيراً ترددت لدى الاوساط القريبة من قصر بعبدا. وتحدثت محطة "او تي في " الناطقة باسم "التيار الوطني الحر " مساء أمس عن "تكريس انطباع أن عملية التأليف تسير في الاتجاه الصحيح في خطى هادئة، ولكن ثابتة وفقاً لخريطة طريق اتفق عليها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف علماً أن الصيغة التي بدأت تصير جدية تنطلق من تركيبة حكومة تمام سلام، وإجراء تعديلات عليها، وفق التطورات المستجدة بحيث تتم التبادلات بين المعنيين: حقوق بعبدا تظل لبعبدا كذلك حقوق السرايا مع تبديل حصص المتبدلين، وحفظ حقوق الآحاديات المذهبية المعروفة".
أما في بورصة التشكيل فترددت معلومات عن اتجاه الى تعيين وزيرتين ضمن الحكومة.