انسحبت قوات المعارضة السورية، صباح السبت، من آخر النقاط التي استطاعت السيطرة عليها خلال الأسبوعين الماضيين في الجولة الثانية من معركة فك الحصار عن حلب، والتي أسمتها المعارضة "ملحمة حلب الكبرى".
وكانت الجولة الثانية بدأت بزخمٍ عالٍ، استطاعت الفصائل به أن تتقدم على ضاحية الأسد وقرية منيان، داخل حلب الغربية، للمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية، إلا أنها انسحبت منها، إضافة لآخر النقاط التي كانت متبقية لديها في الجولة الأولى من الملحمة، متمثلة بمشروع 1070 شقة.
وأثارت هذه الانسحابات موجة من الأسئلة حول أسبابها وتبعاتها، كما أوضح قياديون من الفصائل المشاركة في الملحمة، لـ"عربي21"، بعضا منها.
"استراحة مقاتل"
من جانبه، قال مصطفى عكيدي، القائد العسكري للقوة المركزية لتجمع "فاستقم كما أمرت"، إن ما جرى "لم يكن إيقافا بالمعنى الكامل، لكنه استراحة مقاتل، لإعادة ترتيب الأوراق ورص الصفوف"، متوعدا بجولة ثالثة ورابعة، ومؤكدا على فتح الطريق وإصرار الثوار و"معنوياتهم العالية لفتح الطريق وكسر الحصار"، بحسب قوله.
وأوضح عكيدي أن الانسحاب من بعض المناطق لا يعني نهاية المعارك، فـ"المعركة ضخمة وطويلة الأمد، وهي كر وفر، وسنعيد الكرة مرات ومرات، بخطط ستفاجئ النظام، ولم يحسب حسابها".
وأكد قيادي ميداني في حركة "أحرار الشام" الإسلامية، فضل عدم ذكر اسمه لـ"عربي21"، ما ذهب إليه عكيدي، موضحا أن النقاط التي انسحبت منها الفصائل نقاط كانت جديدة بالنسبة له، مقللا من دعاية النظام بالانتصارات الكبيرة.
وأشار إلى أن "هناك جولات وجولات، والهدف المبدئي هو فك الحصار عن مدينة حلب، وهو قرار لا رجعة فيه عند فصائل الثورة"، بحسب تعبيره.
قصف كثيف
وأشار القياديون إلى أن ما دفعهم للانسحاب هو الطيران الروسي والقصف العنيف، بكافة أنواع الأسلحة والقنابل العنقودية والنابالم الحارق والقنابل الفسفورية، وكل أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة دوليا.
وأوضح عكيدي أن المعركة "لم تكن متكافئة"، ما بين الثوار الذين يقاتلون بأسلحة بسيطة وقذائف الهاون والرشاشات المتوسطة، مقابل سلاح الجو الذي يقلب موازين المعركة بشكل دائم، والقصف العنيف "غير الطبيعي"، مستشهدا بقصف منطقة الراشدين بأربعمئة غارة جوية فقط، بكل أنواع الأسلحة.
وقال القيادي في "أحرار الشام" إن هذا القصف العنيف بالكثافة النارية، ترافق مع "استجلاب النظام لحشد كبير لمرتزقته"، شتت فصائل المعارضة بصدها للاقتحامات المتكررة على أكثر من محور، ولأكثر من مرة كل يوم، ما دفعها أخيرا للانسحاب.
وقال القيادي الميداني إنه كانت هناك "كثافة نيرانية غير مسبوقة من مدفعيات النظام، التي كان لها الدور الأبرز في إيقاف تقدم الثوار، بالإضافة إلى أسراب الطيران التي لم تغادر أجواء المعركة، مع استخدام الصواريخ بعيدة المدى".
بدوره، قال رئيس المكتب السياسي في تجمع "فاستقم كما أمرت"، زكريا ملاحفجي، إنه "من المعيب والسقوط الكبير أن تستعد روسيا، باستعدادات تشبه الاستعداد لحرب عالمية، على أحياء سكنية، كل ما تريده الحياة ولقمة الخبز داخل المدن المهدمة".
وأشار إلى أن الروس لم يستخدموا الأسلحة الجديدة التي وصلت إلى البحر المتوسط، مع الصواريخ الجديدة، وصواريخ الكروز، رغم استخدام أسلحة جديدة في الهجمة السابقة.
درع الفرات
واستبعد القياديون أن يكون لعمليات درع الفرات أثر سلبي على معارك ملحمة حلب، حيث قال ملاحفجي إن "معركة الثوار تواجه النظام والروس من طرف، بينما تواجه تنظيم الدولة من طرف آخر"، موضحا أن الجانب التركي تبنى عمليات "درع الفرات"، ضد تنظيم الدولة بمعارك مستمرة، واصفا ذلك بـ"الإيجابي" بأنه "لصالح الثورة".
وأكد القيادي الميداني في "أحرار الشام" رأي ملاحفجي، معتبرا أن عمليات "درع الفرات" لم تؤثر على "ملحمة حلب".
خلافات الفصائل
ورغم التنسيق الكبير الذي أكده كل القياديين الذين حاورتهم "عربي21"؛ فإن ملاحفجي استدرك بأن الخلافات بين الفصائل لها "دور سلبي"، ولا يجب أن تكون على الإطلاق.
بالمقابل، رأى القيادي في "أحرار الشام"، أن المعركة من أكثر المعارك تنسيقا، سيما أن "جيش الفتح" دخل العمل بكل فصائله بالتنسيق مع باقي فصائل الثوار ضمن غرفة عمليات مشتركة، على حد تعبيره.
عربي21