تشهد خارطة المعارك في شمال سوريا تغييرات كبيرة خلال الساعات الماضية، ابتداء من تقدم قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا نحو مدينة الباب الاستراتيجية، إلى جانب سيطرة الجيش السوري على بعض المناطق التي استولت عليها فصائل المعارضة المسلحة غرب حلب.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن “فصائل المعارضة المدعومة من قوات تركية باتت على بعد كيلومترين شمال وشمال غرب مدينة الباب” في ريف حلب الشمالي، والتي تتعرض حاليا “لقصف جوي ومدفعي تركي”.

وذكرت مصادر محلية أن فصائل الجيش الحر، بدأت هجوما فجر الأحد في المنطقة، واستعادت قرى سوسيان، والدانا، وعولان، وقديران، وحوزان، من قبضة داعش.

وأشارت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لدواع أمنية، بحسب وكالة الأناضول التركية، إلى أن الفصائل سرّعت من وتيرة هجومها باتجاه مدينة الباب خلال الأيام الثلاثة الماضية، بعد رصدها محاولات تقدم من منظمة “ب ي د”، الذراع السورية لمنظمة “بي كا كا”، تجاه المدينة.

وبدأت تركيا في أغسطس الماضي هجوما بريا غير مسبوق في سوريا دعما لفصائل معارضة بهدف معلن، هو طرد تنظيم داعش من المنطقة الحدودية بشمال حلب، وهدف ضمني أساسي وهو منع وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية من إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها.

وتقع الباب على مسافة 30 كلم من الحدود التركية، وطالما شكلت هدفا للحملة التي أطلق عليها “درع الفرات”، إلى جانب جرابلس، وهما آخر معقلين لتنظيم داعش في محافظة حلب، بعدما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرد الجهاديين من مدينة منبج.

وأوضح عبدالرحمن أن “التقدم إلى الباب يأتي في إطار العملية ذاتها التي بدأت بسيطرة الفصائل المعارضة على مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي”. وأضاف “لم يعد هناك مفر للجهاديين في الباب سوى الطريق المؤدية إلى الرقة التي تمر عبر مدينة دير حافر جنوبا، ويعود هذا التقدم إلى الدعم التركي وانسحاب الجهاديين من مناطق عدة من دون خوض معارك”.

وتسعى تركيا إلى السيطرة على الباب ومن بعدها التقدم إلى منبج، بحسب ما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي.

رامي عبدالرحمن: التقدم يعود إلى دعم تركيا وانسحاب داعش من عدة مناطق دون خوض معارك
وبدورها تخوض قوات سوريا الديمقراطية منذ عشرة أيام معارك ضد الجهاديين في ريف الرقة الشمالي في إطار حملة أطلقتها بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرقة، أبرز معاقله في سوريا.

وتتحدث التقارير الإخبارية عن تراجع حماس مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في التقدم باتجاه الرقة، بسبب ضبابية الموقف الأميركي حول مشاركة تركيا في العمليات العسكرية ضد داعش في الرقة، والتي ترفضها “سوريا الديمقراطية”.

ويبدو أن البوصلة الأميركية تواصل التذبذب في مواقفها حول الأوضاع في سوريا، فقد حذر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من أن اصطفاف الولايات المتحدة إلى جانب المعارضة السورية في مواجهة نظام بشار الأسد، قد ينتهي بصراع مع روسيا.

وقال ترامب في مقابلة أجرتها معه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، وتعد الأولى مع وسائل الإعلام بعد انتخابه رئيسا للبلاد، الثلاثاء الماضي، إن “روسيا دخلت في حلف وثيق مع سوريا وإيران التي أصبحت قوية بسببنا (في إشارة إلى الاتفاق النووي مع طهران) الحليفة أيضا لسوريا، ونحن نؤيد الآن المتمردين السوريين لكننا لا نعرف من هم هؤلاء؟”.

واستطرد ترامب “إذا قاتلت الولايات المتحدة سوريا، فقد ينتهي هذا الصراع مع روسيا”. وطالب بـ”ضرورة التركيز بشكل أكبر على قتال تنظيم داعش بدلا من التركيز على إسقاط النظام السوري”.

وتزامنت تصريحات ترامب مع تقدم الجيش السوري واستعادته مناطق سيطرت عليها المعارضة السورية مؤخرا غرب حلب، خلال هجوم مضاد.

وقال مسؤول في المعارضة السورية المسلحة والمرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الجيش السوري سيطر على ضاحية الأسد في غرب حلب، السبت، مما قضى على كل المكاسب التي حققها مقاتلو المعارضة خلال أسبوعين في هجومهم المضاد على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وذكر المرصد أن الجيش وحلفاءه حققوا عدة مكاسب على الطرف الغربي للمدينة المقسمة، مما عرقل هجوم مقاتلي المعارضة لكسر الحصار المفروض على الأحياء الخاضعة لسيطرتهم.

وأضاف المرصد أنه بعد ضربات جوية مكثفة نجحت قوات الحكومة السورية في السيطرة على قرية منيان ومواقع قريبة منها بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة عليها الشهر الماضي.

وأكد زكريا ملاحفجي، رئيس المكتب السياسي لجماعة “فاستقم” التي تقاتل في حلب، تقدم الجيش، وقال إن هناك تأثيرات سلبية لسيطرة القوات السورية على تلك المناطق، لكنه أضاف أن فصائل المعارضة لديها الإصرار اللازم على أمل أن تحقق تقدما خلال الأيام المقبلة.

وحلب منقسمة منذ أعوام إلى شطرين بين الغرب الخاضع لسيطرة الحكومة والشرق الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة.

وبدأت القوات الحكومية السورية بدعم روسي هجوما على شرق حلب في سبتمبر بعد محاصرة المنطقة التي تقول الأمم المتحدة إن فيها نحو 275 ألف شخص.

وفي 28 أكتوبر شن مقاتلو المعارضة هجوما مضادا في محاولة لكسر الحصار مستهدفين أحياء في غرب المدينة، وهو هجوم شارك فيه إسلاميون متشددون ومقاتلو المعارضة تحت راية الجيش السوري الحر، لكن تقدمهم تباطأ بعد تحقيق بعض المكاسب المبكرة.

وأصبحت حلب أكثر جبهات القتال شراسة في الحرب بين الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران ومسلحين شيعة وضربات جوية روسية من جهة وجماعات من مقاتلي المعارضة التي تدعمها تركيا والولايات المتحدة ودول خليجية من جهة أخرى.


صحيفة العرب