مع احتدام الصراع بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والنائب محمد دحلان، واستمرار عرض حلقات مسلسل تبادل الاتهامات حول قاتل الرئيس الفلسطيني السابق، ياسر عرفات، واستخدام الملف للمناكفات السياسية والمصالح الشخصية بين الرجلين، عبر فلسطينيون عن غضبهم من الوضع الراهن وما وصلت له حدة الخلافات الداخلية، وتحريف قضية "اغتيال عرفات" التي باتت "وطنية".
حالة الغضب الفلسطينية التي كانت مليئة بالأسئلة والاتهامات والانتقادات، عبر عنها الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إطلاق وسم (#من_قتل_عرفات)، في محاولة للضغط لمعرفة قاتل عرفات، موجهين أصابع الانتقاد نحو الرئيس عباس.
توجيه الانتقاد والاتهام نحو الرئيس الفلسطيني أبو مازن جاء بعد تصريحاته، في الذكرى الـ12 لرحيل عرفات، بأنه "يعرف القاتل"؛ الأمر الذي خلق حالة من الغضب والدهشة داخل المجتمع الفلسطيني، مع تساؤل مطروح: لماذا أعلن الرئيس عباس ذلك الآن؟ وما سبب صمته؟ في ظل خلافاته الكبيرة مع دحلان.
غضب فلسطيني على عباس
نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الـ24 الماضية، تفاعلوا عبر وسم (#من_قتل_عرفات) بشكل كبير؛ فمنهم من وجه تساؤلات للرئيس عباس حول أسباب صمته وعدم الكشف عن قاتل عرفات، في حين ذهب آخرون لاتهام عباس مباشرة بأنه هو "أكثر المستفيدين من غياب عرفات عن الساحة".
في حين اعتبر نشطاء أن تصريحات عباس حول معرفته بقاتل عرفات محاولة لـ"استجلاب الضوء عليه بعد خفوته"، وشكك آخرون من خلال مشاركاتهم أصلاً بمصداقية تصريحات الرئيس عباس الأخيرة.
ولعل أبرز المشاركات التي تم رصدها على الوسم التفاعلي كانت لعزت الرشق، القيادي البارز في حركة حماس، حين قال: "في ذكرى استشهاد أبو عمار.. يقولون عن اغتياله كلاماً كثيراً لا يسمن ولا يغني من جوع"، في حين قال المدون محمد الزيتونية: "بجد إلى (من) بعرف #من_قتل_عرفات يحكيلنا وما يخبي علينا".
في حين طرحت المدونة "Toka" تساؤلاً من خلال مشاركتها وقالت: "هل ستجيب فتح لجمهورها عن السؤال الذي يتردد كل عام #من_قتل_عرفات؟ أم أنها ستكتفي ككل عام بالرقص على أنغام "هز الخصر بحنيه"؟
وفي اتهام مباشر للرئيس عباس كتبت المدونة manar Ahmad Dallul": "قتلو القتيل ومشوا بجنازته". أما المدون Eman Jamal okaily فقال: "12 عام على رحيله، ولن نعرف #من_قتل_عرفات، أبو مازن قال: أنا اعرف من قتل عرفات!! طب لمتى راح تبقى كاتم الحق؟!".
وعبر Naji Shukri عن تشاؤمه من تصريحات الرئيس عباس، وقال: "في كل عام تخرج تصريحات للاستهلاك التنظيمي الداخلي حول لجنة التحقيق بمقتل #عرفات ويمضي 12 خريفاً، وعند البعض 12 ربيعاً".
كما طالبت المواطنة نسيبة حلّـس بمحاكمة الرئيس عباس، وقالت خلال مشاركتها في الوسم: "بصفتي مواطنة حرة أطالب النيابة العامة والقضاء الشرعي باستجواب #عباس للتحقيق معه في #من_قتل_عرفات مادام يعرف قاتله فلماذا متستر على القتلة"؟
-المتاجرة بقضية عرفات
وبعد تصريحات الرئيس عباس وجه دحلان اتهامه لرئيس السلطة بالمتاجرة بقضية اغتيال الراحل ياسر عرفات، وقال دحلان في منشور على صفحته الخاصة على فيسبوك: "إنه من العار السكوت عن شخص مثل محمود عباس وهو يدعي معرفة منفذي تلك الجريمة الكبرى لكل ذلك الوقت".
وأكد أن عباس ليس الشخص المؤهل لتوزيع الاتهامات باعتباره موجوداً في قفص الاتهام، والمستفيد الوحيد من تغييب أبو عمار عن المشهد، مضيفاً: "ينبغي التوقف فوراً عن المتاجرة الرخيصة بقضية عرفات، ولقد آن الأوان لوضع ملف التحقيقات في سياقها القانوني والعملي، بدلاً من التلاعب والتوظيف الرخيص والمغرض الذي يمارسه البعض بصورة موسمية".
وحذر حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، من "المتاجرة" بقضية اغتيال عرفات بين الرئيس عباس ودحلان، مؤكداً أن ذلك يُشكل خطراً كبيراً ويدخل الفلسطينيين في نفق مظلم لا نهاية له.
وقال خريشة لـ"الخليج أونلاين": "ما نشاهده عبر وسائل الإعلام من استغلال لملف اغتيال عرفات لحسابات شخصية وخلافات داخلية أمر في غاية الخطورة، ويؤكد أن عباس ودحلان يلعبان دوراً سلبياً في معرفة مصير قضية عرفات وكشف القاتل".
وذكر خريشة أن الطرفين يحاولان كسب هذا الملف لمصلحتهما، وإطلاق التهم "غير المباشرة" عبر وسائل الإعلام، بالتسبب في اغتيال عرفات، وأن الطرفين يملكان المعلومات، ويهددان بمن سيكشف أوراقه أولاً.
وأضاف: "المطلوب من الرئيس عباس وبشكل فوري إعلان المتسبب بمقتل عرفات أمام المجتمع الفلسطيني؛ لكون القضية وطنية وليست حزبية أو شخصية"، مؤكداً أن تصريحات عباس دون تقديم أسماء وكشف المنفذين ستكون للاستغلال السياسي الشخصي ضد غريمه دحلان.
وكان رئيس السلطة، محمود عباس، صرح خلال كلمة له أثناء فعالية لإحياء ذكرى وفاة أبو عمار، الخميس الماضي، بأنه يعرف قتلة ياسر عرفات لكنه لن يعلن عن ذلك.
وبلغت خلافات عباس ودحلان ذروتها بعد عودة الأخير للساحة الفلسطينية مجدداً، وطموحه القائم بقيادة التيار الإصلاحي في حركة "فتح"، في ظل خلافات الرئيس عباس الكبيرة مع دول عربية تدعم وصول دحلان لكرسي الرئاسة.
وتوفي عرفات في 11 تشرين الثاني 2004، عن عمر ناهز 75 عاماً، في مستشفى عسكري في ضواحي باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره من قبل الجيش الإسرائيلي في مقر المقاطعة برام الله، لعدة أشهر.
(الخليج أونلاين)