عجلات تأليف الحكومة لا تزال متوقفة. القوى السياسية المعنية تشيع أجواءً إيجابية، متحدثة عن إمكان تأليف الحكومة الأسبوع الجاري. لكن المعلومات المتسرّبة من جلسات النقاش توحي بأن المفاوضات وصلت إلى حائط مسدود، فعاد البحث إلى إمكان تأليف حكومة من 24 وزيراً، لا حكومة ثلاثينية، على قاعدة أن "الحكومة التي ستؤلف ستكون حكومة انتخابات لا أكثر".
لكن غالبية الراغبين في الحصول على حقيبة وزارية، أحزاباً وشخصيات، لا يثقون بأن الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها، وبالتالي، فإن الجميع يتصرفون كما لو أن حكومة الرئيس سعد الحريري لن تكون لسبعة أشهر لا أكثر. رغم ذلك، فإن الرئيس ميشال عون مصرّ على أن تكون حكومة الحريري آخر حكومات مجلس نواب 2009، لا أولى حكومات العهد، ما يعني أن تركيبتها لا تعكس موازين القوى الحالية، بل معادلات تعود إلى 8 سنوات خلت. إلا أن هذه الموازين هي عملياً ما يؤخر إبصار الحكومة النور. فالرئيس نبيه بري، بصفته أحد أبرز شركاء تأليف الحكومة، ممثلاً لنفسه ولحزب الله ولجميع القوى المشكلة للفريق الذي سُمّي عام 2005 بـ8 آذار، لا يرى نفسه خاسراً للانتخابات الرئاسية، بل إنه في هذه المفاوضات ناطق باسم قوى لم تخسر، لا في لبنان، ولا في الإقليم. كذلك فإنه يحمل ورقة "حصة طائفته" في النظام، التي يريد التعبير عنها في التوازنات الحكومية، أسوة بما ينادي به ممثلو الطوائف الأخرى. وبناءً على ذلك، حمل لقاؤه الرئيس سعد الحريري، أول من أمس، تثبيتاً لنقاط الاختلاف، وللفيتوات. وفيما أكّدت مصادر اللقاء أنه كان "إيجابياً جداً"، لناحية طيّ صفحة الخلاف بين الرئيسين العائدة إلى ما قبل الانتخابات الرئاسية، وكان "ودّياً جداً" على المستوى الشخصي، فإن المصادر كشفت أن بري وضع أسقفاً للتفاوض وفق الآتي:
1ــ حركة أمل متمسّكة بوزارة المالية، بصفتها من حصة الطائفة الشيعية بحسب ما هو وارد في محاضر اتفاق الطائف (لا في نص الاتفاق).
2ــ الفريق السياسي الذي يفاوض بري باسمه يرفض منح وزارة سيادية لحزب القوات اللبنانية.
3ــ يرفض بري التعامل مع حقائب تيار المردة بصفتها من حصة الطائفة الشيعية، لأن المردة مكوّن أساسي من المكوّنات السياسية المسيحية، تماماً كحزب الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
ولفتت المصادر إلى أن الحريري كان متفهّماً لما قاله بري.
من جهة أخرى، ورداً على سؤال لـ"الأخبار" حول تطورات الوضع الحكومي، اكتفى وزير الخارجية جبران باسيل بالقول "إن السؤال اليوم ليس ما هو حجم ما سيأخذه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في الحكومة، بل السؤال هو ما الذي سيعطيه التيار والقوات؟ وهذه هي الروحية التي يجب أن يتم التعاطي بها في عملية تأليف الحكومة"، مشيراً الى أن القوات اللبنانية "ستحصل على حجم أكبر مما نالته سابقاً نتيجة تفاهمها معنا".
وكان رئيس "القوات" سمير جعجع قد أعلن أن التيار الوطني الحر وتيار المستقبل متضامنان مع حزبه في وجه محاولات "العزل".
على صعيد آخر، طلبت الأمانة العامة في "القوات" وقف الحملات في حق حزب الكتائب اللبنانية، وردّ "الكتائب" بدوره طالباً من مناصريه وقف الردود على القواتيين على كافة وسائل التواصل الاجتماعي. وكان مناصرو الحزبين قد خاضوا "معارك افتراضية" في الأيام الماضية، على خلفية اتهام الصيفي لمعراب بمحاولة عزل الكتائب وزارياً، وردّ القوات بقسوة على النائب سامي الجميّل. وأشارت مصادر كتائبية إلى أن الحزب "لم يكن يريد الدخول في أي سجال مع أحد، وأنه يقدّر ما قامت به الأمانة العامة في القوات، وقررنا التعاطي بالمثل، لأننا لسنا من هواة الاشتباك. لدينا موقف أعلن عنه الرئيس سامي الجميّل، وهذه هي حدود الموضوع، ولا داعي لأيّ أخذ ورد". ونفت المصادر أن تكون قد حصلت اتصالات بين الطرفين.