الحديث عن حقوق المرأة في الاسلام , عادة يكون من وجهة نظر قانونية وحقوقية , فيأخذ المتكلم بسرد مواد قانونية تنص على حقوق المرأة , وفي أغلب الاحيان نقرأ لكتّاب مسلمين مواضيع متعلقة بحقوق المرأة , فترى الكاتب يؤكد على ان الاسلام ساوى بين الرجل والمرأة , وهذا صحيح نظريا , الا ان معظم الكتابات أغفلت المشكلة العملية اذ انهم يسردون ما هو نظري , بغض النظر عما ينبغي ان يكون عمليا , لان المشكلة في الواقع ليست نظرية بقدر ما هي واقعية خارجية , حيث ان جميع المسلمين يقرون بان الاسلام اعطى المرأة حقوقها في النصوص كاملة , اذن اين هي المشكلة التي تعاني منها المرأة في المجتمعات الاسلامية ؟؟
نحن ايضا نقول ان الاسلام اعطى المرأة مكانة تساوي مكانة الرجل , وساوى بينهما بالانسانية وأكد ان لا فرق بينهما الا على اساس التقوى , فكلاهما مسؤول امام الله عن الحلال والحرام , وهذا ما تؤكده عشرات النصوص , اما التفضيل بينهما الذي ورد في القرآن الكريم ," الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " هو تفضيل من حيث التكوين والخلقة فقط , وليس نقصا من حقوق المرأة ابدا , لان عملية التكامل المقصودة من الخلق تحتاج الى هذا التفضيل والاختلاف في التكوين حيث تتكامل الادوار لنجاح الحياة الدنيا واعمارها .
وما نراه من مظلومية عملية تمارس ضد المراة في مجتمعاتنا , ومنها العنف الذي يمارس ضد المرأة , والتمييز العنصري امام المحاكم الشرعية , هذه المحاكم التي تشعر المرأة فيها باستلاب انسانيتها , وتشعر بانتهاك كرامتها , ولا تشعر بابسط حقوقها كإنسانة , سببها الثقافة الذكورية التي سيطرت على فهم النصوص , فاعطت للذكر دورا في انتاج الفقه ولم تعطه للمرأة , فلذلك تَشكّل على ايدي هؤلاء الذكور فقه المرأة الذي انتقص من حقها بسبب الفهم الخاطئ للنصوص , وفقه المرأة هو عبارة عن فهم بشري للنصوص الدينية لا يرتقي الى مرتبة المتعالي المقدس , فهو بحاجة الى اعادة قراءة من جديد , يُلحظ في القراءة الجديدة تأثير الثقافة الذكورية على الفهم , لعلنا في اعادة القراءة لفقه المرأة ننتج فقها يعطي المرأة مكانتها التي اعطاها اياها الله سبحانه وتعالى ," يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير