يأمل الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه بالاستفادة قدر الإمكان من فوز الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية معتبرين أنه أنقذهم من مخاطر التدخل في حال فازت منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وقد يشكل فوز ترامب تحولا بالفعل في مسار الحملة العسكرية المدعومة من روسيا في حلب.
وقال مسؤول كبير مؤيد للأسد إن خططا للسيطرة على النصف الشرقي من المدينة الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة مع حلول كانون الثاني كانت قد وضعت بناء على فرضية فوز كلينتون.
وفي حال تبلورت بعض من تصريحات ترامب في سياسة أميركية جديدة ستكون ثقة دمشق في محلها رغم أنه ما زالت هناك علامات استفهام بشأن المدى الذي سيذهب إليه في تحويل تصريحاته اثناء حملته الإنتخابية إلى أفعال بما في ذلك إمكانية التعاون مع روسيا - الحليف العسكري الأقوى للأسد - ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأحد عوامل التعقيد قد يكون موقف ترامب المتشدد تجاه إيران الداعم العسكري الرئيسي الآخر للأسد.
وكان ترامب هدد بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران ووجه انتقادات شديدة لتخفيف العقوبات الذي ترتب على ذلك الاتفاق.
ويقول محللون إن الموقف الجمهوري الطويل الأمد ضد الأسد قد يشكل أيضا عائقا أمام أي تحول كبير في السياسة.
ومع هذا فإن ترامب تحدث بلهجة مغايرة فيما يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه الصراع السوري المتعدد الأطراف الذي عمدت فيه الولايات المتحدة مع حليفيها تركيا والمملكة العربية السعودية إلى دعم بعض مسلحي المعارضة الذين يقاتلون للإطاحة بالأسد منذ أكثر من خمس سنوات.
وشكك ترامب في حكمة دعم مقاتلي المعارضة وهوّن من شأن هدف الولايات المتحدة لحمل الأسد على التنحي عن السلطة، وأشار إلى أنه رغم أنه «لا يحب» الرئيس السوري إلا أن «الأسد يقتل (تنظيم) الدولة الاسلامية».
وقال مسؤول كبير في التحالف العسكري الذي يقاتل دعما للأسد بمساندة من سلاح الجو الروسي والحرس الثوري الإيراني وحزب الله وفصائل مسلحة أخرى «هذا مريح جدا لنا ولحلفائنا في سوريا».
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أو جنسيته حتى يتمكن من إعطاء تقييم صريح «الموجة الحالية معنا وتخدمنا ويجب أن نستفيد منها إلى أبعد الحدود».
وقال المسؤول الكبير إن فرضية فوز كلينتون شكلت لبعض الوقت التخطيط للحملة العسكرية في حلب وكان الهدف أن تنتهي الحملة قبل أن يتولى الرئيس الأميركي الجديد منصبه.
وقال المسؤول إنه في حين لا تزال الخطة سارية إلا أن «عاملا جديدا» طرأ عليها وهو فوز ترامب.
وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «من المؤكد أنه عنده مقاربة مختلفة الآن لوضع الأزمة السورية كلها في ضوء ما سيحصل مع ترامب».
وقالت صحيفة الوطن السورية أنه «لا بد من ملاحظة الفرح الذي ارتسم على وجوه معظم السوريين الذين قضى قسم كبير منهم ليلته يتابع مستجدات عمليات فرز الأصوات» في الانتخابات الأميركية.
ولم يعلن ترامب أي تصور بشأن سوريا أو المنطقة. وفي حين أعرب البعض في المعارضة عن قلقهم إزاء تصريحات ترامب وآرائه تجاه بوتين إلا أن البعض الآخر ما زال يحدوهم الأمل في أن تعتمد الولايات المتحدة سياسة تخدم قضيتهم.
وأشار أحد كبار قادة المعارضة إلى أن آراء ترامب بشأن إيران «إيجابية» للمعارضة السورية.
وقال القيادي المعارض الذي رفض الكشف عن هويته حتى يتمكن من التحدث بحرية «اليوم لا يزال دور الولايات المتحدة فعالا وجوهريا في سوريا بغض النظر انه حتى ولو حاول أن يقف (ترامب) على مسافة منها لن يتمكن من ذلك».
وردا على سؤال عن حلب اثناء مناظرة مع كلينتون في تشرين الأول قال ترامب إنها كارثة إنسانية لكن المدينة «بالأساس» سقطت. وأضاف أن كلينتون كانت تتحدث لصالح مسلحي المعارضة دون أن تعرف من هم.
وأحد المستشارين البارزين لترامب هو رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد.
وأبلغ دانفورد الكونغرس في أيلول إنه يعتقد أنها ستكون فكرة غير جيدة أن يتبادل الجيش الأميركي معلومات المخابرات مع روسيا بشأن سوريا وهو شيء سعت اليه موسكو لفترة طويلة.
ومن غير المرجح أن يرغب الجمهوريون الذين من المحتمل ان ينضموا إلى حكومة ترامب أو أن يصبحوا مستشارين له في علاقات وثيقة مع بوتين.
وتوقع أندرو تابلر وهو خبير في الشؤون السورية بمركز واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن ترامب سيبدأ بجس نبض روسيا حول خيارات لانتقال سياسي أو اتفاق لإنهاء الحرب.
وإذا تعذر ذلك فإنه قد يقرر ترك غرب سوريا كمنطقة نفوذ لروسيا وتبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها يقاتلون الدولة الإسلامية في شرق سوريا.
وقال تابلر «أعتقد أنه سيكون موقفا مرنا. تذكروا أن الكثير من الجمهوريين الذين لهم علاقة بالسياسة الخارجية في واشنطن سينضمون على الأرجح إلى هذه الحكومة.. وهم لديهم مشاعر قوية جدا تجاه إيران ونظام الأسد لذلك أنا لا أتوقع وضعا تتقرب فيه الولايات المتحدة فجأة من الأسد».
(رويترز)