تمهيد:
للأسف ، وللمرّة الألف، بعد اضمحلال المعارضة الوطنية، والتحاق الأحزاب، بما فيها اليسارية والتقدمية، بالركب الطائفي، لا بدّ من العودة لما يمكن تصنيفه: معارضة شيعية.
وهذه المعارضة المكونة من بعض أطياف الطائفة الشيعية عليها أن تلتزم أولاً بالأهداف الوطنية، وتالياً بالافاق العلمانية، فضلاً عن الحسّ النقدي المترفّع عن الحسابات الضيّقة مع التأكيد على مُقوّمات المثقف المعارض الملتزم بالقيم الديمقراطية والعلمانية.
أولاً: الحقوق الفكرية
من حقّ أي مثقف أن يلتزم بأسبقية حقوق الفكر في قول الحقيقة ومهما اختلفت الظروف، ومهما كانت الحقيقة جارحة وعالية الكلفة، ومهما علت مقامات الذين تُرفع في وجههم وبلغ سلطانهم من جبروت وعُسف.
ثانياً: حماية الكرامة الإنسانية
حين تتضاعف الأهواء "الثورية" وتظهر الابتزازات من كل جانب، مع الأحكام الاعتباطية،وازدياد منسوب العنف والقهر، يصبح لزاماً على المثقف المعارض أن يلجأ إلى جميع وسائل الانفعال والتأثُّر والعقل السليم والرموز الأخلاقية والدينية والتقليدية في سبيل إنقاذ حياة بشرية، والتخفيف من ظلم، وإيقاف آلية عشوائيه، وعليه أن يحاول هزّ الضمائر، وإرشاد المسؤولين، ونقد الحكام والمتسلّطين باعتناق كل أيديولوجية داعية للتحرّر الوطني، والانعتاق الإنساني.
ثالثاً: الهمُّ الدائم
لا يمكن أن نتوقع لهذه المعارضة التي تتّسم بالفردية والتشرذم أن تُخفّف وحدها من حدّة المآسي المباشرة، أو تحمل عبء القيام بعمل جذري لإعادة تأسيس وبلورة نظام القيم والمبادئ الفكرية والسياسية السائدة، وهذا جهدٌ مضاعف يتطلب تظافر قوى المجتمع لإعادة نظرة تاريخية وإنسانية وفقهية وفلسفية لأصول الشرع الإسلامي كما صاغها مفكرو السّنة والشيعة خلال العصر الذهبي للإسلام وطبّقوها. وهذا يختلف اختلافاً جذرياً عن ردود الموالين للثنائية الشيعية بما فيها من ابتذال وتبسيط وترهات، حتى لا نذكر سيل الشتائم والألفاظ المقذعة، والتي لا تليقُ بحاكمٍ أو معارض.