وبرغم عدم تحديد وزير المال السعودي الجديد محمد الجدعان، أمس، المبلغ الدقيق الذي دفعته الحكومة السعودية لتسديد مليارات الدولارات المستحقة لشركات خاصة بعد انهيار عائدات النفط، قال مصدر سعودي مطلع لـ «السفير» ان وزارة المال باشرت في الساعات الثماني والأربعين الماضية بإصدار أوامر سداد بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 100 مليار ريال سعودي، أي حوالي 26 مليار دولار أميركي.
وجاءت أوامر الصرف بعد إعلان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الاثنين الماضي، أن الرياض ستدفع قبل نهاية كانون الأول المقبل متأخرات شركات المقاولات الخاصة.
ومن أبرز الشركات التي ستستفيد من القرار مجموعة بن لادن العملاقة في قطاع المقاولات التي أعلنت الشهر الماضي أن الحكومة السعودية دفعت لها «بعض المستحقات»، ما يسمح لها بتغطية بعض الرواتب المتأخرة للموظفين.
هل تعني القرارات السعودية المتتالية أن الأزمة المالية في شركة «سعودي أوجيه» وبالتالي في كل مؤسسات الحريري في لبنان والخارج، يمكن أن تنفرج في الأسابيع السبعة الباقية قبل نهاية العام الحالي؟
ثمة تطور بارز قد يجيب عن هذا السؤال، تمثل في طلب «سعودي أوجيه» من البنوك الموافقة على تجميد سداد ديونها التي لا تقلّ عن 13 مليار ريال سعودي (حوالي 3.5 مليارات دولار أميركي) بما يمهد الطريق أمامها لإعادة جدولة هذه الديون من جهة ودفع مستحقات موظفيها من الأموال التي ستحصل عليها من الخزينة السعودية من جهة ثانية.
وما ضاعف من حجم التفاؤل أمس، هو ما تناقله البعض في شركة «سعودي أوجيه» بأن إدارة الشركة تتجه إلى دفع جميع رواتب موظفيها لغاية نهاية شهر تموز 2016، وذلك عبر المكاتب المالية في جميع فروع الشركة في السعودية، على أن يصار إلى تسوية مستحقات نهاية الخدمة للموظفين المستقيلين في مهلة ثلاثة أشهر، فيما تدفع الشركة رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة عندما تستوفي باقي مستحقاتها لدى وزارة المال السعودية.
وفيما لم يؤكد أي من المعنيين بشركة «سعودي أوجيه» وقيادات «تيار المستقبل» في لبنان صحة هذه المعلومات أو عدمها، إلا أنها طرحت سلسلة تساؤلات على المستوى اللبناني أبرزها: هل ستؤدي الانفراجات في «سعودي أوجيه» إذا كانت صحيحة إلى انفراجات جزئية على صعيد الأزمة المالية للرئيس الحريري؟ وهل تشكل قرارات الحكومة السعودية رسالة إيجابية لرئيس الحكومة المكلف بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي؟ أم أن قرار الحكومة السعودية يشمل كل القطاع الخاص بما فيه شركة الحريري وبالتالي لا توجد أي بادرة إيجابية خاصة تجاه «سعودي أوجيه» ورئيس مجلس إدارتها؟
ويقول مطلعون على شؤون «سعودي أوجيه» في لبنان لـ «السفير» إن الأزمة من أساسها كانت في عدم توفر السيولة في السعودية نتيجة انخفاض سعر النفط، وتداعيات الحرب في اليمن، ولم يكن هناك أي عقاب تفرضه المملكة على الرئيس الحريري، بل على العكس، ففي الوقت الذي كانت فيه كل المشاريع متوقفة على مستوى الدولة ككل وصولا إلى مشروع توسعة الحرم المكي، جرى تلزيم «سعودي أوجيه» تشغيل مجمع الملك فهد لطباعة المصاحف لمدة خمس سنوات بعدما فازت على ست شركات منافسة، فضلا عن تلزيمها صيانة القصور الملكية داخل المملكة وخارجها، وهذا كان مؤشرا إيجابيا، حتى يحين موعد صرف المستحقات المالية العائدة للشركة، علما أن الأزمة المالية لم تقتصر على «سعودي أوجيه» بل شملت أكثرية الشركات الخاصة في السعودية.
المصدر: السفير