لن يفوت أي مراقب يجول في شوارع المدن الأميركية أن يلاحظ خوفا ينتاب المقيمين العرب والمسلمين، وحتى الأميركيين من أصول عربية وإسلامية.
والقلق الذي اعترى هذه الفئات، بعد لحظة الإعلان عن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، منبثق من خطاب الرئيس نفسه، ومما بثّه من كراهية ضد كل الأقليات المسلمة القادمة من الشرق الأوسط.
ووعد الرئيس الجديد أثناء حملته الانتخابية بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. ونال هذا الوعد نصيبه من الاستهجان والاستنكار، لكنه أضاف إلى رصيد المرشح الطموح آلافا أخرى من الأصوات.
وتعرّض ترامب لحملات تتهمه بالعنصرية واللاإنسانية إثر تعهده بوقف الهجرة من الخارج، لا سيما الـ20 ألف لاجئ سوري المقرر دخولهم في السنوات المقبلة وفق قرارات إدارة سلفه باراك أوباما، لكن الأمر مع ذلك صلّب موقفه في السباق الرئاسي وقاده، من بين أسباب أخرى، إلى الفوز بعقد البيت الأبيض للأربع سنوات المقبلة.
وفاز ترامب بهذا العقد وكأنه يفوز بمناقصة عرض داخلها كل ما يشتهي الزبون ويغريه. وهنا مكمن العلّة.
ويخشى العرب والمسلمون في الولايات المتحدة حقيقة ما كشفه المجتمع الأميركي من قابلية لاستهلاك البضاعة التي سوّقها ترامب ضد المسلمين، وما كشفه من كراهية مكبوتة ضد هذا الإسلام الذي دمر له البرجين الشهيرين في نيويورك في الـ11 من سبتمبر الشهير.
ولم تخفف كلمات ترامب التصويبية في هذا المضمار من الخشية التي تنتاب الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة.وأضاف ترامب إلى خطابه الإقصائي الأول جرعات تخفيفية معترفا بأن هناك مسلمين سيئين وجب ردعهم ومسلمين لا وجود لمشكلة معهم.
إلا أن ذلك أمعن في إشعارهم بأنهم ليسوا كالمواطنين الآخرين، بل إن معايير مزاجية ستحدد من هو الجيد والسيء بينهم، وهذا في حدّ ذاته يجعلهم يشعرون بغربتهم في البلد الذي يحملون جنسيته وأغلبهم وُلدوا على أرضه.
ويتجمع الكثير من العرب والمسلمين في ولاية ميشيغن، التي سقطت بيد ترامب.
ومن مضامين الأسئلة: هل صوتت ميشيغن ضدهم؟ لا يبدو الجواب سهلا، ذلك أن في التحليلات أيضا من يحمّلهم مسؤولية حمل دونالد ترامب إلى الرئاسة، ذلك أن الكثير من أصواتهم ذهبت إلى خيار ثالث بين المرشحيْن الأساسيين المتنافسيْن، وأن بعضا منهم صوّت لصالح ترامب الذي “سيخلص أميركا من المهاجرين”.
ومن ضمن الخطاب الذي يلوم تلك الجاليات رأي يقول إنه لو توحّدت أصواتها ولم تتشتت لما سقطت ميشيغن ولما فاز ترامب.
ويعكس هذا الرأي جانبا من وهن العرب والمسلمين في الولايات المتحدة وضعف تجمّعهم وفقدانهم لأي وزن ضاغط يحمي وجودهم قبل مصالحهم.
بيد أن وجهات نظر عربية ومسلمة تدعو إلى عدم الإفراط في القلق ويذكّرون بأن زلزال الـ11 من سبتمبر كان أقوى وأمضى وأقسى عليهم، وأنهم لاقوا ضغوطا مباشرة كانت تلاحقهم في الشوارع، ومع ذلك فقد تجاوزت الولايات المتحدة ذلك لما تختزنه من تقاليد قانونية وقيميّة تحمي تعايش الناس فيها.قد يبدو للوهلة الأولى أن الخوف من الإسلام والمسلمين هو ما أوصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.. الخوف الغربي الصادر عن مؤسسات الحكم كما عن مؤسسات الإعلام مصدره الإسلام بنسخته الإرهابية الرائجة بدءا بـ”القاعدة” ووصولا إلى “داعش”.
ولا شك أن ترامب غرف الكثير في هذا الميدان، كما أن عدم وحدة العرب والمسلمين وعدم استخدام علاقاتهم في الداخل الأميركي لصدّ موجة ترامب قد ساهما أيضا في تمدد ترامب نحو أصوات حصدها من داخل هذه الجاليات نفسها. ومع ذلك هل يمكن القول إن الإسلام أعطى مفتاح البيت الأبيض لترامب؟
صحيفة العرب