أعرب المجلس الثوري المصري عن قلقه من مواجهة الاحتجاجات المصرية المتوقعة في مظاهرات اليوم الجمعة (11 تشرين الثاني/ نوفمبر) بالعنف والقمع الشديد من نظام الانقلاب في مصر.
وأشار -في بيان له مساء الخميس- إلى أن سلطة الانقلاب أقدمت على مخاطرة اقتصادية كبيرة، واتخذت عددا من التدابير التي من شأنها التأثير سلبيا على الحياة اليومية لملايين المصريين، حيث قدر خبراء اقتصاديون أن يقع حوالي 40% من المصريين تحت خط الفقر نتيجة لهذه الإجراءات (تعويم الجنيه المصري ورفع الدعم).
وقال: "في الوقت الذي تواصلت فيه التظاهرات منذ أن استولى نظام الانقلاب على السلطة، وعلى مدى ثلاثة أعوام مضت وبلا انقطاع ضد المظالم السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان، وبناء على دعوات متعددة، فمن المتوقع في الأيام القليلة المقبلة، وبالأخص يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن تشتد الاحتجاجات والتظاهرات، التي ستشارك فيها شرائح واسعة من المجتمع المصري، لاسيما الفقراء والطبقات التي تضررت من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أكثرية الشعب الآن".
وتابع المجلس: "مع تزايد أعداد المتظاهرين، فمن المتوقع أن تلجأ السلطات الانقلابية في مصر إلى سياستها المعتادة -كما رأينا من قبل- حيث أعمال العنف الدامية على يد السلطات الأمنية، ما قد يؤدي إلى تعرض حياة العديد من المدنيين الأبرياء للخطر".
وأردف: "لذا، يخشى المجلس الثوري أن تعطي الفوضى التي قد تحدث في الأيام القادمة فرصة لنظام الانقلاب، ربما تحت ستار من محاولات زائفة لاقتحام السجون، بإيقاع الضرر بالقيادات السياسية المنتخبة المعتقلة في سجون العسكر، خاصة الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي".
وأشار المجلس الثوري إلى أنه يراقب عن كثب الأوضاع والتطورات في مصر، خاصة بعدما أفادت مصادر محلية بأن هناك حالة من الانتشار والتعبئة في صفوف العسكر وقوات الأمن في عدد من المحافظات المصرية؛ تنفيذا لتهديدات صرح بها عبد الفتاح السيسي ووزير الداخلية وآخرون من قوات الأمن التابعة له.
وحمل المجلس نظام السيسي وحكومته المسؤولية كاملة عن سلامة المتظاهرين السلميين والمدنيين الأبرياء، الذين سيشاركون في المظاهرات والفعاليات المعارضة والعصيان المدني في الأسابيع القليلة المقبلة.
واختتم بقوله: "نتطلع إلى أن توضح الديمقراطيات الغربية والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان للنظام في مصر بأنها تعتبر قيادات النظام مسؤولة عن سلامة المتظاهرين وعن سلامة المعتقلين السياسيين بموجب القانون الدولي".
وكشفت مصادر في هيئة الدفاع عن المعتقلين (رفضت الإفصاح عن اسمها) لـ"عربي21"، عن وصول رسائل تهديد واضحة، خلال الأيام الماضية، باغتيال قيادات من جماعة الإخوان، وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسي، إذا ما كانت مظاهرات "ثورة الغلابة" عارمة، وشهدت مشاركة واسعة للحد الذي قد تصل فيه إلى ما وصفوه بالفوضى، زاعمين أنهم حالوا الهروب من السجون، بحسب تهديدات قيادات أمنية.
ونفت وسائل إعلام مصرية -نقلا عن مصادر حكومية وأمنية- ما تردد عن فرض حظر التجوال، قائلين إن هذا الأمر لا أساس له من الصحة، وإن الأمور تسير بشكل طبيعي وتحت السيطرة الأمنية، حسب قولهم، مؤكدين أن القوات المسلحة جاهزة للتعامل الفوري مع "الطوارئ".
وأكدت المصادر أن قوات الجيش والشرطة منتشرة في الميادين الرئيسية بالكامل، بالإضافة إلى انتشار قوات من الجيش تسمى قوات حماية المواطنين تقوم بتمشيط الشوارع، كما تم فرض إجراءات أمنية مشددة في شمال سيناء، وفي المنطقة الحدودية مع ليبيا.
وأكدت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" أن لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه بطريقه سليمة وصحيحة دون مخالفة للقانون، وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، محذرة السلطات المصرية من استخدام العنف المفرط كوسيلة أساسية في التعامل مع المتظاهرين الذين استعدوا للتوجه غدا إلى الميادين الرئيسية.
وطالبت -في بيان لها الخميس- السلطات المصرية بالتزام أقصى درجات ضبط النفس، وفق المعايير الدولية المقررة للاحتكاك الأمني بين أفراد الأمن والمتظاهرين، معبرة عن تخوفها من تكرار أحداث العنف؛ نظرا للاستعدادات الأمنية الواسعة التي اتخذتها السلطات المصرية.
وأشارت إلى "إجرامية ووحشية النهج الأمني المُتبع مؤخرا، والمُتمثل في وقائع الاعتقال التعسفي والاختطاف القسري وتكميم الأفواه بحق المواطنين من كافة شرائح المجتمع، دون تفرقة بين ذكر وأنثى أو بين صغير وكبير، وذلك في هجمة أمنية استهدفت شرائح المجتمع بكافة أطيافه وألوانه".
وتابعت: "في سبيل القضاء على أي حراك متوقع، استحلت القوات الأمنية كافة الحُرمات والجرائم، وتجاوزت القانون بشكل صارخ"، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين الذين تم اعتقالهم تعسفيا بالمخالفة للقانون ودون سند قانوني.
وناشدت "مونتيور" السلطات المصرية والجهات المعنية بإسقاط كافة الأحكام غير القانونية والاتهامات التي وصفتها بالملفقة للمواطنين، مطالبة القضاء المصري بأن يربأ بنفسه عن ذلك الصراع السياسي الذي يقلل الثقة بين المؤسسات القضائية والمواطنين.
وأوصت المؤسسات الأمنية، ممثلة في قيادتها العليا والوسيطة في الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية، بالابتعاد عن السياسية الأمنية العنيفة، والتوقف عن انتهاك حقوق الإنسان، كما يتوجب عليها الحفاظ على موضوعيتها وحيادها، والبعد عن التحريض ونشر الكراهية ضد أي فصيل سياسي مهما خالف النظام الحاكم.
وطالبت بفتح تحقيق جدي لمُعاقبة المسؤولين عن المجازر، مشدّدة على ضرورة تطبيق نص المادة 28 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على أن "لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما".
يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين أعربت عن بالغ قلقها إزاء التحركات الأمنية لسلطات الانقلاب، التي وصفتها بالمجرمة، في مواجهة دعوات الاحتشاد والغضب الشعبي، يوم الجمعة، الموافق 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، والمعروفة إعلاميا بثورة الغلابة.
وحذرت الجماعة -في بيان لها الأربعاء- "سلطات الانقلاب من المساس بالأسرى المعتقلين في سجون الانقلاب العسكري"، محملة إياها "المسؤولية الكاملة تجاه سلامة المعتقلين، الذين تحتجزهم كرهائن منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، وحتى الآن".
وتعيش مصر على "كف عفريت"، في حالة من الغموض الممزوج باستنفار أمني وحكومي وترقب شعبي، تحسبا لاندلاع مظاهرات "ثورة الغلابة" التي تنطلق اليوم الجمعة.
ولجأت الحكومة المصرية إلى استخدام كل ما لديها من أوراق ضغط، وفي مقدمتها تشديد القبضة الأمنية، عبر قوات خاصة من وزارتي الدفاع والداخلية، وتوسيع دوائر الاشتباه والاعتقال، وتخصيص خطبة الجمعة من قبل وزارة الأوقاف للدعوة إلى الحفاظ على مصر.
ذلك فيما ساد الشارع المصري مشاعر واسعة من الحيرة بين المشاركة في المظاهرات "الغامضة"، أو إرجاء قرار الخروج للتظاهر إلى وقت آخر؛ لتفويت الفرصة على سيناريوهات توظيف "11/11" لصالح النظام، لا سيما بعد أن تبين أن هناك محاولة بالفعل من قبل السلطات وأذرعها المخابراتية للتلاعب بها.
عربي21- محمد خيري