لم تهدأ حركة الاتصالات واللقاءات لمعالجة ما بدا انه «فيتوات» متبادلة، طوال يوم أمس، لا سيما من العاملين على خط المعالجة، إن في وزارة الخارجية، حيث عقدت سلسلة لقاءات بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، أو في «بيت الوسط» حيث ينشط مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري في التواصل بين عين التينة والرابية، أو في عين التينة حيث فوض الرئيس نبيه برّي من قبل «حزب الله» بالتفاوض على الملف الحكومي.
ورصدت أمس، حركة بعيدة الأضواء لوزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل في غير اتجاه.
وإذ كانت أوساط «التيار الوطني الحر» تضرب موعداً الثلاثاء المقبل في 15 تشرين الثاني الحالي، لولادة الحكومة، وإذا تعذر ففي موعد يسبق عيد الاستقلال في 22 الحالي، فإن رهانات أخرى تتحدث عن نهاية الشهر، والا فقبل عيد الميلاد.
وهذا الضغط على المواعيد يتوقف على المعالجات الجارية «للفيتوات» المتبادلة، سواء على الحقائب او الاسماء، فضلاً عن مصير قانون انتخاب جديد الذي في ضوء اقراره أو عدمه، يتقرر مصير الانتخابات النيابية، أكانت ستجري في مواعيدها أو تخضع لخيار التمديد التقني من 20 حزيران 2017 إلى 20 أيلول من العام نفسه، أي مُـدّة ثلاثة أشهر، وفقاً لاقتراح سبق وطرحه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط مع الأطراف المعنية.
ومن «الفيتوات» المتبادلة:
1- «فيتو» «التيار الوطني الحر» على بقاء وزير المال علي حسن خليل على رأس وزارة المالية، فإذا ما نجحت عملية ابعاده، فإن الطريق تصبح مفتوحة امام شخصية يقترحها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لتولي هذه الحقيبة.
الا ان ردّ الرئيس برّي بأن المالية وخليل «سلة واحدة» وأن وضع «الفيتو» على الوزير خليل يعتبر مسألة شخصية عنده، معتبراً ان البعض في «التيار الوطني الحر» و«تحالف معراب» يريد لي ذراعه بدءاً من المالية، قطع الطريق على هذه المحاولة، «فالمالية للشيعة وعلي حسن خليل وحده المرشح لها»، وفقاً لما أبلغه رئيس المجلس لأحد الوسطاء.
2- «الفيتو» القواتي على توزير حزب الكتائب الذي يطالب بحقيبتين في الحكومة على نحو ما كانت حصته في الحكومة السلامية، وهو أمر اعترضت عليه «القوات» التي تعتبر ان توزير الكتائب و«المردة» وبعض الشخصيات المسيحية المستقلة من شأنه ان يقلص حصة «القوات» في الحكومة، والتي تعتبر نفسها بشراكة مع التيار العوني في تمثيل المسيحيين في الحكومة العتيدة.
وعلمت «اللواء» ان رئيس الكتائب النائب سامي الجميل طلب موعداً لزيارة قصر بعبدا، وهو كان أكّد لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية شيء والحكومة شيء آخر، فهو سمى الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، ويتعامل مع الرئيس ميشال عون كرئيس للجمهورية بصرف النظر عن انتخابه أو عدم انتخابه (راجع ص 3).
3- «الفيتو» الشيعي على تمثيل شيعي في حصة رئيس الجمهورية لثلاثة اسباب: عدم المعاملة بالمثل، والخشية من اضعاف حصة 8 آذار بعدما اقترح «التيار الوطني الحر» ان يكون الوزير السابق فيصل كرامي من حصة بعبدا، الأمر الذي يعني انه سيكون خارج 8 آذار في التصويت على أي قرار.
اما السبب الثالث انه لا اتفاق على اسم الشخصية الشيعية التي ستكون من حصة عون، «ولا يمكن القبول بمقايضة الوزير الشيعي بوزير مسيحي يسميه النائب سليمان فرنجية»، على حدّ ما أكده مصدر نيابي في 8 آذار لـ«اللواء».
4- «فيتو» يضعه «حزب الله» على إسناد الخارجية أو الدفاع لأي شخصية من «القوات» بالإضافة إلى وزارة الاتصالات.
وفي إطار معالجة هذا «الفيتو» تحدثت مصادر عن أن وزارة الخارجية ستكون من حصة رئيس التيار جبران باسيل، بعدما استبعد وزير التربية الحالي الياس بو صعب من الوزارة نهائياً، وارتأى التيار أن يكون مستشاراً للرئيس عون في قصر بعبدا.
وبالنسبة لوزارة الدفاع، وهي الحقيبة السيادية الثانية من حصة المسيحيين، فالمعلومات المتوافرة تُشير إلى أنه في حال لم تسند إلى النجل الثاني لنائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس السيّد فارس، وهو عن الأرثوذكس، فإنه تردّد أن مُنسّق «التيار الوطني الحر» بيار رفول مرشّح لهذا الموقع، شرط أن يتخلّى باسيل عن الخارجية، وتعطى في هذه الحالة لأرثوذكسي تختاره «القوات اللبنانية».
5- ومن «الفيتوات» المستجدة، عدم إعطاء النائب سليمان فرنجية حقيبة خدماتية، وفي حال استمر الإصرار على توزيره، أو من يمثله، فإن «القوات» تدفع لتوزير رئيس حركة «الاستقلال» ميشال معوّض وإسناد حقيبة خدماتية له، باعتباره من ضمن حصة 14 آذار التي تعبّر عنها مسيحياً «القوات اللبنانية» فيصبح لها حصة مسيحية وازنة من خمس وزارات على النحو الآتي: إبراهيم نجار (ماروني) وزيراً للعدل، وهو كان زار الرئيس برّي أمس، الزميل ملحم رياشي (كاثوليكي) وزيراً للإعلام، والوزير ميشال فرعون الذي يرجح أن يبقى في السياحة (كاثوليكي) بالإضافة إلى وزير أرثوذكسي تردّد أنه غسّان حاصباني، وتطالب «الوقات» بإسناد حقيبة الأشغال أو الشؤون الاجتماعية أو الصحة له، فضلاً عن معوّض.
الإتصالات
وكانت وزارة الخارجية شهدت سلسلة من الاتصالات واللقاءات لتدوير الزوايا، انطلاقاً من المعطيات التالية:
1- أن لا اتفاق مع القوات لا على حقيبة سيادية، ولا على المناصفة في اقتسام الحصة المسيحية، وإنما أن يكون للقوات حصة تفوق التمثيل النيابي لها.
2- لا ضرورة لأن تتمثل كل الكتل النيابية في الحكومة، فالسلطة التنفيذية ليست سلطة تشريعية مصغّرة.
3- أنه لا يجوز أن يكون هناك حصرية في بقاء وزارات مع هذه الكتلة أو تلك أو مع هذه الطائفة أو تلك أو لهذا المذهب أو ذاك.
ولهذه الغاية التقى باسيل السيّد نادر الحريري، ثم التقى رئيس وحدة الارتباط في «حزب الله» وفيق صفا، كل على انفراد، وبعده زار صفا «بيت الوسط» في إطار الجهود المبذولة لرفع «الفيتوات»، وفي ظل معلومات عن أن تحضيرات تجري لترتيب لقاء بين الرئيس الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، بعد تأليف الحكومة.
وكان السيّد نادر الحريري عرض مع الوزير خليل، على هامش جلسة الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة الجهود المبذولة لتأليف الحكومة.
وفي «بيت الوسط» يتحاشى الرئيس المكلّف الدخول في تفاصيل الاتصالات الجارية مع الحفاظ على منسوب التفاؤل والقدرة على معالجة العقد ورفع «الفيتوات» من دون تحديد مهل زمنية لإنجاز التأليف، مع الإشارة إلى أن الرئيس الحريري قال رداً على سؤال صحافي لدى وصوله إلى «البيال» لزيارة معرض الكتاب الفرانكوفوني، «أن الحكومة ستكون بإذن الله قريبة جداً إذا عملنا معاً بسرعة».
التشكيلة
اما بالنسبة للتشكيلة فهي، وأن كانت ما تزال رهن التفاهم على الحقائب لإسقاط الأسماء عليها، فإن المعلومات ترجح ان تكون على الشكل الآتي:
{{ السنة (6 وزراء) هم: الرئيس الحريري، نهاد المشنوق (الداخلية)، جمال الجراح (بيئة)، محمّد عبد اللطيف كبارة (للشؤون الاجتماعية)، سمير الجسر (للعدلية)، فيصل عمر كرامي (للتربية وهو من حصة الرئيس عون).
{{ الموارنة: (6 وزراء) عرف منهم: بيار رفول، جبران باسيل (الخارجية)، إبراهيم نجار، روني عريجي (ثقافة)، ميشال معوض، الدكتور غطاس خوري (للصحة).
{{ شيعة: (6 وزراء) هم: علي حسن خليل (المالية)، علي حسين عبد الله (أو غازي زعيتر) بالإضافة إلى شيعي ثالث من حصة الرئيس برّي.
وثلاثة وزراء لـ«حزب الله» تردّد انهم: حسين الحاج حسن، علي فياض وعبد الحليم فضل الله.
{{ دروز: (3 وزراء): مروان حمادة وايمن شقير (من حصة النائب جنبلاط)، ومروان خير الدين (من حصة النائب طلال ارسلان).
{{ ارثوذكس (4 وزراء) عرف منهم: ايلي الفرزلي، غسّان حاصباني.
{{ كاثوليك (ثلاثة وزراء): ميشال فرعون (للسياحة)، ملحم رياشي (للاعلام) ووزير ثالث يسميه حزب الكتائب.
{{ أرمن ارثوذكس: جان اوغاسبيان.
{{ اقليات: حبيب افرام.
غير ان مصادر وزارية مطلعة على أجواء اتصالات التأليف، تتوقع عدم ولادة الحكومة الجديدة قبل عيد الاستقلال وتعتبر ان عقدة التأليف هي عند الطرف الشيعي مشيرة الى ان الامور لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات والاتصالات لتتظهر صورة حكومة العهد الاول والمعقود عليها آمال كبيرة رغم عمرها المفترض ان يكون وجيزا.
وقالت مصادر أخرى، انه رغم ان الاتصالات متواصلة، فإن لا شيء نهائياً بعد، ونشير إلى ان الرئيس برّي ما يزال متفائلاً بإمكانية تشكيل الحكومة قريباً.
وأضافت انه عندما ترون الرئيس الحريري في عين التينة فهذا يعني ان موعد ولادة الحكومة قد اقترب.
وفي حين اشارت المصادر الى ان صيغة «8-8-14» ( 14 وزيرا للحريري وجنبلاط والكتائب والاقليات)، (8 وزراء للقوات والعونيين)، (8 وزراء لحزب الله وامل و«والقومي» وفرنجية) هي الاكثر تداولا، لفتت في المقابل الى عدم امكانية حسم هذه الصيغة قبل معرفة المحصلة النهائية للمشاورات بخصوص تبادل الحصص بين الافرقاء. (تفاصيل ص2)
عون يهنئ ترامب
في هذا الوقت، بقيت تداعيات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية تضغط على تحليلات واستنتاجات الكثير من المراقبين والسياسيين، ولا سيما لجهة تأثير هذا الانتخاب على العلاقة بين البلدين والأزمات التي تعصف بالمنطقة.
وبينما غادرت السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد بيروت أمس، متوجهة إلى واشنطن، حذا الرئيس عون أمس، حذو الرئيس الحريري في تهنئة الرئيس ترامب، فبعث إليه ببرقية أمل فيها ان يُشكّل انتخاب المرشح الجمهوري «فرصة جديدة للبنان وأميركا لتعزيز تعاونهما المشترك في سبيل إحقاق السلام في الشرق الأوسط ومواجهة الإرهاب والتوصل إلى وضع حدّ للحروب والعنف عبر الطرق السلمية.
ولاحظ الرئيس عون ان انتخاب ترامب «يشكل علاقة ناصعة في سجل الديمقراطية والاحتكام إلى رغبة الشعوب في اختيار حكامها».
ومن ناحية ثانية، أكّد الرئيس عون في كلمته امام وفد نقابة المحامين في بيروت زاره مهنئاً برئاسة النقيب انطونيو الهاشم، تصميمه على تحرير القضاء من التبعية السياسية، مشدداً على ضرورة وجود علاقة متينة بين مختلف المؤسسات، مشيراً إلى ان «كل من يدافع عن الحق لديه مظلة رئيس الجمهورية وأنا سأكون إلى جانبه، متعهداً السهر بصورة اكيدة على تنفيذ خطاب القسم»