مثّل فوز دونالد ترامب برئاسة للولايات المتحدة الأميركية، صاعقة بالنسبة إلى كثيرين. في لبنان تغلب الفكاهة في التعليق على ما جرى، على قاعدة أن لا شيء مستحيلاً، خصوصاً أنه قبل عشرة أيام انتخب ميشال عون رئيساً للجمهورية. وهناك من يعتبر أن خط عون هو الذي انتصر في أميركا. وقد يشكل الصعود اليميني، من أوروبا إلى أميركا، نوعاً من تقدّم الرؤية الإيرانية من ضمن نظرية حلف الأقليات، أو النظرة المتعصبة.
في المشهد، يمثل ترامب، بالنسبة إلى التيار الوطني الحر، الرئيس القوي. وها هو النائب آلان عون يعتبر أنه في أقل من أسبوعين وصل إلى الرئاسة مرشحان غير تقليديين تعارضهما الطبقة السياسية الكلاسيكية، وتأتي بهما الإرادة الشعبية".
بالنسبة إلى حزب الله فإن أميركا هي نفسها ولا يمكن لها أن تتغير بالنسبة إليه، خصوصاً أن أبرز أولوياتها هي إسرائيل، وكل الرؤساء سواسية، رغم بعض التمايز في أدائهم، إذ فيما أوقف أوباما التدخل العسكري في سوريا، ياتي ترامب ويقول إن من أولوياته محاربة داعش، ولكن لا يمكن التكهن بما سيحصل، ولاسيما أن المرشح يختلف عن الرئيس. في قراءة الحزب أن الخاسر الأكبر من فوز ترامب هو دول الخليج، وخصوصاً السعودية. فيما يشترط النائب نواف الموسوي لنجاح الرئيس الأميركي أن يهتم بالمشاكل الداخلية والإبتعاد عن السياسة الخارجية. ما ينعكس إيجاباً على الوضع في المنطقة.
لو لم تجر الانتخابات الرئاسية اللبنانية قبل الأميركية، لكانت تأخرت إلى ما بعد منتصف العام 2017، أي إلى حين تسلّم ترامب عمله ويصبح جاهزاً للقيام بمبادرات. وبالتالي، تضع المصادر ما حصل في لبنان، أي وصول عون إلى قصر الرئاسة في بعبدا، في سياق العملية الإستباقية من جانب حزب الله لفوز ترامب. لأن وصول ترامب يعني إمكانية فتح معركة مع إيران وحزب الله والقوى المسلّحة والمتطرفة من داعش والنصرة. وعليه، جرى الإلتقاء بين القوى المتخاصمة على ضرورة وقف الخسائر والإنتظار والذهاب نحو انتخاب الرئيس. وهذا ما حصل بإشارة روسية إلى إيران بوجوب السير في التسوية اللبنانية، إذ إن التعاطي مع شخص ترامب ليس مريحاً، خصوصاً أنه على خصومة تاريخية مع إيران وحلفائها في المنطقة. وهو ممن رفضوا التوقيع على الإتفاق النووي ورفع العقوبات. والأهم بالنسبة إلى المصادر هو أن خيار الناخب الأميركي لم يكن ضد هيلاري كلينتون أو مع عنصرية ترامب، بل في ما يعتبر تصويتاً ضد من أضعف أميركا بوجه خصومها الدوليين أي الديمقراطيين في عهد باراك أوباما.