بين السرعة والتسرّع يسير الرئيس سعد الحريري لإنجاز تشكيلته الحكومية. حسم أمره بأن تتألف حكومته من ثلاثين وزيراً لاستيعاب تمثيل كل القوى. خلال ساعات سيكون لدى الحريري مسودة عن حكومته. وللغاية سيقوم بزيارة عين التينة لاطلاع الرئيس نبيه برّي عليها. وسيعقد اجتماعاً مع الرئيس ميشال عون لوضعه في آخر التطورات لديه وإطلاعه على التصور الذي تكون لديه. منذ السبت الفائت لا تزال اللقاءات والإتصالات مستمرة بين مختلف القوى والرئيس المكلف للبحث بحصّة كل طرف.
ورغم الإيجابية السائدة، هناك تخوف لدى الحريري من إمكانية العرقلة في مكان ما بسبب كثرة المطالب والطروحات، والتي تمثّل آخرها بما حكي عن إمكانية طرح النائب أسعد حردان، والذي سيكون ممثل الحزب السوري القومي الاجتماعي كنائب لرئيس الحكومة. الأمر الذي يرفضه الحريري ويعتبره "لغم" يوضع في طريقه لدفعه إلى تقديم مزيد من التنازلات أو عدم الاستجابة لمطالب حلفائه. لكن الحريري يبدو واثقاً من إمكانية تخطّي أي مطبّ لأن المسار التسووي عصي على العرقلة من قبل أي طرف.
عليه، تشير مصادر متابعة مجريات التأليف لـ"المدن" إلى أن التركيبة الحكومية أصبحت شبه جاهزة، وما تبقى هو معالجة بعض التفاصيل "التحاصصية" للكتل. وتلفت المصادر إلى أن الوزراء المسيحيين، وهم ستة موارنة، سيتوزعون بصيغة كل وزير لكل جهة، واحد لرئيس الجمهورية، وآخر للتيار الوطني الحر، بالإضافة إلى ثالث سيسميه الحريري وهو مستشاره غطاس خوري، وآخر للقوات، والوزيران المتبقيان واحد للكتائب وآخر لتيار المردة. وأربعة أرثوذكس، إثنان منهم للرئيس أحدهما الياس بو صعب، واحد للحزب القومي وآخر للقوات. وإثنان كاثوليك، مقعد منهما محسوم للوزير ميشال فرعون، والآخر للقوات اللبنانية. إثنان أرمن، واحد للطاشناق، وآخر للحريري من المرجح أن يكون النائب جان أوغاسبيان، ووزر للأقليات سيكون من حصة عون.
أما على ضفة الوزراء المسلمين، فقد أصبح محسوماً ان لحركة أمل ثلاثة وزراء، وليس محسوماً بعد إذا ما كان الوزير علي حسن خليل سيبقى على رأس وزارة المال أم أن الرئيس نبيه بري سيستبدله. لكن المصادر تعتبر أن بري متمسك بخليل في موقعه لأنه مطّلع على تفاصيل وزارته، فيما هناك من يشير إلى اعتراض عون على خليل، وترجح أن يسمي بري شخصاً آخر لهذا المنصب، قد يكون النائب ياسين جابر أو نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين. وتكشف المصادر عن إصرار بري على الاحتفاظ بوزارة الأشغال بالإضافة إلى وزارة خدماتية ثالثة. وسيكون لحزب الله ثلاثة وزراء، لكنه قد يتنازل عن مقعد لمصلحة أحد حلفائه وقد يكون محسوباً على سنّة الثامن من آذار، باعتبار أن الحريري سيسمّي خمسة وزراء سنّة فقط، هم بحسب ما تشير التقديرات حتى الآن، نهاد المشنوق الذي سيبقى في الداخلية، جمال الجراح، مصطفى علوش ومعين المرعبي، كما أن هناك من يشير إلى إمكانية توزير رئيس غرفة التجارة والصناعة محمد شقير. وبذلك يصبح بالإمكان لرئيس الجمهورية أن يسمّي وزيراً شيعياً من حصته.
أما بالنسبة إلى الدروز، فقد أصبح مؤكداً أن النائب وليد جنبلاط سيتمثّل بوزيرين هما مروان حمادة وأيمن شقير، بالإضافة إلى وزير يمثّل رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان. أما عن الحقائب، فلا تزال موضوع تجاذب بين الجميع. ثمة من يعتبر أن الحريري يصرّ على منح الصحة لفرنجية، فيما هناك معلومات تفيد بأن بري يطالب بها. ما دفع بجنبلاط إلى التخلّي عن توزير وائل أبو فاعور في هذه الحكومة، إلا إذا حصل متغيّر في الربع الساعة الأخير.
وتبدي مصادر القوات اللبنانية تفاؤلها في شأن إمكانية الحصول على وزارة سيادية بشكل أو بآخر، هو إمكانية التوافق مع رئيس الجمهورية على تسمية وزير مقرّب من الطرفين وغير حزبي لوزارة الخارجية، فيما هناك من يعتبر أن الوزير جبران باسيل هو الأوفر حظّاً للبقاء على رأس الديبلوماسية. وإذا ما حصل ذلك، فهذا يعني حكماً استبعاد توزير شامل روكز على رأس وزارة الدفاع، خصوصاً أن هناك إتجاهاً في التيار الوطني الحرّ إلى عدم الجمع بين الوزارة والنيابية، ولا سيما أن روكز يريد الترشّح في الانتخابات النيابية في كسروان.
رغم كثرة التداولات، إلا أن العديد من السياسيين المطّلعين على الكواليس، يعتبرون أن كل ما يحكى لا يمكن الجزم به نهائياً، لأن المسألة قابلة للتغيّر بين لحظة وأخرى. والأمر سيبقى معلّقاً إلى ما بعد لقاء الحريري ببري وعون.