حدد خبراء عرب خمسة أسباب دفعت الأميركيين لاختيار المرشح الجمهوري دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، معتبرين اختيار ترامب كان بمثابة مفاجأة غير متوقعة بالنسبة لهم، ولكنها عادة الولايات المتحدة التي وصفها أحدهم بأنها "أرض الاحتمالات غير المحتملة".
وتتلخص الأسباب، بحسب الخبراء في قيام حملة ترامب بإثارة مخاوف الأميركيين من استمرار إدارة الديمقراطيين على الصعيدين الداخلي والخارجي، واستخدام المال السياسي لتعزيز هذه المخاوف من خلال التركيز على كل ما يتعلق بفترة إدارة هيلاري كلينتون أثناء توليها وزارة الخارجية الأميركية، وتقديم وعود انتخابية ذات صلة بالمزاج الاميركي خلال السنوات الأخيرة ذات صلة بالإسلاموفوبيا والحد من المهاجرين.
أما السبب الرابع، بحسب الخبراء، ذات بُعد خارجي وهو مساندة اللوبي الصهيوني بشكل مباشر لترامب، واللوبي الروسي بشكل غير مباشر، بسبب وعود ترامب للطرفين، فضلًا عن قناعتهم بأن الرئيس الجمهوري هو الأنسب لمصالحهم خلال الفترة المقبلة.
السبب الخامس، اختلف فيه الخبراء العرب، حيث ذهب اثنين منهم إلى أنه يتعلق بخطاب ترامب للنساء، الذي كان من المفترض أن يجعلهم ينفرون منه، لكن الواقع جعلهم يؤيدونه لما وجوده فيه من جرأة تخاطبهم.
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن جواد الحمد، قال إن الناخب الأميركي اتجه لتجربة الجمهوريين، بدلًا من تجربة الديمقراطيين، فيما يشبه عملية تغيير، وهو ما يرجع لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها حجم التضليل الإعلامي اتجاه قضايا الشرق الأوسط والعالم فيما يتعلق بإدارة كلينتون، والذي وصفه الحمد بأنه كان "كبيرًا في الداخل الأميركي".
وتابع الخبير السياسي الأردني "هناك شعور أميركي عام بأن أوباما والإدارة الديمقراطية لنن تتمكن من انقاذ الاقتصاد الأميركي بل هناك سياسة خارجية قوية تتعامل مع قضايا العالم المختلفة ولن تحد من الهجرة، وهو ما نجح ترامب في العزف على أوتاره".
الحمد رأى أن "التحول في المزاج الاميركي العام ضد عدد من القضايا مثل المهاجرين والإسلاموفوبيا ظهر جليًا في اختيار ترامب"، لافتًا إلى أن" المال السياسي أعطى ترامب منصة قوية، لتصوير الأحداث في المنطقة العربية بطريقة متطرفة ومتوحشة، تخيف الناخب الاميركي وتجعله يشعر أن ترامب هو المنقذ".
ومتحدثًا عن سبب خارجي، قال الحمد: "لا يمكن تجاهل أن اللوبي الصهيوني بكل إعلامه ونفوذه الاقتصادي كان يقف وراء ترامب بعدما اتخذ تعهدات صارمة من ترامب مختلفة كلية عن الديمقراطيين، ومنها على سبيل المثال نقل السفارة الامريكية إلى القدس".
وتوقع الحمد ألا ينفذ ترامب كثير من وعوده بما فيها ما أعطاه للإسرائيليين من وعود، لكنه في النهاية نجح في أن يحصل على دعمهم خلال الانتخابات.
سبب أخر وأخير، توقعه الخبير السياسي، وهو تأثير النساء في اتجاه انتخاب ترامب في غالبية الولايات، رغم أسلوبه المنخفض عن القيم الأميركية الاجتماعية العامة، قائلًا: "عندما نشر عنه كلام ضد المرآة كنا نتوقع عزف النساء عن انتخابه لكن فوجئنا أن أسلوبه راق لجيل من النساء، واعتبروه بمثابة جرآه مطلوبة، وعليه انتخبوه، وهو ما سنكتشفه في التحليلات المستقبلية".
صالح بن بكر الطيار، رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي، اعتبر ان سببين هما المحرك الرئيسي للناخبين الأميركيين في اختيار ترامب، أولهما كارت الشرق الأوسط الذي استخدمه الرئيس الجمهوري في مغازلتهم، وتخوفيهم من منافسته كلينتون، والثاني يتعلق باستخدام المال السياسي بمساندة اللوبي الصهيوني في حملته الانتخابية، خاصة في إثارة الفزاعة من قضايا الإسلاموفوبيا والحد من المهاجرين.
وقال الخبير السياسي: ما حدث نصفه بأنه مفاجأة عظيمة، لأنه كنا نتوقع أن تكون فضيحة التهرب من الضرائب هي القاسمة لأن عقوبتها من أقصى العقوبات في قانون الجنايات الاميركي، إلى جانب تصريحاته البذيئة ضد النساء وهو الأمر الذي كان من المفترض أن يصب في صالح كلينتون، لكن ما حدث هو العكس، ليثبت إن اللعب على أوتار المخاوف أتى ثماره.
وعاقدًا مقارنة بين أحد فضائح كل من ترامب وكلينتون، قال رئيس مركز الدراسات العربي والأوروبي: "عندما وجهت له تهمة التهرب من الضرائب سرعان ما دافع عن نفسه ولم ينال منه أي عقاب، على العكس كان الأمر معقدًا لكلينتون الذي ظل الحديث عن أزمة استخدامها مستخدم خاص أثناء توليها وزارة الخارجية لأسابيع وأيام، قبل أن يعلن مكتب التحقيقات بأنه لن يحقق معها، لكن يبدو أن الناخبين كانوا قد اتخذوا قرارهم حينها".
متفقًا مع الخبيرين، قال الخبير السياسي السعودي، المختص بالعلاقات الاميركية السعودية، أحمد آل إبراهيم، إن فوز ترامب يرجع إلى أن الاميركيين ضاقوا ذراعاً بحكم الديمقراطيين خلال الـ 8 سنوات الماضية، وشعروا بأنهم خسروا من قوتهم العالميين في مقابل الدب الروسي، وهو ما نجح ترامب في استخدامه كورقة رابعة في منافسة كلينتون.
واعتبر الخبير السعودي أن "خطاب ترامب استطاع دغدغة مشاعر الاميركيين، وإشعارهم بأنهم سيبدؤون عهدًا جديدًا معه، يعيد لهم الهيبة الأميركية التي تراجعت أمام الدب الروسي في فترة ولاية الرئيس الاميركي باراك أوباما".
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والمحل السياسي عايد المناع إن "ترامب لعب على ثلاثة عوامل، خلال هذه الانتخابات، ما مكنه من الفوز وكسب ثقة الناخبين، الأول مخاطبة المواطنين في مسألة الجانب المعيشي، من خلال إظهاره لنوع من الحزم في مواجهة قضايا الهجرة والمهاجرين وتصوريهم انهم ينافسون الاميركيين على فرص العمل".
وتابع الخبير السياسي الكويتي: "لذا من غير المستغرب أن تتجه الطبقة العاملة والعاطلين لانتخاب ترامب رئيسًا وليس كلينتون".
أما العامل الثاني، هو تركيز ترامب على ملف الأمن، فنجده تارة يتحدث عن أهمية ترخيص السلاح واستمراره، وعزمه بناء سور بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو هنا يخاطب المتضررين من السلوك الذي يعم بعض المكسيكيين وظاهرة العنف والاغتصاب الموجودة في المجتمعات المتخلفة.
وأوضح المحلل السياسي الكويتي العامل الثالث، متفقًا فيه مع بقية الخبراء، بأن ترامب أشعر الناخبين بأنه "سيعيد هيبة الولايات المتحدة بعد فترة من التراخي"، من خلال تحديد العدو، مستغلًا مخاوف الاميركيين من العرب والإسلام.
(الاناضول)