"يا رب خود روحي، هودي ما الهن دين، روح شهيد عالطريق قدامن هني.. داعش ما عملو هيك، اسرائيل ما عملت هيك، وبالآخر طلعوا حزب الله!!"
".. من وين تعلمتو هالاجرام؟ ويني الدولة؟ وين القضاء بلبنان؟ وين الوزراء والنواب الشرفاء؟ كلن صارو بخافو من الحزب؟ كلكم صرتو بتخافو، الحزب في أوادم وفي زعران، زعران!".. نطق بهذه الكلمات وهو طريح الفراش آملاً ان يصل صوته من منبر "ليبانون ديبايت" الى امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبل ايٍّ كان، عله يُحاسب المرتكبين ان ثَبُت انتمائهم الى الحزب.
يروي "م.ي" لـ "ليبانون ديبايت" انه تعرض للخطف ولابشع وأقسى طرق التعذيب لمدة شهرين ونيف على يد مجموعة ادعت انها من "حزب الله" وذلك لمجرد الاشتباه بكونه احد عملاء "الموساد".
بالانتقال الى وقائع الحادثة والمعلومات التي جاءت على لسان شقيق الضحية والتي نسردها تباعاً وكما هي من دون زيادة أو نقصان او حتى تبني ما جاء فيها وفي تفنيد مفصّل لها:
يروي شقيق الضحية ان "م.ي" كان متجهاً الى منطقة رأس العين في بعلبك منذ ما يقارب الشهرين ونيف للقاء شخص لا تزال هويتهُ مجهولة بالنسبة لذويه وللاجهزة الامنية، الا ان مجموعة مسلحة مؤلفة من 8 اشخاص اعترضت طريقه شاهرةً اسلحتها في وجهه وانهالت عليه بالضرب المبرح، لتعمد لاحقاً الى رميه داخل سيارة رباعية الدفع بعد ان تم تكبيل يديه بـ"كلبشات" ورجليه بحبل واغلاق فمه بشريط لاصق ووضع الكيس الاسود على رأسه.
يتابع انه تم نقل شقيقه بحسب المعلومات التي حصل عليها لاحقاً من بعلبك الى الضاحية الجنوبية في بيروت مروراً بحواجز امنية عدة دون ان يلاحظ احد ذلك كون السيارة لم تخضع للتفتيش او حتى يتم ايقافها، في حين ان السيارة التي كانت يقودها وهي من نوع مرسيدس وتعود ملكيتها لشقيقه "أ.ي" عثرت عليها شعبة المعلومات في جرود بعلبك بعد مرور حوالي الـ14 يوماً على عملية خطفه.
وبعد فترة قصيرة لا تزيد عن ثلاثة ايام فقط على حد قول عائلة الضحية، تدخل احد الاشخاص بصفته وسيطاً بين الجهة الخاطفة وذوي المخطوف، ليكشف عن مصير الأخير مدعياً بانه موقوف لدى جهاز الامن التابع لحزب الله وبان المعنيين طلبوا منه ابلاغهم بذلك دون الافصاح عن اي تفاصيل تذكر او حتى معرفة الاسباب التي استدعت توقيفه.
عندها بدأت الاتصالات والاجراءات على قدم وساق بين الوسيط والعائلة لمعرفة مصير ابنهم، في حين لعبت الاخبار والمعلومات المغلوطة دوراً في الهائهم وتشتيت افكارهم وشل قدرتهم على التحرك، فتارةً كان يصل الى مسامعهم ان ابنهم قُتل وطوراً يتم تأديبه للاشتباه بتورطه مع "العدو الصهيوني"، هذه الاخبار دفعت بالعائلة الى التهديد باللجوء الى الاعلام لايصال صوتهم علّ وعسى الاجهزة الامنية تتحرك كما يجب. ولكن فور وصول الخبر الى مسامع الجهة الاخرى، تدخل مجدداً الوسيط طالباً منهم التكتم عن القضية ليعود ابنهم حياً يرزقاً، واعداً اياهم باطلاق سراحه في فترة وجيزة مررداً بين الكلمة والاخرى " اللي نطر شهرين ما بينطر اسبوع؟".
وبحسب اقوال عائلة الضحية، يتبين ان الفترة الوجيزة تلك استغرقت 76 يوماً، بحيث تم اطلاق سراحه يوم السبت الفائت بعد ان عمد الوسيط الى زيارة منزل العائلة طالباً من الوالد مرافقته الى بيروت، فرافقه بعد ان تم عصب عينيه لعدم رؤية المكان او معرفة الطريق المؤدية اليه، وما ان وصلوا الى المكان المرجو حتى تم ازالة الشريط ليصدم بعد رؤيته لنجله وهو بحالة أكثر من يُرثى لها وبجانبه يقف الآمر الناهي.
امور غامضة وملتبسة قد أحاطت بالأحداث منذ اللحظة الأولى، فالوالد يسأل " شو عليه ابني؟ شو عامل؟ كيف عاملين في هيك نحنا شو عامليلكن؟" والآخر يجيب :"حج" ما تآخذنا، بمجال عملنا كحزب نحنا اوقات كتير منشتبه بناس ونحنا اشتبهنا بابنك، بس ما تواخذونا، منعتذر منكم، بس انتو بتعرفوا انو شغلنا بيطّلب هيك مسائل، نحنا بدنا ندفعلوا مصاري ونعوض عليه حتى ينسى لصار". وهكذا، أطلق سراح ما تبقى من "م.ي" ليُنقل على اثرها الى المستشفى حيث ادخل الى العناية الفائقة نتيجة وضعه الصحي المتدهور جداً.
ما كشفه شقيق الضحية اكثر من ذلك بكثير، فوفقاً لاقواله يتضح ان "ي.م" تم وضعه في زنزانة عبارة عن متر ونصف أو أقل ( يقضي حاجته بداخلها وينام جلوساً)، رقمه 10 من اصل 25 سجيناً، تم ربطه بجنزير بيديه ورجليه، حرقه وتشطيبه في كافة انحاء جسده طوال الـ76 يوماً اي المدة التي كان مخطوفاً فيها، ضُغط عليه بشتى وسائل التعذيب والترهيب حتى يعترف بشيء لا علاقة له به.
بالعودة الى الاسباب التي اقتيد من اجلها ولتبريراته لها، تبين انها كالتالي وفقاً لما سرده شقيق الضحية ايضاً:
الاشبتاه بتعامله مع اسرائيل - لم يثبت ذلك اطلاقاً والا لما كان اطلق سراحه حياً او ميتاً.
زيارتان قام بهما الاولى لقصر قريطم - تبين انها بهدف العمل فيما الثانية للسفارة الاميركية - طالباً الهجرة.
سفره لبلدان متعددة منها مصر، الاردن، ارمينيا وغيرها فضلاً عن بعض التحويلات المالية التي كانت تصله من الخارج والتي اثارت الشبهات حوله - مقابل عمله كمعالج نفسي وروحاني وبيعه للبخور والعطور وما شابه.
وبعد سرد تفاصيل الرواية بأكملها رفضت عائلة الضحية توجيه الاتهام بحق حزب الله مطالباً محاسبة اشخاص أساءوا استخدام سلطة غير شرعية في الاساس بحق شخص عومل كالحيوان على حد قولهم فقط لمجرد الاشتباه به.
وتضيف العائلة:"ان كانوا تابعين للحزب او غيروا، هودي عذبوا انسان بريء بعد 76 يوم قالوا له عفواً اشتبهنا فيك، هيدي وين بتنصرف، مين بدو يحاسبن؟"، سائلاً:" نحنا بدولة قانون او دولة مزارع؟ خلينا يا نحترم حالنا يا نفل من هون".
وتكشف في سياق حديثها عن الترهيب الذي تعرضوا له داخل المستشفى من قبل البعض، وتقول:" تعرضنا للترهيب وتقلعنا في ناس حاولوا يتعدوا على بيي ويضربوا، حتى الدرك والطبيب الشرعي مضغوط عليهم، أما وسائل الاعلام لقصدتها، عفواً نحنا خيفانين، في الحزب بالدق!"، وتتابع قائلةً: "بدي وصّل هيدا الصوت لصار مع خيي ممكن يصير مع اي منا اذا ما تكتلنا ضد هالناس الفاسدين والمجرمين حتى يتعاقبوا واذا بيوم من الايام انخطفت على هيدا الموضوع بتمنى يوصل صوتي لان هالمخاض عسير عليي وعليكن".
اذاً، وبعد سرد رواية منقولة حرفياً عن راويها بتفاصيلها، تواصل "ليبانون ديبايت" مع مصادر مقربة من "حزب الله" في البقاع التي نفت بدورها نفياً قاطعاً أن يكون الحزب متورطاً بهذه العملية أو أي عمل مشابه"، سائلاً "حزب الله يرفض هذه الأساليب ويحاربها فكيف يُتهم بالقيام بإعتمادها؟".
وربط المصدر ما قيل أنه حدث مع المواطن، بخلافات ذات طابع عشائري تتسم فيها منطقة البقاع ويمكن أن يكون أحد قد إنتحل صفة حزبية من أجل تبرير وتغطية عمله بمعزل عن حزب الله الذي لا يمارس هذا النوع من التصرفات خاصة وأن التجربة أثبتت أن المقاومة لم تعتدِ على عميل كان يلبس بزة اسرائيل العسكرية في جنوب لبنان فكيف يمكن ان يمارس هذا العمل بحق مواطن اشتبه به فقط.
وعليه، ولأننا لسنا في صدد الحكم أو حتى تبني أقواله، نترك للرأي العام والأجهزة الأمنية حرية تصديق الكلام من عدمه، والتحرك بعدها.
ليبانون ديبايت