يزدحم تارخنا العربي و الإسلامي بمصاديق متعددة للإستئصال و الإقصاء و الكراهية ..ومن الخطأ بمكان أن نقدم تاريخنا العربي و الإسلامي كما لو أنه نص مقدس , فإضفاء القداسة على التاريخ تحول أن نتعلم من أخطائه و دون أن نقوّم الإعوجاج في الراهن و المستقبل ... فالدكتور راشد المبارك في كتابه فلسفة الكراهية يقول إن أكبر العوامل التي حصدت بسببه نفوس وأريقت دماء وأزهقت أرواح هو عامل الكراهية على مدى التاريخ وإن فرسان الكراهية لم يجدوا وقوداً أفعل ولا سلاحاً أقتل من النار التي تشعلها الكراهية وتتغذى بها لقد كانت الكراهية هي النار والوقود والسلاح والذخيرة التي فتك بها أو بسببها أعداء البشر بضحاياهم وأبادوهم ، أما الدكتور عبد الحميد الأنصاري في كتابه ثقافة الكراهية فيذهب إلى القول بأن الإرهاب سببه تجذُّر ثقافة الكراهية في المجتمعات العربية وذلك بسبب الإسلام التكفيري المتشدّد، الذي رسّخ مفاهيم وقيماً موروثة عن السلف تدعو إلى الكراهية و إنبلاج الإسلام السياسي الذي شتت الأمة الإسلامية ....لقد تجذرت ثقافة الكراهية في بيئتنا الإسلامية فبتنا نكره الآخر المسلم أو المسيحي على أساس جهوي و مناطقي و عشائري و مذهبي و ديني ...و تحولت تلك الكراهية إلى دين حقيقي و حكم شرعي يلتزم به كثيرون ...و قد حول هؤلاء الكارهون الدين الإسلامي إلى ملكية خاصة بهم ..فهم المؤمنون و غيرهم الكفار الفجار الأنجاس ...و تنص القاعدة الحضارية أن الشعوب كلما تحضرت و تعقلنت أصبحت اكثر قابلية للتعايش مع بعضها البعض و مع الآخر , ووجود ثقافة الكراهية في دائرتنا العربية و الإسلامية معناه أننا عصاة على التقدم و الإزدهار و التحضر ...و ثقافة الكراهية التي دمرتنا في التاريخ بات لها فقهاء و شيوخ و علماء يروجونها بين الأجيال إلى درجة أنهم غسلوا أدمغة الشباب العربي و المسلم و أقنعوهم بأنه بينهم و بين الجنة تفجير في مسجد أو كنيسة أو حسينية أو دار عبادة ....ولماذا ما زالت بعض المنابر تصدح بالكراهية , فالشافعية كفار و المالكية زنادقة و الصوفية خارجون عن الملة , و الأشاعرة مجوس , و زاد إمام مسجد معروفه بقوله : اللهم مكنا من الشيعة حتى نخوض في دمائهم إلى الركب ...آن الآوان أن نلغي بالكامل من موروثاتنا و راهننا ثقافة الكراهية و الإقصاء و الإستئصال , هذه الثقافة الإستئصالية التي جعلت عالما مشهورا و داعية معروفا يقول بأنه يقدر السياسي المسيحي فارس الخوري ونزاهة القاضي الدرزي عارف النكدي، لكنه لا يصافحهما. يفضل أن يصافح إندونيسياً مسلماً ولو كان على بعد آلاف الأميال .... !!

 


الدكتور يحيى أبو زكريا