في حلقة مؤثّرة جداً أعدّها الإعلامي والابن الروحي، جو معلوف لعلّه بعدها يستطيع وداع الموسيقار ملحم بركات على حد تعبيره، أبو مجد الشخص الوحيد الذي زرع في قلبه البسمة والأمل بعد وفاة والده كما وصفه جو، حلقة خاصة بعنوان #هوا_أبو_مجد أعدّها جو معلوف ليستعرض من خلالها أهم لحظات ومحطات أبو مجد، وليعرّف الناس من خلالها إلى ما لا يعرفونه عن ملحم بركات، فماذا تناولت الحلقة.
افتتح بمقولة أبو مجد
"غيرك سيعرف قيمتك عندما ترحل... مش هلأ"، افتتح جو معلوف بالتعريف عن ملحم بركات، أبو مجد الجبّار، الكتوم، الكبير الذي لم يستسلم للحياة ولم تكسره الحياة، نام 15 يوماً في السيارة في الشام، تراكمت عليه الديون الى أن باع أغنية من أغانيه بـ750 ألف دولار ليوفي بثمنها ديونه المتراكمة، أبو مجد الذي يكمل من حسابه الخاص خسارة متعهّد حفلته إن لم تبع بطاقاتها، أبو مجد الذي وقف بوجه كل فنان غنّى بغير اللهجة اللبنانية ولم تكسره الحياة، وقف بوجه معركة المرض بشموخ رافضاً أن يكسره ولكن المرض غدره وكسره.
مرحلة المستشفى
شهران قضاها ملحم بركات في المستشفى يصارع المرض من دون أن يعلم حقيقته، شهران وكل من حوله ينكر ويكذب ليخفي حقيقة مرضه لأن ملحم كان يتابع وسائل الإعلام والأخبار ليعرف ماذا يُقال عن مرضه إلا أن الجميع سعوا جاهدين لإخفاء الحقيقة عنه، شهران وزوجته رندى لم تفارقه ثانية بل جلست بقربه 24/24 مبتسمة، ضاحكة تمدّه بالأمل والطمأنينة.
لم يكن ملحم بركات يعلم أنه دخل المستشفى ولن يخرج منها، فلم تفارق البسمة وجهه ولم تفارق النكتة روحه، ولم يفارق الفن دمه فقد كتب طوني أبي كرم كلمات أغنية له في المستشفى حيث لحّنها ملحم وهو راقدٌ في سرير المرض، وفي أحد الأيام دخلت عليه الممرضة وهي راهبة من راهبات مستشفى أوتيل ديو فوجدته يدخن سيجارةً فقالت له: "سوف أشكوك للمسؤولين"، فأجابها "كلا لن تشكيني لأنكم تسامحون" فخرجت من الغرفة ونظرت الى صديقه نزار فرنسيس وقالت له "غلبني ملحم"، أبو مجد الذي أُدخل العناية الفائقة عندما تدهورت حالته الصحية قبل يوم من وفاته فبات عصبياً جداً لأنه ليس من النوع الذي يُحبس في غرفة ويُقيّد بسرير، فأحضر له محاميه وصديقه آلة تسجيل وضع عليها معظم أغانيه، فكان أبو مجد يومئ برأسه ويحرّك يده مدندناً على أنغام موسيقاه علماً بأنه لم يعد يستطيع الكلام.
ضيوف الحلقة
استقبل جو معلوف خلال الحلقة أصدقاء درب أبو مجد، أولهم الموسيقي في فرقته فادي حطّاب الذي لقّبه بمجنون الفن، هو الذي رافقه طيلة 25 سنة، صرّح لجو قائلاً: "25 سنة من عمري معه، ملحم شخص لن يتكرّر وأنا لن أستطيع أن أعزف مع غيره، أنا اليوم أعدّ الأيام أنتظر الى أن ألتقي به مجدداً".
نزار فرنسيس، رفيق الدرب الطويل لم يفارقه طيلة شهرين، في آخر أيامه قال له ملحم: "انا لن أخرج من هنا، ما تتركوا بعضكم... انتبهوا على بعضكم".
فارس كرم "الوفي... الذي لم يركض على الكاميرات يوم الدفن كمعظم الفنانين" هكذا استقبل جو معلوف الفنان فارس كرم، الذي لم يرد المجيء لصعوبة اللحظة، حيث لم تجف دمعته طيلة الوقت، طلب منه جو "أخبر الناس كيف أصبحت صديق ملحم بركات ولا سيّما أننا نعلم أنه لم يكن يحبّك" فروى فارس حكاية يوم كان ملحم مع أصدقائه على البحر وعندما أخبروه أن فارس كرم سوف ينضم إليهم أخذ أغراضه وأراد أن يرحل، ولكنهم أقنعوه بالبقاء وجاء فارس وقضوا نهاراً عادياً وجميلاً الى أن حان وقت المغادرة فأخذ ملحم أغراضه وذهب ليستحم لكنه نسي "مشايته" فنفضها فارس من الرمل وأتاه بها وعندما رآه ملحم قال له "جبتللي مشايتي؟" وعانقه وبكى ومنذ ذلك الوقت وهما أعز الأصدقاء، كما اعترف فارس خلال الحلقة بأن أغنية "بلا حب بلا بطيخ" كانت لملحم بركات ولكن عندما سمعها فارس في الاستديو قال له "أنا أريدها"، وعندما طالتها الانتقادات قال أبو مجد لفارس "انبسط نجحت الغنية"، إلا أن فارس أعرب عن ندمه لأنه لم يغنِّ أكثر من ألحان وأغنيات الموسيقار معلناً أن الأيام آتية ومفاجآت كثيرة سوف تظهر للعلن وأضاف فارس كرم "أنا لا أشعر بأن أبو مجد قد مات بل أنا أفكّر به على أنه مسافر".
محاميه مجيد مسعد، الذي قال إن أبو مجد في آخر أيّامه اشتكى له قائلاً "المرض سيطر عليّ"، وطلب منه قبل وفاته بيوم مناداة شريكه، أي نزار فرنسيس، وقال لهما "أنا لن أخرج من هنا... انتبهوا على بعض انت ونزار وتذكروني"... وأوصى بعائلته وعد، مجد، غنوة، زوجته رندى وملحم جونيور، مشدداً على أن يحرصوا على أن يحب أولاده بعضهم بعضاً وأن ينتبهوا إلى ملحم جونيور.
أحب الأماكن على قلب ملحم
من أحب الأماكن على قلب ملحم منطقة رأس بعلبك، حيث اشترى له بيتاً هناك وكان يذهب مع أصدقائه وكان يملك كنبة يرتاح عليها ولا يدع أحداً يجلس عليها سواه، كما اشترى أرضاً هناك أيضاً وزرعها بيده.
كفرشيما الحزينة
لم تحتفل كفرشيما بانتخاب رئيس جمهورية لبنان ولم تُطلق طلقة واحدة، ولا سيّما أن ملحم بركات كان ينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر.
أصدقاؤه يروون محطات حياته
ومن محطات حياته الغريبة، يوم عرسه حيث تأخر ملحم على زفافه لبعض الوقت لأنه كان يحاول إقناع والدته بالسماح له بتأجيل هذا الموضع أي موضوع الزفاف، غير أنها رفضت طلبه وتوجّها معاً الى الكنيسة.
ملحم يملك مزرعة في كفرشيما، ضمنها قفص كبير يربّي فيه جميع أنواع الطيور، إلا أن عائلته والجيران وأصدقاءه فوجئوا بابنه مجد وقد أطلق سراح جميع الطيور قبل 10 أيّام على وفاة والده ظنّاً منه أنه إذا أعطى الحريّة للطيور فربما الله يعطي الشفاء والحياة لوالده.
من مقولات ملحم بركات: "عندما يموت الأهل تشعر بأن الموت أصبح قريباً منك"، ومن أقواله أيضاً "عندما تشتاق للناس الذين في تلك الدنيا يعني أصبح قريباً أن تلحق بهم".. غير أن أبو مجد في جلسة مع أحد أصدقائه قبل دخوله الى المستشفى اعترف له بأنه يستذكر أهله كثيراً ومشتاق إليهم كثيراً كما اعترف له بأنه خائف على جو معلوف.
ويروي جو خوف ملحم بركات عليه، حيث كان يتصل به بعد كل حلقة ويقول له "رح أعملّك أحلى دفن، ورح وزّع أطيب سندويشات على روحك" بمعنى أنه كان يخاف عليه من أن يتعرّض للأذى بسبب جرأته والمواضيع الحسّاسة التي يتناولها.
قبل وفاته ببضعة أيام سأل ملحم صديقه ورفيق دربه وجاره في كفرشيما إن كان يدين لأحد بأي شيء ولا سيّما إن كان يدين لأحد بالمال.
كان يعشق ابنته غنوة وكان يسأل عنها كلما غابت عنه في المستشفى.
استعرض جو بعض المقتطفات والفيديوهات من حياة ملحم، منها فيديوهات حصرية يملكها أصدقاؤه فقط وتدور حول لحظاتهم وجلساتهم معاً، وفي إحدى الجلسات ومن باب الضحك أخبرهم ملحم بأن والدته كانت تقول له دائماً "يا ريتني ما خلّفتك... انت أبشع ولد رأيته في حياتي" وتابع ملحم "لكن عندما أصبحت الموسيقار ملحم بركات.. باتت تقول.. يا ريت خلّفت منك اثنين".
آخر حفلات ملحم بركات
من آخر حفلات ملحم بركات قبل أن تتدهور حالته الصحية ويدخل جرّاء ذلك المستشفى، كان الحفل الذي أحياه ضمن مهرجانات قرطبا، علماً بأنه كان يشعر وقتها بألم شديد فاضطرّ لتناول كمّ من الأدوية للتخفيف من ألمه وبدا واضحاً عليه التعب والألم حينها علماً بأنه طلب كرسيّاً على المسرح ليستريح من حين الى آخر، بعد أن فشلت محاولات إرجاء الحفل، ليودّع أبو مجد خشبة المسرح بألم.
مفاجآت مستقبلية
أعلن جو معلوف في ختام الحلقة أنهم في طور التحضير لإطلاق جائزة ملحم بركات ضمن حفل تكريمي ضخم جداً بقدر محبّة ملحم بركات وبقدر ما يستحق أبو مجد.
وختم جو معلوف الحلقة والدموع تقف في عينيه متمنياً لو يعود به الزمن ليقضي كل ثانية من حياته مع أبو مجد، واعداً ومتوعّداً كل من يتكلّم بالسوء عن ملحم بركات وكل من لن يحترم حرمة وفاته أو عائلته، وواعداً ملحم جونيور بأنه ابن أبو مجد والكل يحبّه والكل سوف يحميه.
ساعتان من الوقت استعرض خلالهما الإعلامي جو معلوف حياة الموسيقار ملحم بركات، ساعتان من الوقت خطفتا أنفاسنا وأوقفتا الدمعة في عيوننا، جعلت من لم يلتقِ أبو مجد يوماً يعرفه، يلمسه ويبكيه بحرقة من خلال حرقة جو معلوف.
(نواعم)