بعد اسبوع كامل من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بدا من الصعوبة بمكان تجاهل الدلالات الاقليمية والداخلية التي اكتسبتها "اطلالتان " ديبلوماسيتان لكل من دمشق وطهران في توقيت متزامن على المشهد اللبناني المنشغل بأصداء الحدث الرئاسي وبعملية تأليف الحكومة التي يعكف عليها الرئيس المكلف سعد الحريري. ذلك ان قصر بعبدا شهد امس الزيارة الاولى لمسؤول سوري للبنان منذ عام 2010، كما شهد الزيارة الاولى لمسؤول ايراني للبنان بعد انتخاب الرئيس عون. ونظراً الى "الخصوصية " المشتركة التي تجمع دمشق وطهران في "محور الممانعة " ان على الصعيد الاقليمي أم على مستوى العلاقات التي تربط النظام السوري وايران بفئات لبنانية معروفة، فان تزامن الزيارتين بدا "أقرب الى رسالة اقليمية من العاصمتين عن اتجاههما الى "احتضان " التطور اللبناني واثبات حضور ونفوذ كل منهما عند مشارف انطلاقة العهد والحكومة الجديدتين، مع فارق ان ما ينطبق على النظام السوري لا ينسحب تماما على ايران التي سيكون لموفدها لقاء والرئيس الحريري خلافا للموفد السوري الذي لم يقابل الا الرئيس عون. وفي أي حال، شكلت زيارتا كل من وزير شؤون رئاسة الجمهورية السوري منصور عزام ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للرئيس عون، مع انهما لم تكونا مفاجئتين، طليعة زيارات موفدين وزوار آخرين وان تكن مسارعة دمشق وطهران الى تهنئة الرئيس عون عدت في اطار اظهار "انتصار" لمحورهما على رغم حديث الوزير الايراني عن انتخابات رئاسية لبنانية من دون تدخل خارجي.
فالوزير السوري عزام الذي نقل رسالة تهنئة من الرئيس السوري بشار الاسد الى الرئيس عون، رفض القول بوجود "صفحة قديمة وصفحة جديدة " في العلاقات اللبنانية - السورية معتبراً ان "هناك صفحة مستمرة عنوانها المصلحة المشتركة للبلدين والامن والاستقرار ".
بينما نقل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الذي يزور بيروت على رأس وفد سيشارك ايضا في مؤتمر اقتصادي، الى الرئيس عون تهاني الرئيس الايراني حسن روحاني وحرص على التنويه " بالارادة الحرة والمستقلة والبعيدة عن أي تدخل خارجي للشعب اللبناني في تحقيق هذا الانجاز المهم"، ورأى ان انجاز الاستحقاق الرئاسي " يعد نصراً لكل اطياف الشعب اللبناني " وقال ان " تربص العدو الصهيوني والعدو التكفيري الارهابي بلبنان وايران يشكل عامل وحدة وتلاق وانسجام بين بلدينا ". كما أشاد بخطاب القسم للرئيس عون. وبعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس، من المقرر ان يلتقي وزير الخارجية الايراني اليوم الرئيس تمام سلام في المصيطبة، ثم الرئيس الحريري في "بيت الوسط" ومن ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.
ولعل المفارقة اللافتة التي واكبت زيارتي الموفدين السوري والايراني تمثلت في لقاء جمع الرئيس الحريري وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي وقد أكد لهم ان تولي العماد عون سدة الرئاسة والحكومة العتيدة الجاري تشكيلها " يمثلان فرصة لتجديد تأكيد هوية لبنان العربية ولاعادة الزخم والحرارة الى علاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي ". كما ان وزير الداخلية نهاد المشنوق اعلن ان الرئيس الحريري تبلغ من الفرنسيين انهم سيبدأون ببذل الجهد لعقد مؤتمر باريس 4 الذي من شأنه ان يشكل دعما ماديا من الدول المعنية كما يشكل دعما معنويا للعهد الجديد ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة المقبلة.

 

الملف الحكومي
اما في الملف الحكومي، فعلمت "النهار" ان الاتصالات الجارية لم تؤد بعد الى بلورة تصور اولي لشكل الحكومة المقبلة وتوزع الحصص فيها، علماً ان اجتماعا عقد ليل اول من امس بين المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري عرضا فيه عددا من الافكار. كذلك عقد اجتماع مماثل امس بين الوزير باسيل والسيد نادر الحريري في وزارة الخارجية وتركز على ملف تأليف الحكومة. وعلم ان الرئيس عون لم يمانع في تولي وزير شيعي حقيبة المال، لكنه يفضّل ان يتولاها وجه جديد، في حين ان الوزير علي حسن خليل لا يزال الاوفر حظاً في تسلم هذه الحقيبة كما يصر على ذلك الرئيس بري. وعلم أيضا ان بري يبدي اصرارا على الاتفاق على قانون الانتخاب وتعهد اجراء الانتخابات النيابية في موعدها بعد التوافق على البيان الوزاري الامر الذي يغني عن "الثلث الضامن"، لكن ذلك لا يلغي المطالبة باعطاء "تيار المردة " حقيبة أساسية وهو أمر اتفق عليه مع الرئيس الحريري، وتوزير النائبين اسعد حردان وطلال ارسلان. وقالت أوساط متابعة لـ"النهار" إن بورصة الاسماء لم تثبت بعد في انتظار توزيع الحقائب، وبعدها يتم " اسقاط " الاسماء عليها، وأكدت ان اسماء كثيرة يجري تداولها حاليا ليست مطروحة جدياً.

 

اطار وبورصة
وعلمت "النهار" أن الرئيس الحريري الذي وسع إطار الاتصالات مع الجهات الخليجية والدولية، يحرص بالتشاور مع الرئيس عون ومن خلال القنوات المفتوحة مع الرئيس بري على تحديد اطار عمل الحكومة الجديدة حيث يتم التركيز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية وحماية الوضع المالي وتفعيل المساعدات للاجئين السوريين والبيئة اللبنانية الحاضنة لهم.كما يتم التركيز على دورات تشريع واسعة وفتح دورات إستثنائية وإعداد قانون للانتخاب من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي.
وفي بورصة الترشيحات للحكومة الجديدة,علمت "النهار" ان "جبهة النضال الوطني" و"اللقاء الديموقراطي" سيتبنيان ترشيح أيمن شقير والنائبيّن مروان حمادة والامير طلال إرسلان. وتردد ان الدكتور غطاس خوري والنائب جان أوغاسبيان من الترشيحات المتداولة. ويدور بحث في الشخصية الاورثوذكسية التي ستتولى منصب نائب رئيس الوزراء ويتردد اسم الوزير الياس ابو صعب لهذا المنصب. كما تردد ان الوزير باسيل عائد الى الحكومة من دون تحديد حقيبته بعد.