الإستشارات التمهيدية للتكليف والتأليف أصبحت خلف المشهد السياسي، وبدأت رحلة التأليف التي يأمل الرئيس المكلف سعد الحريري ان تكون ميسّرة، وليست شاقّة ومزروعة بالتعقيدات والمطالب التعجيزية. باتت الكرة في ملعب القوى السياسية التي عليها أن تنسجم مع الايجابيات التي تسود البلاد وتخفّف من حجم ووطأة مطالبها، خصوصاً انّ هناك «علامة سوداء» ظهرت على خط بعض القوى وتجلّت في ما يشبه «النهم» على الحقائب والوزارات والمطالبة بحصص لاواقعية.
ثمّة ملاحظات سجّلت على الوقائع التي تلاحقت في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة:
اولاً، ظهور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في باحة القصر الجمهوري مخاطباً جمهوره ومن خلاله اللبنانيين والعالم بأنّ لبنان مقبل على عهد «نظيف» أساسه التعاون بين مختلف القوى للخروج من الحقبة السوداء التي عاشها وعاث فيها المفسدون فساداً على شتى المستويات.
ثانياً، الحميمية التي تسود على خط الرئاسات الثلاث أشبه ما تكون بـ»شهر عسل»، خلافاً لكل جفاء سابق، مع استعداد صريح وعلني من الرؤساء الثلاثة للاندفاع معاً نحو ورشة إعمار البلد سياسياً وامنياً وتوافقياً.
ثالثاً، إعادة ربط العلاقة بين الخصمين اللدودين، اي الرئيس المكلف و»حزب الله» بحبال الود والوئام، وتجلّى ذلك صريحاً في اللقاء الذي جمع الحريري مع وفد كتلة «الوفاء للمقاومة» امس الاول، وفيه ظهرت المشاهد التالية:
ـ إيجابية ظاهرة حكمت اللقاء حيث دخل اليه الطرفان بروحية مسبقة عنوانها طي الصفحة الماضية والقراءة في صفحة جديدة.
ـ مبادرة الحريري الى إبداء المجاملات لنواب الحزب والسؤال عن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عبر قوله: «كيفو السيّد؟ شو أخبارو؟ كيف صحتو؟ ان شاء الله منيح»، وختمها بالقول: «سَلمولي على سماحتو».
ـ ليونة واضحة أبداها وفد الحزب مع التأكيد المشترك مع الحريري على ضرورة الانتقال من الخطاب السياسي المتشنّج والمتوتر الى الخطاب الذي يجمع ولا يفرّق، وعلى تشكيل حكومة في أسرع وقت، تأخذ على عاتقها التصدّي للملفات الكثيرة والمعقدة.
وبين هذه الملاحظات، طَوى الحريري صفحة استشاراته النيابية غير الملزمة، وجَمّع خلاصاتها وشرع يُعدّ العدّة لبدء مرحلة الجوجلة. وكان لافتاً للانتباه لقاؤه مساء امس برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي حضر الى بيت الوسط في زيارة تمّ ربطها بالمطالب التي قدمتها القوات خلال جولة الاستشارات.
وقالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية» انّ مهمة الرئيس المكلف دقيقة جداً في هذه الجوجلة، نظراً الى حجم المطالب التي تلقّاها، وخصوصاً من بعض من يُعتبرون في صف الحلفاء، الذين طرحوا مطالب بحصص وحقائب بأحجام تفوق أحجامهم السياسية والنيابية، بما يُلقي على الحريري مسؤولية حساسة في كيفية ابتداع المخارج لتجاوز هذا «النهم» الوزاري واحتوائه.
وكما انّ هذا «النهم» ليس مريحاً للحريري، فإنه ليس مريحاً ايضا للرئاستين الاولى والثانية. فرئيس الجمهورية، وكما يؤكد المطلعون على موقفه، يرى ضرورة الّا توضع العراقيل من اي جانب، وبالتالي التوزير بحجم كل طرف وليس بأحجام وهمية، مع إعطاء الافضلية دائماً لأصحاب الكفاءة، علماً انّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أطلق تغريدة معبّرة في هذا الاتجاه دعا فيها الى التخَلّي عمّا سمّاه المطالب التعجيزية التي قارَبها رئيس مجلس النواب نبيه بري على طريقته باعتباره انّ هذه المطالب التعجيزية لن تكون عاملاً مسهّلاً بل هي عامل معقّد ومؤخّر ومضيّع لمزيد من الوقت.
عون
وكان عون اكد انّ «ايّ رأس لن يستطيع ان يخرق الدستور من الآن فصاعداً، وانّ الفساد سيستأصَل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلّف الامر». وقال خلال «يوم التهنئة الشعبية» الذي شهده القصر الجمهوري في بعبدا أمس لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية: «إنّ وصولنا الى رئاسة الجمهورية ليس الهدف، بل الهدف بنيان وطن قوي يحتاج الى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون».
ولفت عون الى «اننا وصلنا الى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا، ولن نكون مرهونين لأيّ بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول اخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلّصنا من التأثيرات الخارجية».
بري
وقال بري لـ«الجمهورية»: أنا لا أرى مبرراً يوجب بروز تعقيدات أمام تشكيل الحكومة واتمنى ان يُصار الى تأليفها في اقرب وقت ممكن مع استثمار هذه الاجواء الجيدة التي تسود. وطالما اننا ما زلنا هنا لا استطيع ان أجزم بما قد تؤول اليه الامور، فلن أفرط في التفاؤل ولا في التشاؤم بل اقول انّ الامور في خواتيمها.
واكد بري أهمية التشكيل السريع للذهاب الى المهمات الكبرى وأوّلها وضع الموازنة العامة للدولة، ولا اعتقد انّ هذا بالأمر الصعب، وثانيها التفرّغ على كل المستويات لتحقيق الهدف الاساس وهو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وعن شكل قانون الانتخاب قال: موقفي معروف، انا مع النسبية الشاملة، واستطيع ان اجزم اولاً انّ هناك اتفاقاً على مستوى الرؤساء الثلاثة لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها. امّا في ما خصّ القانون فأؤكد أنني والرئيس عون متفقان على مبدأ النسبية، سواء مع لبنان دائرة انتخابية واحدة او على مستوى المحافظات او على مستوى التأهيل من القضاء على الاساس الاكثري والانتخاب على أساس النسبية في المحافظة.
وعن موقف الحريري من النسبية قال بري: لم اسمع منه شيئاً حول هذا الموضوع، ولكي اكون دقيقاً لم أسمع منه انه ضد النسبية. (راجع صفحة 4).
وربطاً بالموضوع الانتخابي، قال مرجع سياسي لـ»الجمهورية» انّ إمكانية الوصول الى قانون انتخابي هي أقوى من اي وقت مضى، وذلك استناداً الى الالتزامات التي وضعها رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي وكذلك الرئيس الحريري.
وبالتالي، ان أمكن الوصول الى هذا الاتفاق بعد تشكيل الحكومة سريعاً، يتمّ الانتقال فوراً الى إجراء الانتخابات، وليس مستبعداً ان يُصار الى تقريب موعد الانتخابات بناء على القانون الجديد وعدم الانتظار حتى شهر ايار المقبل. الّا اذا فرض القانون الانتخابي الجديد عكس ذلك، والدخول في مرحلة «تعريفية» لدقائق القانون وتفاصيله ولآليات تنفيذه وتطبيقه.
الحريري
الى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحريري الذي يستقبل ظهر اليوم سفراء دول الخليج للتأكيد على دعمه في موقع رئاسة السلطة التنفيذية، قدّم لعون أمس الاول عرضاً لحصيلة الإستشارات النيابية، فَنّد المطالب التي استمع اليها من النواب التي قد تفضي الى الذهاب نحو حكومة ثلاثينية على رغم رغبته بحكومة لا تتجاوز 24 وزيراً.
وبحسب المصادر فإنّ الحريري أبلغ عون انه سيسعى سريعاً لوضع صيغة لحكومة ثلاثينية على ان يعرضها اليوم او غداً على أبعد تقدير قبل ان يشرع في المشاورات اللازمة مع الجميع من دون إستثناء، حول كيفية توزيع الحقائب وإنزال الأسماء عليها. ونُقل عن الحريري انه يرغب بحكومة موسعة لا تستثني أحداً سوى من يستثني نفسه.
وعلمت «الجمهورية» انّ عون كان مُستمعاً باهتمام الى ما تقدم به الحريري وتوقّف عند مطالب الكتل النيابية بالتفصيل وقدم عرضاً من وجهة نظره لافتاً الى أهمية ان تولد الحكومة مكتملة في أسرع وقت ممكن ولتكون الدولة حاضرة في عيد الإستقلال بكامل سلطاتها تلبية لرغبة الناس ولتبدأ العمل على مختلف الملفات المتراكمة بعد مرحلة من الإنكفاء لسنوات من دون تناول ايّ من الملفات الحيوية.
وأكد عون انّ البلد يحتاج الى هذه الحكومة لتنطلق ورشة العمل الشاملة، فالمواطنون ينتظرون الكثير. وانّ نجاح العهد متوقف على عدم إضاعة الوقت من دون جهد يُبذل ليثمر.
وتمنى عون ان تلتزم مختلف الأطراف بما وعدت به وعبّرت عنه من نية بالتعاون وتقديم التسهيلات التي ستؤدي الى حكومة فاعلة قادرة على مواجهة الإستحقاقات المقبلة على لبنان والمنطقة.
«التيار»
وعن المغزى السياسي لاستعادة مشهدية عام 1989 والرسائل التي شاء عون توجيهها الى الداخل والخارج من أمام الجمهور في القصر الجمهوري، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ ما جرى أمس كان اقتراعاً بالاقدام والسواعد والحناجر والفرح لكي نقول انّ الشعب هو من أفرز هذه القيادة وهذا الرئيس.
صحيح انّ هناك توازنات داخلية ولعبة دولية لكنّ الأهم بالنسبة لنا هو الناس، وأهمية العماد عون انه انطلق من الشعب الذي أوصله وليس غيره. وهذا تأكيد على أن القرار هو دائماً للشعب وليس لوزارة او سفارة او لمعادلة اقليمية او دولية، فالشعب هو من يقرر. وهذا سيؤسّس لعرف بأنه لم يعد ممكناً بعد اليوم ان يصل مسؤول لا يمثّل ناسه او ان يُفرض ايّ شخص فرضاً.
كذلك انّ استعادة هذه المشهدية كان بهدف التأكيد للشعب انّ نضاله منذ 27 سنة حتى اليوم لم يذهب سدى، بل أنتم من قرّر وفَرض المعادلة والقرار لكم وقد تجسّد فينا.
وعن مآخذ البعض على عون بأنه ينوي توزير العائلة ما يُعدّ خطأ قاتلاً بالمعنى السياسي، أجابت المصادر: «لم يتمّ الحديث عن الحكومة بعد، ولم يُسمّ أحد بعد، فلماذا استِباق هذا الأمر، ولماذا «بَصلتهم محروقة» ورائحتها كريهة؟ هل تألفت الحكومة ووُزِّر أحد من العائلة؟ ثم لا يوجد عندنا أشخاص «شو ما كان»، فناسنا يشرّفون المواقع التي يكونون فيها. ومن يهاجم مسبقاً تَكن لديه خلفية سيئة في الأساس».
وأبدت المصادر تفاؤلها في تسريع التأليف مؤكدة انّ لدينا معياراً واحداً عادلاً في التأليف والتوزير وليس عندنا استنساب او كيدية ضد أحد، هناك أحجام ممثلة في مجلس النواب يجب ان تتمثل نسبياً في مجلس الوزراء، الأمر الذي لم يكن يحصل معنا عندما كانت تتشكّل الحكومات بل كانوا يحاولون فرض شروطهم علينا، امّا نحن فلا نفرض شروطاً بل نأخذ الحجم التمثيلي لكل طرف في الوزارة، نطالب بأن يتمثّل الجميع في الحكومة الّا من لا يرفض المشاركة وعندها لا نُلام على هذا الامر».
اولاً، ظهور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في باحة القصر الجمهوري مخاطباً جمهوره ومن خلاله اللبنانيين والعالم بأنّ لبنان مقبل على عهد «نظيف» أساسه التعاون بين مختلف القوى للخروج من الحقبة السوداء التي عاشها وعاث فيها المفسدون فساداً على شتى المستويات.
ثانياً، الحميمية التي تسود على خط الرئاسات الثلاث أشبه ما تكون بـ»شهر عسل»، خلافاً لكل جفاء سابق، مع استعداد صريح وعلني من الرؤساء الثلاثة للاندفاع معاً نحو ورشة إعمار البلد سياسياً وامنياً وتوافقياً.
ثالثاً، إعادة ربط العلاقة بين الخصمين اللدودين، اي الرئيس المكلف و»حزب الله» بحبال الود والوئام، وتجلّى ذلك صريحاً في اللقاء الذي جمع الحريري مع وفد كتلة «الوفاء للمقاومة» امس الاول، وفيه ظهرت المشاهد التالية:
ـ إيجابية ظاهرة حكمت اللقاء حيث دخل اليه الطرفان بروحية مسبقة عنوانها طي الصفحة الماضية والقراءة في صفحة جديدة.
ـ مبادرة الحريري الى إبداء المجاملات لنواب الحزب والسؤال عن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عبر قوله: «كيفو السيّد؟ شو أخبارو؟ كيف صحتو؟ ان شاء الله منيح»، وختمها بالقول: «سَلمولي على سماحتو».
ـ ليونة واضحة أبداها وفد الحزب مع التأكيد المشترك مع الحريري على ضرورة الانتقال من الخطاب السياسي المتشنّج والمتوتر الى الخطاب الذي يجمع ولا يفرّق، وعلى تشكيل حكومة في أسرع وقت، تأخذ على عاتقها التصدّي للملفات الكثيرة والمعقدة.
وبين هذه الملاحظات، طَوى الحريري صفحة استشاراته النيابية غير الملزمة، وجَمّع خلاصاتها وشرع يُعدّ العدّة لبدء مرحلة الجوجلة. وكان لافتاً للانتباه لقاؤه مساء امس برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي حضر الى بيت الوسط في زيارة تمّ ربطها بالمطالب التي قدمتها القوات خلال جولة الاستشارات.
وقالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية» انّ مهمة الرئيس المكلف دقيقة جداً في هذه الجوجلة، نظراً الى حجم المطالب التي تلقّاها، وخصوصاً من بعض من يُعتبرون في صف الحلفاء، الذين طرحوا مطالب بحصص وحقائب بأحجام تفوق أحجامهم السياسية والنيابية، بما يُلقي على الحريري مسؤولية حساسة في كيفية ابتداع المخارج لتجاوز هذا «النهم» الوزاري واحتوائه.
وكما انّ هذا «النهم» ليس مريحاً للحريري، فإنه ليس مريحاً ايضا للرئاستين الاولى والثانية. فرئيس الجمهورية، وكما يؤكد المطلعون على موقفه، يرى ضرورة الّا توضع العراقيل من اي جانب، وبالتالي التوزير بحجم كل طرف وليس بأحجام وهمية، مع إعطاء الافضلية دائماً لأصحاب الكفاءة، علماً انّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أطلق تغريدة معبّرة في هذا الاتجاه دعا فيها الى التخَلّي عمّا سمّاه المطالب التعجيزية التي قارَبها رئيس مجلس النواب نبيه بري على طريقته باعتباره انّ هذه المطالب التعجيزية لن تكون عاملاً مسهّلاً بل هي عامل معقّد ومؤخّر ومضيّع لمزيد من الوقت.
عون
وكان عون اكد انّ «ايّ رأس لن يستطيع ان يخرق الدستور من الآن فصاعداً، وانّ الفساد سيستأصَل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلّف الامر». وقال خلال «يوم التهنئة الشعبية» الذي شهده القصر الجمهوري في بعبدا أمس لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية: «إنّ وصولنا الى رئاسة الجمهورية ليس الهدف، بل الهدف بنيان وطن قوي يحتاج الى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون».
ولفت عون الى «اننا وصلنا الى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا، ولن نكون مرهونين لأيّ بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول اخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلّصنا من التأثيرات الخارجية».
بري
وقال بري لـ«الجمهورية»: أنا لا أرى مبرراً يوجب بروز تعقيدات أمام تشكيل الحكومة واتمنى ان يُصار الى تأليفها في اقرب وقت ممكن مع استثمار هذه الاجواء الجيدة التي تسود. وطالما اننا ما زلنا هنا لا استطيع ان أجزم بما قد تؤول اليه الامور، فلن أفرط في التفاؤل ولا في التشاؤم بل اقول انّ الامور في خواتيمها.
واكد بري أهمية التشكيل السريع للذهاب الى المهمات الكبرى وأوّلها وضع الموازنة العامة للدولة، ولا اعتقد انّ هذا بالأمر الصعب، وثانيها التفرّغ على كل المستويات لتحقيق الهدف الاساس وهو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وعن شكل قانون الانتخاب قال: موقفي معروف، انا مع النسبية الشاملة، واستطيع ان اجزم اولاً انّ هناك اتفاقاً على مستوى الرؤساء الثلاثة لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها. امّا في ما خصّ القانون فأؤكد أنني والرئيس عون متفقان على مبدأ النسبية، سواء مع لبنان دائرة انتخابية واحدة او على مستوى المحافظات او على مستوى التأهيل من القضاء على الاساس الاكثري والانتخاب على أساس النسبية في المحافظة.
وعن موقف الحريري من النسبية قال بري: لم اسمع منه شيئاً حول هذا الموضوع، ولكي اكون دقيقاً لم أسمع منه انه ضد النسبية. (راجع صفحة 4).
وربطاً بالموضوع الانتخابي، قال مرجع سياسي لـ»الجمهورية» انّ إمكانية الوصول الى قانون انتخابي هي أقوى من اي وقت مضى، وذلك استناداً الى الالتزامات التي وضعها رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي وكذلك الرئيس الحريري.
وبالتالي، ان أمكن الوصول الى هذا الاتفاق بعد تشكيل الحكومة سريعاً، يتمّ الانتقال فوراً الى إجراء الانتخابات، وليس مستبعداً ان يُصار الى تقريب موعد الانتخابات بناء على القانون الجديد وعدم الانتظار حتى شهر ايار المقبل. الّا اذا فرض القانون الانتخابي الجديد عكس ذلك، والدخول في مرحلة «تعريفية» لدقائق القانون وتفاصيله ولآليات تنفيذه وتطبيقه.
الحريري
الى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحريري الذي يستقبل ظهر اليوم سفراء دول الخليج للتأكيد على دعمه في موقع رئاسة السلطة التنفيذية، قدّم لعون أمس الاول عرضاً لحصيلة الإستشارات النيابية، فَنّد المطالب التي استمع اليها من النواب التي قد تفضي الى الذهاب نحو حكومة ثلاثينية على رغم رغبته بحكومة لا تتجاوز 24 وزيراً.
وبحسب المصادر فإنّ الحريري أبلغ عون انه سيسعى سريعاً لوضع صيغة لحكومة ثلاثينية على ان يعرضها اليوم او غداً على أبعد تقدير قبل ان يشرع في المشاورات اللازمة مع الجميع من دون إستثناء، حول كيفية توزيع الحقائب وإنزال الأسماء عليها. ونُقل عن الحريري انه يرغب بحكومة موسعة لا تستثني أحداً سوى من يستثني نفسه.
وعلمت «الجمهورية» انّ عون كان مُستمعاً باهتمام الى ما تقدم به الحريري وتوقّف عند مطالب الكتل النيابية بالتفصيل وقدم عرضاً من وجهة نظره لافتاً الى أهمية ان تولد الحكومة مكتملة في أسرع وقت ممكن ولتكون الدولة حاضرة في عيد الإستقلال بكامل سلطاتها تلبية لرغبة الناس ولتبدأ العمل على مختلف الملفات المتراكمة بعد مرحلة من الإنكفاء لسنوات من دون تناول ايّ من الملفات الحيوية.
وأكد عون انّ البلد يحتاج الى هذه الحكومة لتنطلق ورشة العمل الشاملة، فالمواطنون ينتظرون الكثير. وانّ نجاح العهد متوقف على عدم إضاعة الوقت من دون جهد يُبذل ليثمر.
وتمنى عون ان تلتزم مختلف الأطراف بما وعدت به وعبّرت عنه من نية بالتعاون وتقديم التسهيلات التي ستؤدي الى حكومة فاعلة قادرة على مواجهة الإستحقاقات المقبلة على لبنان والمنطقة.
«التيار»
وعن المغزى السياسي لاستعادة مشهدية عام 1989 والرسائل التي شاء عون توجيهها الى الداخل والخارج من أمام الجمهور في القصر الجمهوري، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ ما جرى أمس كان اقتراعاً بالاقدام والسواعد والحناجر والفرح لكي نقول انّ الشعب هو من أفرز هذه القيادة وهذا الرئيس.
صحيح انّ هناك توازنات داخلية ولعبة دولية لكنّ الأهم بالنسبة لنا هو الناس، وأهمية العماد عون انه انطلق من الشعب الذي أوصله وليس غيره. وهذا تأكيد على أن القرار هو دائماً للشعب وليس لوزارة او سفارة او لمعادلة اقليمية او دولية، فالشعب هو من يقرر. وهذا سيؤسّس لعرف بأنه لم يعد ممكناً بعد اليوم ان يصل مسؤول لا يمثّل ناسه او ان يُفرض ايّ شخص فرضاً.
كذلك انّ استعادة هذه المشهدية كان بهدف التأكيد للشعب انّ نضاله منذ 27 سنة حتى اليوم لم يذهب سدى، بل أنتم من قرّر وفَرض المعادلة والقرار لكم وقد تجسّد فينا.
وعن مآخذ البعض على عون بأنه ينوي توزير العائلة ما يُعدّ خطأ قاتلاً بالمعنى السياسي، أجابت المصادر: «لم يتمّ الحديث عن الحكومة بعد، ولم يُسمّ أحد بعد، فلماذا استِباق هذا الأمر، ولماذا «بَصلتهم محروقة» ورائحتها كريهة؟ هل تألفت الحكومة ووُزِّر أحد من العائلة؟ ثم لا يوجد عندنا أشخاص «شو ما كان»، فناسنا يشرّفون المواقع التي يكونون فيها. ومن يهاجم مسبقاً تَكن لديه خلفية سيئة في الأساس».
وأبدت المصادر تفاؤلها في تسريع التأليف مؤكدة انّ لدينا معياراً واحداً عادلاً في التأليف والتوزير وليس عندنا استنساب او كيدية ضد أحد، هناك أحجام ممثلة في مجلس النواب يجب ان تتمثل نسبياً في مجلس الوزراء، الأمر الذي لم يكن يحصل معنا عندما كانت تتشكّل الحكومات بل كانوا يحاولون فرض شروطهم علينا، امّا نحن فلا نفرض شروطاً بل نأخذ الحجم التمثيلي لكل طرف في الوزارة، نطالب بأن يتمثّل الجميع في الحكومة الّا من لا يرفض المشاركة وعندها لا نُلام على هذا الامر».