سجل الرئيس العماد ميشال عون ظاهرة فريدة ونادرة في تاريخ الدول والنضال عندما عاد منتخباً رئيساً للجمهورية في لبنان بعد 27 سنة من تاريخ ازاحته بالقوة عبر خطة محلية عربية دولية ابعدته 15 سنة الى فرنسا ثم عاد واكتسح الانتخابات النيابية ليعاند ويصر على انه المرشح الأقوى وقد نالها وأصبح رئيس جمهورية لبنان لولاية لـ 6 سنوات.
وسجل الرئيس سعد الحريري عودة قوية الى الحكم بعد 11 سنة غياب ترأس خلالها حكومة لا تحسب ايامها عليه بل تم تعطيل حكمه اثناء رئاسته للحكومة وحصل احتفال في قصر بعبدا الذي كتب عليه «بيت الشعب» كما كان قبل 27 سنة واطل العماد عون بالبزة المدنية بدل البزة العسكرية كما كانت الجماهير معتادة عليه والقى خطاباً شمل الوفود التي جاءت من اقصى عكار الى اقصى الجنوب اللبناني الى الاقضية والمحافظات والمدن والقرى واهم ما قاله «الدستور سيطبق ولا رأس يعلو فوق الدستور».
ظاهرة العماد عون سيكتبها التاريخ لأنها نادرة والرجل حقق ما أراد ولم يذعن لمن ضغط عليه ولم يخضع لمن هدده ولم يستسلم لمن أراد قتله ولم يحد عن الطريق باستثناء قبوله بالطائف الذي كان قد رفضه قبل 27 سنة. لكن من يدري ماذا سيحصل بالطائف في عهد الرئيس العماد ميشال عون فهنالك 6 سنوات والطائف ليس منزلاً ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد الانتخابات النيابية اذا نال أكثرية كبيرة، فقد يقوم بتعديل بعض بنود اتفاق الطائف، لكن هذه المرة ضمن اتفاق وطني يحفظ الوحدة الوطنية ويعيد لرئيس الجمهورية جزءاً من صلاحياته التي افقدوه إياها.
اما الرئيس سعد الحريري فهو منكب على تأليف الحكومة بنشاط ويريد العمل بكل قوته والانطلاق بورشة اقتصادية إعمارية في لبنان.
الرسالة تُقرأ من العنوان اذا قدم الرئيس العماد ميشال عون وقدم الرئيس سعد الحريري حكومة شفافة نزيهة ليس فيها عناصر فساد فيكونا قد انتصرا واعطيا املاً كبيراً للشعب، اما اذا شكلا حكومة تقليدية من الشركات السياسة والإقطاعية وغيرها فان التشاؤم سيصيب الشعب اللبناني وسيقول اللبنانيون ان الإصلاح مستحيل في لبنان وان جرافة الفساد تجرف كل من يحاول الوقوف في وجهها واننا سنمضي 6 سنوات في عهد العماد ميشال عون مثل العهود السابقة، ونتذكر عندها خطاب العماد اميل لحود عندما قال: دولة القانون، فرأينا اية دولة قانون في عهده وكم خاب امل اللبنانيين في عهد العماد اميل لحود.
المسؤوليات كبيرة جداً على فخامة الرئيس العماد ميشال عون وهو بخبرته التاريخية وشجاعته ومعرفته بلبنان وتفاصيله وتجاربه الكثيرة والتي اخذ منها العبرة إضافة الى مطالعاته وبعده 15 سنة عن بلاده بعداً قسرياً ظالماً يجعله ملزماً بتحقيق اصلاح حقيقي وضرب الفساد واجراء الإصلاح والا فخيبة الامل كبيرة جداً.
المشهد في بيت الشعب امس خرق كل البروتوكولات الرئاسية، «بيّ الكلّ» خرج لملاقاة ابنائه الذين جدّدوا البيعة لقائد ما خذلهم مرّة.
نساء ورجال وشيوخ واطفال ومقعدون اختلطت دموعهم فرحا وحزنا، زحفوا من الصباح الباكر من كل المناطق اللبنانية حاملين العلم اللبناني على وقع الاناشيد الوطنية، وقد ضاقت الطرقات بالحشود المتجهة الى قصر بعبدا وسط اجراءات امنية مشددة.
الجمهور يشبه نفسه، جميعهم حضروا. اطفال ينظرون من حولهم مندهشين، شباب صاروا اكبر سناً ومناضلات اصبحن امهات، وامهات شهداء وشقيقات يبكين ألماً وفرحاً يرددن ان «شهداء 13 تشرين وغيرهم من شهداء لبنان، لن يضيع حقهم». ومُقعد يغصّ وعيناه مغرورقتان بالدمع اعتزازا، وشاب يتكئ على عكاز يعطي الامل لمستقبل زاهر.
«يا شعب لبنان العظيم» جملة ألهبت الجماهير وعاد بهم الحنين والعاطفة عشرات السنين الى الوراء يوم افترشوا ساحات وشوارع القصر ليكونوا دروعا بشرية لحماية عمادهم.
المشهد تكرّر امس، واذا كان ما حصل في 13 تشرين الاول 1990 كان مؤلما بسقوط شهداء فإن تجديد العهد لم يمرّ دون ذكرهم.