على وقع توالي الاتصالات والبرقيات والمواقف العربية والدولية المهنئة بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة وأبرزها أمس من رئيسي الوزراء القطري عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني والروسي ديمتري ميدفيديف، فضلاً عن تشجيع فرنسي للبنانيين على «العمل السريع من أجل حكومة جامعة» عبّر عنه وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية جان مارك آيرولت خلال توجّهه للحريري بـ«تهاني حارة» مقرونة بتجديد تمسك باريس «بسيادة لبنان وسلامته الإقليمية» وعزمها على تقديم «الدعم الكامل» له، يُنهي الرئيس المكلّف استشارات «الوفاق» النيابية اليوم وسط إجماع سياسي على ضرورة التعاون لتسريع ولادة حكومة العهد الأولى ووجوب اغتنام «اللحظة التاريخية» التي أنهت الفراغ الرئاسي وأتاحت فرصة تشكيل حكومة لمّ شمل وطني تلتزم الدستور والميثاق وتنأى بالدولة عن خلافات وحرائق المنطقة.

وبعدما استهل نشاطه في المجلس النيابي ظهر أمس بخلوة عقدها مع رئيس المجلس نبيه بري الذي نقل عنه زواره لـ«المستقبل» ارتياحه لأجواء الخلوة وإشادته 

بـ«الإيجابية» التي سادتها، انطلق الرئيس المكلّف في يوم استشاراته النيابية الأول بالاجتماع تباعاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ثم مع كتلة «التحرير والتنمية» برئاسة بري، لتليها كتل «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والنائب ميشال المر و«الكتائب اللبنانية» والنائب طلال ارسلان وكتلة «لبنان الحر الموحد» وكل من النواب محمد الصفدي وأحمد كرامي وعاصم قانصوه، قبل أن ينهي استشارات الأمس بلقاء كتلة «اللقاء الديمقراطي وجبهة النضال الوطني» برئاسة النائب وليد جنبلاط. 

وفي سياق لم يخرج عن أجواء الانفتاح السائدة في البلد، جاء خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس ليبدي «النية في التعاون» والرغبة في إنجاح العهد وحكومته الأولى، مع الإعلان عن تفويض بري «التفاوض حول الحقائب والأعداد» في تشكيلة الحكومة العتيدة بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن «حزب الله». غير أنّ نصرالله الذي عبّر عن ثقته برئيس الجمهورية ميشال عون نافياً في الوقت عينه وجود «أي صفقة رئاسية» بينهما، لفت في معرض حديثه عن الملف الحكومي توجيهه رسائل مباشرة ومشفرة إلى «التيار الوطني الحر» تحثّه على الوقوف كما «حزب الله» عند خاطر رئيس مجلس النواب ومطالبه حيال تشكيلة حكومة العهد، مذكّراً «التيار» خصوصاً وتكتل «التغيير والإصلاح» عموماً بأنّ بري كما «حزب الله» سبق وعطلوا على مدى أشهر تشكيل 3 حكومات سابقة ورفضوا المشاركة فيها قبل تأمين المطالب العونية، ليخلص إلى القول: «من حق الرئيس بري على تكتل «التغيير والإصلاح» و«التيار الوطني الحر» ألا يشاركوا في حكومة لا يشارك فيها الرئيس بري، وليس المطلوب أن يعلنوا ذلك بل المطلوب أن يفعلوا ذلك».

عون لتوحيد السياسة الخارجية

في الغضون، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يؤكد أمام وفد سفراء مجموعة دعم لبنان ومنسقة الأمم المتحدة سيغريد كاغ ومندوب جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح التزامه «العمل على تحقيق ما ورد في خطاب القسم» خلال ولايته الرئاسية، معلناً عزمه إثر جمع اللبنانيين حول سياسة داخلية وطنية على اعتماد «سياسة خارجية واحدة (للدولة) بعد تذليل كل التعقيدات التي تعترض تحقيق ذلك حتى الآن»، مع إبداء ثقته بأنّ «لبنان مقبل على مرحلة جديدة يتعزز فيها الاستقرار السياسي باحترام الميثاق والدستور والقوانين».

فرنسا تأمل تفعيل الهبة السعودية

تزامناً، لفت الانتباه إعلان الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال في مؤتمر صحافي عقده أمس عن أمل بلاده بإعادة تفعيل عقد الهبة السعودية لتزويد الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية بعدما تم تعليقه على خلفية المواقف العدائية التي يتخذها «حزب الله» ويزج لبنان بها تجاه المملكة والدول العربية. إذ قال نادال رداً على سؤال: «في مواجهة المخاطر المحدقة التي يواجهها لبنان بسبب الظرف الإقليمي غير المستقر، تتشبث فرنسا بمساعدة السلطات والقوات المسلحة اللبنانية، ويشكل عقد «دوناس» (الهبة السعودية للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار) جواباً على الحاجات الراهنة للقوات المسلحة اللبنانية، وهذا يقتضي حواراً مع السلطات السعودية، وهو ما نشارك فيه»، متمنياً «أن يُنفذ هذا العقد لمصلحة أمن لبنان»، ومؤكداً أنّ فرنسا لديها «حوار وثيق مع لبنان والمملكة العربية السعودية حول هذا الموضوع».