كلّف نواب الأمّة اللبنانية دولة الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة بأكثرية مطلقة وملفتة فاقت بعددها ما ناله فخامة الرئيس العماد ميشال عون من أصوات في الانتخابات الرئاسية.
ولنيل هذا الكمّ الهائل من الأصوات معانٍ كثيرة لجهة انطلاق العهد الحكومي برئاسة الحريري بقوة وثبات والتأسيس للمرحلة القادمة.
بري والصوت النوعي:
ويُعتبر موقف الرئيس نبيه بري وكتلته النيابية أبرز الأصوات الذي حققها الحريري وطمأنته حاليا باعتبار أنّ بري كان قد أخذ مواقف تصعيدية قبل انتخاب ميشال عون وهدّد بالانتقال إلى المعارضة.
لذلك فإنّ موقف بري يُعدّ أولى مفاجآت العهد الجديد لجهة تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس الحكومة.
ولا بدّ هنا من التركيز على أهمية أصوات كتلة حركة أمل لصالح الحريري فهي بالدرجة الأولى ليست مسألة عدديّة كون الحريري كان سيفوز بها أو من دونها بل هي مسألة ميثاقية بالدرجة الأولى أعطت الحريري غطاءً شيعيًا لحكومته على رغم تمنّع حزب الله من تسمية الحريري الذي سبق وأعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله عن عدم تمنّعه لترؤّسه الحكومة الجديدة.
وعليه فالحريري أمّن انطلاقة ميثاقية لحكومته قد تسهّل عملية التأليف لاحقا.
بداية جديدة:
وبعد التكليف دعا الحريري إلى تناسي الماضي وتحييد لبنان عن مشاكل المنطقة والاستفادة من هذه الفرصة التاريخية لتسهيل العهد الجديد وهي دعوة مدحها السيد نصر الله بطريقة غير مباشرة.
وفي نفس الإطار تأتي حركة بري الداعية لتسهيل الأمور على العهد الجديد كمحاولة لنسيان كل ما قيل قبل انتخاب عون والتأسيس لحياة سياسية جديدة.
لكن هل من السهل نسيان الماضي في ظل تنامي لغة وزير الخارجية جبران باسيل الاستفزازية ضد الرئيس بري وتحديه ومحاولة فرملة أي مبادرة قد تنتج انفتاحا وعلاقة جديدة ما بين عين التينة وبعبدا؟!
ففي ظل هذه اللغة ستتعقد الأمور أكثر فأكثر وأول من سيدفع الثمن هو الحريري نفسه.
وقد ذهب البعض للقول أنّ تصويت بري للحريري وتكليف الحزب له بالمفاوضات بالشأن الحكومي هدفه عرقلة العهد الجديد وتأخير تشكيل الحكومة والتّعنّت بالمطالبة ببعض الوزارات.
لكن النوايا لا تبدو هكذا خصوصًا أنّ هناك أيضا من يتعنّت بالمطالبة بوزارات سيادية غير حركة أمل كالقوات اللبنانية وهم حلفاء للحريري.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن تأليف الحكومة سيأخذ مساره الطبيعي لجهة المفاوضات لا التعطيل، ولكن مهلة الشهر التي تحدث عنها البعض قبل التأليف قد تكون خيالية نوعا ما إلا إذا أفرج سعد الحريري عن مفاجأة جديدة لتسهيل التأليف من حصّته.
فعلها نبيه بري قَبله، فهل يفعلها هو؟
بقلم رئيس التحرير
إقرأ أيضا : عون رئيسًا، ورقة بيضاء وعهد مضطرب