إنتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الإشكاليات التي تتعرض لها الأمهات والمطلقات من قِبل المحكمة الشرعية الجعفرية، جاء ذلك تضامنًا مع والدة طفل عمره سنتين تدعى فاطمة علي حمزة بعد أن رفضت الخضوع لقرار المحكمة بالتخلي عن حضانة ابنها وتحدّت قرارات المحكمة الجعفرية التي تحرم الأم من طفلها حتى لو كان عمره سنتين.
فاطمة رفضت تسليم ولدها الطفل فقامت المحكمة بحبسها في خطوة نادرة ذات خلفيات تعسّفية من قِبل المحكمة، وبغض النظر عن القضية وملابساتها فإنّ إجراءً من هذا النوع ينطوي على إجحاف كبير بحق المرأة وحقوقها وأمومتها .
يحدّد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سِنّ حضانة الأم لأطفالها بالسنتين للذكر، وما بين السنتين والسبع سنوات بالنسبة للإناث. حيث يُحرم الطفل الذي تخضع حضانته للقضاء الشرعي الجعفري من حضن أمه في العمر المحدّد، ويحدَّد حينها عدد الساعات التي يُتاح فيها للأم مشاهدة ابنها، فيما يَحتكر الوالد الباقي من ساعات حياة الطفل لنفسه.
هنا يظهر التمييز صارخًا في ما يتعلّق بحضانة الأم لأطفالها، ما بين المذاهب في دين إسلامي واحد، وحتى بين المراجع الدينية في المذهب الواحد. بهذا، يُظلم الطفل والأم، من دون أي مبرّرٍ اجتماعي أو نفسي. إذ إنّ الطائفة السنية مثلاً، تحدِّد سن حضانة الأم لطفلها حتى بلوغه الـ 12 عاماً، والمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله، يحدد السن بـ 7 سنوات.
أما المجلس الشيعي فيخضع قضاته إلى الرأي الفقهي للمرجع السيد علي السيستاني. ما يعني أنّ أي قرار صادر عن هذا المجلس يتحتّم عليه أن يلتزم الرأي الفقهي لهذه المرجعية، ما ينعكس مباشرة في مضمون أحكام المحاكم الجعفرية.
هناك رأي آخر للمرجع المرحوم آية الله السيد محمد حسين فضل الله يوضح فيه رجال الدين في مكتبه أن الحضانة يجب أن تبقى للأم حتى عمر السبع سنوات. ويشيرون إلى أنّ هذا العمر يشكل القاعدة الأساسية في المسألة، حيث يمكن أن يزيد عن ذلك بموافقة الوالد، أو في الحالة التي يكون فيها الوالد غير مأمون أو موشوم بعادات سيئة كالسكر وممارسة العلاقات المحرّمة. كذلك الأمر بالنسبة للأم، حيث تُحرم من الحضانة بغض النظر عن العمر اذا وُصمت بالصفات نفسها.
في جميع الأحوال، يعتبر هذا الرأي الفقهي أنه وإن كانت مسألة العمر هي المنطلق الرئيسي في مسألة الحضانة، إلا أنّ مصلحة الطفل وأهلية الوالدين هي مسألة جوهرية لا يمكن تخطيها.
من جديد تعود قضية المحاكم الجعفرية إلى الواجهة على خلفية سجن فاطمة علي حمزة وحرمانها من ولدها وانتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر والاعتصام أمام المجلس الشيعي في بيروت لإدانة الإجراءات بحق فاطمة حمزة ومحاولة تصحيح مسار المحاكم الشرعية الجعفرية تجاه المرأة وإنصافها.